العوامل الاقتصادية وتداعيات الوشائج الأسرية

اخلاص داود

2021-05-26 06:50

في حياتنا المعاصرة ازدادت التعقيدات التي تهدد العلاقة الزوجية، وتفرعت تداعيات الوشائج الأسرية متأثرة بعوامل مختلفة اهمها العامل الاقتصادي، ويتفق الكثير على إن المشاكل المالية تهز عش الزوجية وتسبب خلافات عادة ما تكون عميقة ودائمة، وترتبط صعوبة توفير المال بزيادة المشاكل التي يثيرها، مما يؤدي الى تراكمها واتساع فجوة الخلاف على متطلبات مستمرة مع استمرار الحياة مثل مصاريف البيت كل شهر واحتياجات الاسرة الشخصية.

مفهوم المشاركة الطوعية

ان عدم تحديد الحقوق المالية العادلة أكثر الأسباب شيوعا بين الزوجين العاملين، فهناك من ترى ان ليس من واجباتها المساهمة في مسؤوليات البيت المالية فيما يعتبر زوجها عدم مساهمتها نوع من الانانية، واختلاف الرأي هذا يسبب مشاكل، منها قد يلجأ الزوج او كلاهما في تجميع مداخيلهم بعيدا عن أعين الشريك.

وهو خطا فادح يضعف الثقة التي تعتبر حجر الأساس لبناء الحياة السليمة، فالمكاشفة الصريحة في جميع القضايا المشتركة ومنها المادية أثر نافع ومن الأمور المثالية لنجاح العلاقة بينهم.

كما ان بعض الزوجات تقع ضحية استغلال الزوج بسبب مفهوم المشاركة المالية المغلوط، حيث تقوم بعض الزوجات بتقديم محصولها المالي لزوجها، فيقوم بتسجيل كل ما يملكونه وهو انتاج جهدهم باسمه مثل بيت سيارة او مشروع ربحي، وفي ساعات الإنفعال والغضب الذي يقترن غالباً بكلام وقرارات ارتجالية غير موفقة تؤدي احيانا الى الانفصال ينكر الزوج حقوقها ويذهب مجهودها هباءا، او بعد وفاة الأب ينكر الاولاد حقها في الملك فتقع في دائرة الندم.

ان المشاركة الطوعية للزوجة لمساعدة زوجها في تدبير امور المنزل يشعر الزوج بالامتنان والفضل ويمده بالسعادة والرضا، بشرط ان يكون اتفاق صحيح وعادل ليجنب الازواج الكثير من المشاكل ولا يفسح الطريق امام الاستغلال من كلا الطرفين.

غياب تنسيق الأهداف

غياب التفاهم الصريح على الأمور المالية منذ بداية الزواج يؤدي لعدم التنسيق بين الأهداف أو المشاركة بالأحلام المستقبلية، فمن أكبر الأخطاء التي يقع فيها ويواجهها المتزوجون في السنوات الأولى من عمر الزواج ان لكل زوج اهداف مادية مختلفة ويسعى لتحقيق أهدافه المالية المستقلة عن الأخر، من المهم التحدث عن كل الأهداف المالية التي يأملون في تحقيقها، فالحرص على التفاهم والاتفاق على كل شيء يمثل عاملا رئيسيا في انجاح الزواج.

التفرد باتخاذ القرارات

في الغالب يتحمل الزوج شكوى وملامة الزوجة لسوء إدارة ميزانية الأسرة باعتباره مسؤول على اتخاذ القرارات المتعلقة بالمال ونفقات الأسرة، خصوصا اذا كانت مواردهم المالية ضعيفة، او يكون احدهم مدخر حريص والأخر منفق، واختلاف التجارب والآراء حول كيفية ادارة الاموال وصرفها يؤدي إلى خلافات عقيمة يصعب حلها وتنغص حياتهم.

يعتمد حل هذه المشاكل على فتح الحوار الصريح والايجابي حول ميزانية العائلة والوصول الى حلول تعالج المشاكل، منها السماح لمن لديه حسن أدارة النفقات المالية للأسرة، باتخاذ القرارات وعدم تفرد أحد الشريكين.

اختلاف الآراء

كذلك اختلاف الأفكار حول المال سبب اخر للخلافات الزوجية فمنهم من يرى ان المال هو منبع السعادة وديمومتها، فيما يرى شريكه ان المال يأتي بسعادة جزئية ويسهم في استقرار نفسي ولكن هناك مصادر للسعادة اهم واعمق وهي شكر الله بقناعة ورضا للنعم الصغيرة والكبيرة، ولتصرف كلٌ منهم وفق مبدئه تظهر جليا في التعامل وادارة امور الحياة جميعها فتعكس مستويات عميقة من الخلافات.

ومفتاح الحل: يكمن في عدد من الشروط تسهم وتساعد في تذليل هذه المشاكل والتوصل لحلول ترضي الطرفين اولها واهمها هو الاتفاق قبل الزواج في فترة الخطوبة والمكاشفة الصريحة لمفهوم المال وادراته لدى الطرفين، كذلك ثقافة الحوار تلعب دورا مهما في حل هذه المشاكل، ويتحقق ذلك بالسماح لكل طرف بالحديث والاستماع بإصغاء ومعرفة الحالة والإقرار بها والمساهمة في المساعدة والتعاطف معه، ومحاولة الابتعاد عن الانانية التي يصاب بها البعض، ورفع حس المسؤولية لتفهم وضع واحتياج الاخر، واتباع قاعدة أبي الدرداء إذ قال لامرأته: "إذا رأيتك غضبت ترضيتك وإذا رأيتني غضبت فترضيني وإلا لم نصطحب".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي