الحفاظ على لغاتنا الأم مسؤولية وطنية
في اليوم الدولي للغة الأم
زاهر الزبيدي
2016-02-21 11:20
الحادي والعشرون من شباط، هو اليوم الدولي للغة الأم ـ وفيه نتساءل هل تم الاحتفال بهذا اليوم رسمياً في العراق من قبل المؤسسات الثقافية واتحادات الأدباء والكتاب والنقابات الصحفية؟ أم مر عابراً كما هي بقية الايام الأممية؟ وهل أنتبه احد الى رسالة المديرة العامة لليونسكو السيدة إيرينا بوكوفا بمناسبة هذا اليوم؟
لقد كانت رسالة معبرة بحق عن أهمية التنوع اللغوي وضرورة الحفاظ عليه إذا ما أردنا الحفاظ على تنوعنا القومي الجميل، لقد دفعت السيدة بوكوفا برسالتها الى أهمية اللغات الأم للتعليم الجيد والتنوع اللغوي من اجل المضي قدماً في تنفيذ خطة التنمية المستدامة حتى 2030، ومنها لتحقيق أهم شروط العدالة الاجتماعية في الحفاظ على كل اللغات في البلدان ومكافحة كل عناصر فقدانها وإضمحلالها.
"التعليم الجيدة ولغة (أو لغات) التدريس ونتائج التعلم" هو شعار اليوم الدولي لهذا العام ـ مركزاً على أهم أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 في التعليم الجيد والتعلُّم مدى الحياة للجميع سعياً إلى تمكين الناس كافة، رجالاً ونساءً، من اكتساب المهارات والمعارف والقيم اللازمة لتحقيق كل تطلعاتهم والمشاركة في حياة مجتمعاتهم على أكمل وجه، وكلنا أمل في إمكانية الاستفادة القصوى من إطار العمل الخاص بالتعليم حتى عام 2030 الذي أعدته اليونسكو، وهو ما يُعد بمثابة خارطة طريق لتنفيذ جدول أعمال التعليم، الذي يشجع على احترام استخدام اللغة الأم في التدريس والتعلُّم احتراماً تاماً، وعلى صون التنوع اللغوي وتعزيزه.
نعاني بقوة من نظامنا التعليمي، قد يكون التطبيق هو السبب، فقد نمتلك خططاً وستراتيجيات كاملة لإنضاجه وإدارته على أكمل وجه ولكننا نفتقر الى أدوات التطبيق المتمثلة بالمُلقي والمتلقي، وكلاهما يتحملان الوزر الاكبر في عدم حصول أبنائنا على أقصى درجات الاهتمام في مجال التعليم.
مع إحتياج وطننا الى مئات الآلاف من المدارس وغيرها من المعدات الضرورية في عملية التعليم، نحن بحاجة الى إعادة النظر بنوع الوحدة التعليمية، المدرسة، أن نعيد النظر حتى بهياكلها الكونكريتية لتتناسب والتنوع العالمي الكبير في مجال التعليم، والمدارس هي أحد أهم مرتكزات تعميق دور اللغة الام وتطويرها يما يكفل تعزيز مكانة اللغة واللغات الأم في مجال التربية والتعليم فهي أهم أدوات نقل المعرفة وتكوين مجتمعاتها.
ليس من الصحيح أن يتم إهمال اللغة أو إهمال إحتفالياتها المهمة، لكون صمودها كل تلك القرون من الزمن يمثل قدرتها على الثبات فلدينا كتاب الله، القرآن الكريم، هو أكثر أسباب بقاء اللغة العربية ثابته وبدونه أعتقد أن اللغة قد شابت مفرداتها الكثير من المفردات الغريبة على مدى تلك القرون من مداهمات الإستعمار وما داهمها من إهمالاً محلياً دون أي محاولات جادة في الحفاظ عليها.
كذلك فإن لدينا لغة أم أخرى أقرها الدستور العراقي، هي اللغة الكردية، ولغات اخرى كرمها الدستور كما اللغة العربية في المادة (4): اولاً: اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم ابنائهم باللغة الام كالتركمانية، والسريانية، والارمنية، في المؤسسات التعليمية الحكومية، وفقاً للضوابط التربوية، كذلك سمح الدستور في رابعاً: اللغة التركمانية واللغة السريانية لغتان رسميتان أخريان في الوحدات الادارية التي يشكلون فيها كثافةً سكانية، والمادة خامساً: لكل اقليمٍ او محافظةٍ اتخاذ اية لغة محلية اخرى، لغةً رسمية اضافية، اذا اقرت غالبية سكانها ذلك باستفتاء عام.
علينا أن نحسن إحترامنا للغات أبناء شعبنا وهي وسيلة مهمة من وسائل التواصل والتفاهم وعقد التلاحم الدائم للوطن ونبذ فرقته، علينا أن لا نبخس العطاء للغات الأم وحتى تلك اللغات للأقليات أن نقدم لها مثلما تقدم هي لنا من وسائل الحفاظ عليها وديمومتها ونفرد التكريم والاحترام لأولئك المفكرين ممن عملوا في مجال اللغة وركزوا دعائم ثباتها الدائم من كل القوميات وأن لا تنسى جهودهم الجبارة وأن ندرك ما فاتنا في هذا المجال لنمنح الاخرين أملاً كبيراً بأن هناك من يرعاهم ويرعى عملهم الجبار.
يجب أن تكون إحتفالياتنا محطات دراسة مستفيضة لما تم عمله خلال عام من العمل في مجال اللغة وتطويرها وأن تكون تلك الاحتفاليات مركزاً علمياً وأدبياً يتم فيه دراسة البحوث اللغوية واستكشافاتها، ففي رقبتنا دين كبير للغاتنا الجميلة علينا رده بأسرع وقت ممكن.