شروط المشروع الأسري قبل انعقاد العقد

اخلاص داود

2021-05-30 06:58

المؤسسة الزوجية هي بناء وأنشاء وتوافق، ووضع العلي القدير شروط لديمومتها وضمان سيرها بالمسار الصحيح، في قوله تعالى:﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.

ولهذا يقال انه ليس هناك حياة زوجية سعيدة، بقدر ما هي حياة زوجية ناجحة، فالمتزوجون حين تمر ايامهم الصعبة والمرة بسهولة ويسر فهو دليل على نجاحهم بتذليل العقبات وتسهيل الصعاب، ويرتبط تمكنهم من تجاوز الخلافات بسرعة لقدرتهم العالية على التسامح والتعاطف والتفاهم، وهذه المواقف الايجابية هي بناء متين لإنشاء أسرة متفاهمة ومتوافقة.

ومع ان الجميع يسعى لأدراك الغاية والهدف من مشروع الزواج، ولكن هناك اسباب واخطاء تهدم المودة والرحمة وتعيق نجاح العلاقة الزوجية، سببها الأول عدم الفهم الصحيح لمفهوم الزواج والغايات المنتظرة لتحقيقها منه في الحياة، وغياب النظرة الشاملة لأهميته وصعوبة إدارته.

ويتم التركيز عند اتخاذ قرار الزواج على مصالح وقتية أو رغبات عابرة، في الغالب قياس المرأة هو المال لضمان حياة مريحة، والرجل من أجل جمالها للتمتع، ومنهن تتزوج حتى لا يفوتها القطار، ويتزوج الشاب ربما لنفس السبب أو أسباب أخرى، دون الالتفات لمدى انسجامهم وتقاربهم بالأفكار حول نظرتهم للأمور الاساسية في الحياة ومدى توافقهم للمصالح المشتركة.

فيولد عدم التوافق مشاعر النفور وابتعاد الزوجين أو أحدهما، ويفضي لمشاكل لا حد لها تكون بمثابة تنفيسا منهم عن الخطأ الذي ارتكبوه عند اختيارهم او قبولهم المتسرع بهذا الشريك، عدم الحفاظ على ضوابط الخطوبة واهمها الصدق أصل لكثير من المشاكل الزوجية فيلجأ الكثير للتصنع والتجمل بأفضل الصفات حتى يظن كل منهما أن شريكه بدون عيوب.

وهذه الاعتقادات الخاطئة التي اسسها وبناها كذب احدهم او كلاهما يفقدهم اهم ركيزة تتيح لهم أن يفهما بعضهما البعض وأن يناقشا اعمق وابسط القضايا، ومعرفة تصوراتهم عن الأسرة والمشروع الأسري في فترة الخطوبة، فتظهر خلافات بعد انعقاد العقد وتتوالى المشاكل والحقائق المخبئة الصادمة لهم.

الإحباط الذي يعاني منه الشاب في هذا العصر سبب اخر حين يسمح لأحلامه وتطلعاته تحلق بعيدا عن الواقع وترتبط بقصص ومشاهد بثتها وسائل التواصل الاجتماعي، وحين لا يجد شريك حياته كما رسمه في مخيلته وتمناها تشب المشاجرات والتباغض وتتحول المشاعر الى حقد وكره وضياع المودة والرحمة وجعل العلاقة تتدهور، لذا النظر بجدية والتمييز بين الاحلام والواقع مهم جدا، وتوطين النفس منذ البداية على تقبل حياة زوجية تعتريها المشاكل، وكذلك توطين النفس على تقبل اخطاء وعيوب الشريك واعتبار المشكلة أو المحنة شيئاً طبيعياً لا مهرب منه في الحياة المشتركة.

وتجنب كل هذه الأخطاء لها انعكاسات ايجابية على الصحة الجسدية والنفسية بما فيها الحياة الزوجية، وثمرته الاتزان النفسي، وتقبل صفات الشريك السلبية والتعامل مع اخطائه بصبر وحكمة وسيطرة على المواقف الإنفعالية المتوترة، فلا يتمادى في غضبه ولا يسترسل في لومه وعتابه، كما يبعده عن العناد والمكابرة ويتقبل الأعذار.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا