تأثير المحسوبية والمنسوبية على هيكل القيم ونسق العلاقات الاجتماعية
اخلاص داود
2021-06-06 07:23
يأتي النجاح وصعود سلم التعليم والمكانة المرموقة في المجتمع بعد اجتهاد وصبر وتحديات صعبة، وهذه الرحلة المستقيمة تمنح صاحبها التجارب لتسقط الحجر البليد وتبقى الدرر الايجابية من صفاته، وتكسبه معايير صحيحة تحصن حكمه على الاخرين وتزيده تواضعا.
بعد التردي المتواصل في نزاهة إدارة الدولة في جميع مفاصلها، الذي بانت مؤشراته في قطاع التعليم والذي من المفترض ان احد مهامه السعي لعلاج هذا الداء، تزايد نموذج عكس ما قرأناه ورأيناه في اناس تعرفنا بهم وعايشناهم واثروا بنا تاثيرا ايجابيا وكانت صفاتهم الجيدة انتاج رحلة العلم والمعرفة متغرسة ومشعة في سلوكياتهم.
يرجع اهل المعرفة اسبابها، للنجاحات المستحصلة بطرق الواسطات والمعارف والمحسوبية والمنسوبية خلال مسيرتهم العلمية، واستغلال المناصب وشراء الذمم في تعيينه، فاصبحوا ذو مكانة ومنصب وهم في الاعم الاغلب مغرورين متعالين ومتزمتين بقرارتهم.
ويقول علم النفس ان اغلب الذين ينجحون في حياتهم الدراسية او العملية بطرق غير قانونية سيصابون بأمراض نفسية خطيرة مثل الغرور والتعالي، في الحياة الاجتماعية ولكثرتهم في هذا الزمان قلما هناك شخص لم يتعامل معهم فيزعجه تصرفاتهم او يتضرر منهم، فهم يرون احكامهم كلها على جميع امور الحياة هي الصحيحة ولا يحتاجون الى مراجعتها كما يفتح شهيتهم للنقد البناء والهدام لكل ما يرونه ويتعاملون معه ويكونوا جريئين في انتقادهم والجرأة اتية من ثقتهم المبالغ فيها بنفسهم ويبتعدون عن التأني في ردودهم وقرارتهم وسريعي اتخاذ القرار، كذلك يغلقون باب المحاسبة والمراجعة لتصرفاتهم فكل شيء وصل للقمة وحتى قرارتهم التي يتخذونها لا يسمحون لنفسهم بمناقشتها مرة ثانية على اعتبار انهم وصلوا مرحلة من النباغة والدراية لا يحتاج الى المراجعة وتذكر ما فعلوه.
الانسان في طبيعته يصعب عليه ان يعترف بأخطائه خصوصا في وقت حدوثها الا انه يراجع الموقف بسهولة ويسر وصدق وشجاعة ويستطيع ان ينفذ لا فكاره خطوات معالجة للأحداث او الاعتذار وتغيير مسار سلوك او علاقة او انطباع بينما المتعالي المغرور لا يترك الباب موارب بل يغلقه ويبقى مصمما على رائيه اذا تعارضت مصلحته ربما يتراجع او يظهر الندم بشكل تمثيلي غير صادق وحقيقي.
وفي الحياة العملية ساهمت سلوكياتهم في احباط وتحجيم دور الناجحين ومحاربتهم بل والسعي للقضاء عليهم، كما انهم يحيطون انفسهم بالموظفين الضعفاء والقانعين، خصوصا في القطاع الخاص على اختلاف درجاتهم في التقدم والنمو، ولأن الموظف الحكومي تحميه القوانين وتؤمن له الاستمرار ويطبق عليه قانون انضباط موظفي الدولة في حال التقصير بالوجبات او ارتكاب الأخطاء، اسهم عدم خوفهم من المسائلة القانونية لتهاون واهمال الدولة في حماية عمال وموظفي القطاع الخاص، ففتح شهية المتعصبين والمغرورين والمزاجيين من المسؤولين ومدراء الشركات والمؤسسات وارباب العمل للاستغناء عنهم وانهاء خدماتهم بدون اي مقدمات واستخدام الاساليب الملتوية وطرق الضغط لدفعهم لكره العمل وتركه، ويشعر العامل والموظف ان لا امان له فيلجأ الى السكوت والخضوع، وهو ما يلاحظ من خلال ازدياد شكوى الكثير ممن يعمل في القطاع الخاص في الآونة الأخيرة.
هذه النماذج اثرت على هيكل القيم والاخلاق ونسق العلاقات المجتمعية ولها دور كبير في بث ونشر الطبائع السيئة المحفزة للأحقاد والكره والضغينة، وولدت الشك لدى الكثير الأهمية للدرجة العلمية برفع اخلاق الانسان وثمار المصابرة والمشاق للوصول لهذا المستوى، ولتخفيف الضرر الناجم من تأثيرها السلبي على المجتمع، وهو بمثابة بداية الشوط، من الممكن القضاء عليها تدريجيا، من خلال العمل الجاد والمستمر في مكافحة الفساد بكل أشكاله وتطوير العمل المؤسساتي تطبيق لقول (الرجل المناسب في المكان المناسب)، وهو تكليف من هم اختصاص في تولي الوظائف الخاصة والعامة في الدولة.
من المهم معرفة شخصياتهم وعيوبهم واحدى هذه العيوب هو انهم يمثلون قوة الشخصية حتى لا يدرؤوا الضعف عن أنفسهم، ومحاولة تغييره من خلال ردعهم بالتجاهل والتغاضي عنهم واعتبار وجودهم كعدمه، ووضع حدود للعلاقة معهم لتجنب ازعاجهم ومضايقاتهم، وتقليل التعامل معهم في الحدود البسيطة.