زيارة السوداني إلى أربيل: مسعى لحلف استراتيجي وتحد للإطار التنسيقي

مصطفى ملا هذال

2025-11-25 04:47

يبدو ان الاجتماع الذي جمع قيادات الإطار التنسيقي بضمنهم السوادني لم يعطي رسالة اطمئنان لرئيس الحكومة الحالية، ما دفعه الى التوجه نحو أربيل هذه الوجهة التي يقصدها كل من يسعى للظفر بولاية ثانية، فهل يمكن ان تترجم هذه الزيارة بتحد للإطار ام سعي مشروع؟

لم يكن الهدف المعلن للزيارة يختلف عن الأهداف السابقة للكثير من الزيارات التي يجريها رؤساء الحكومات السابقة وهو تعزيز التواصل بين بغداد وأربيل، لكن الهدف المخفي هو للتنسيق وكسب ود حكومة الإقليم الذي يمكن ان يكون سفينة النجاة، بعد تلميح قوى الإطار بإطلاق أمواج التغيير الحكومي القادمة.

السوداني وفي تصريحات جانبية اكد ان الزيارة ستتضمن مناقشة بعض القضايا العالقة، لكن وبحسب المصادر المطلعة، فان الزيارة جاءت لبحث إمكانية التحالف على مستوى تشكيل الحكومة المقبلة، في وقت تشهد الساحة الشيعية منافسة شديدة حول من سيمسك بزمام السلطة التنفيذية.

ومن بين الموضوعات التي بحثها الجانبان، ملف التعداد السكاني، الذي لطالما كان نقطة الخلاف بين بغداد وأربيل، وكذلك مسألة الرواتب والتمويل، وكذلك استئناف تصدير النفط من كردستان، لكن قد تكون هذه المحاور ليس القضية الرئيسية او المحاور المهمة التي اوجبت الزيارة، بل هنالك هدف أكبر.

فالهدف الأكبر مرتبط بوضع خارطة أوسع؛ لتشكيل تحالف قوي على المستوى الوطني، اذ تشير جميع المعطيات الى أن السوداني يستهدف من خلال هذا التقارب مع القوى الكردية بناء جبهة دعم واسعة تسمح له بتكوين حكومة ذات موثوقية وتمثيل قوي، خصوصا في ظل الخلافات المحتدمة داخل الإطار التنسيقي الشيعي.

لا سيما وان الإطار التنسيقي اعلن بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، اعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان، وهي خطوة تشكل أرضية لتسمية مرشح الحكومة القادم، بينما شدد على التزامه بالمسارات الدستورية وتوقيتات الاستحقاقات، معتبرا نفسه الأقدر على قيادة الحكومة الجديدة. 

في المقابل السوداني يرى ان التقارب مع الإقليم الكردي قد يمنحه ثقلا سياسيا إضافيا يساهم في تحجيم نفوذ بعض الأجنحة داخل الإطار التنسيقي التي قد لا تفضله رئيسا للحكومة مرة أخرى، أو قد تسعى إلى إعادة توزيع الأدوار.

ما يجعل زيارة أربيل ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للسوداني، تتمثل في إنها تشكل جزءًا من مواجهة سياسية واضحة ضد الإطار التنسيقي، الذي يرى بعض المراقبين أنه يحاول تأكيد هيمنته عبر تكوين حكومة أغلبية مريحة. 

بينما ربط السوداني خطواته مع الإقليم الكردي بطموح أكبر، إما أن يبني تحالفا يخترقه الإطار أو أن يشكل بديلا قويا داخل المنظومة الشيعية، وهذا يعطي زيارته لأربيل طابعا استراتيجيا لا يقتصر على الملفات التقليدية بين بغداد وأربيل.

رغم الطموح الاستراتيجي، أمام السوداني عوائق واضحة، فمن المؤكد ان تشكيل الحكومة بعد الانتخابات سيكون معقدا ويستغرق وقتا طويلا، خاصة في ظل التوازنات الهشة بين الأحزاب الشيعية والسنية والكردية.

كما أن الإطار التنسيقي، على الرغم من تصريحاته بالمرجعية والدور المركزي في العملية السياسية، يواجه تحديات داخلية، هنالك تنافس بين أجنحة داخله، وبين القيادات الشيعية حول من يكون الزعامة الحقيقية والإدارة التنفيذية. 

اهم الرسائل التي يريد السوداني إيصالها من خلال زيارته لأربيل، هي انه قادر على بناء شراكات سياسية، لتكوين جبهة وطنية قوية، تواجه او تحد من هيمنة الإطار الدائمة على ملف تشكيل الحكومة في الدورات السابقة، كما تشي بأنه ليس معزولا داخل المكون الشيعي، وأنه قادر على خلق بديل من خارج القواعد التقليدية.

زيارة السوداني إلى أربيل ليست مجرد زيارة تكاملية بين بغداد وأربيل، بل هي خطوة محسوبة على رقعة الشطرنج الوطني، تؤكد سعيه لبناء تحالف مع حكومة الإقليم، لرسم استراتيجية بديلة لمواجهة الإطار التنسيقي، ومحاولة تشكيل حكومة قوية بقاعدة تمثيلية واسعة، لكن التحديات ليست بسيطة، إذ إن التوازنات السياسية بعد الانتخابات المعقدة قد تجعل تحقيق هذا الطموح اختبارا حقيقيا لقدرة السوداني على المناورة وتحقيق توافق فعلي.

ذات صلة

متى تتلاشى الأفكار؟فاطمة الزهراء صورة الجمال الذي لم يُخلق له نظيرحكومة ما بعد انتخابات 2025الاسرة وتحديات العالم الافتراضيالعلامة التجارية الشخصية وأهميتها في عام 2026