هل تنصف الدورة البرلمانية المقبلة المرأة… أم تعيد إنتاج الإهمال؟

انوار داود الخفاجي

2025-11-19 03:52

مع اقتراب تشكيل البرلمان العراقي الجديد، تتجدد الأسئلة الكبرى حول موقع المرأة في العملية التشريعية، وهل سيتمكن المجلس المقبل من تلبية طموحاتها وحماية حقوقها عبر قوانين واضحة وحاسمة. ورغم أن العراق يمتلك قاعدة نسوية واسعة في المجتمع وفي ميادين العمل والجامعات والمنظمات، إلا أن حضور المرأة في التشريع لا يزال متذبذباً، يواجهه إرث طويل من التهميش ونظام سياسي لا يمنح النساء المساحة التي يستحقنها.

أولى التحديات تبدأ داخل المؤسسة التشريعية نفسها، فوجود الكوتا لم يضمن بالضرورة تأثيراً فعّالاً للنائبات. الكثير من التجارب السابقة أثبتت أن وصول المرأة إلى البرلمان لا يعني قدرتها على فرض أجندة تشريعية داعمة للنساء، ما دام النظام السياسي يهيمن عليه الذكور ويحتكرون مفاصل القرار داخل الكتل. هنا يُطرح السؤال الجوهري هل سيختلف البرلمان القادم؟ وهل سيتمكن من خلق مساحة حقيقية لصوت المرأة في التشريع، بعيداً عن التمثيل الشكلي؟

طموحات المرأة العراقية اليوم تتجاوز حضورها العددي، فهي تطالب بحزمة قوانين تتعلق بالحماية من العنف الأسري، وتنظيم حقوق العمل، ومنع التمييز، وحماية الفتيات في المدارس والجامعات، إضافة إلى تشريعات تدعم المرأة المعيلة وتضمن مساواتها في مواقع القرار. هذه الملفات ليست رفاهية سياسية، بل ضرورة اجتماعية واقتصادية لضمان مجتمع أكثر استقراراً وقدرة على مواجهة تحديات البطالة، الفقر، والتحولات الاجتماعية.

ومن بين المطالب التي برزت بقوة مؤخراً، هو إنشاء وزارة للمرأة تكون جهة حكومية مركزية مسؤولة عن صياغة السياسات المتعلقة بها، وتقديم مقترحات القوانين، ومراقبة تنفيذ المؤسسات لخطط تمكين النساء. هذا المقترح ليس جديداً فقد تمت مناقشته في أكثر من دورة، لكنه لم يحظَ بالإرادة السياسية الكافية. ومع ذلك، فإن الظروف الحالية قد تجعل هذا المطلب أكثر قابلية للتحقيق، خاصة مع تزايد الحراك النسوي واعتماد الكثير من الدول العربية والإقليمية وزارات أو مجالس عليا للمرأة أثبتت فعاليتها في تحسين واقعها.

إمكانية تشريع وزارة المرأة ترتبط بثلاثة عوامل رئيسية؛ أولاً، وجود كتلة برلمانية مؤمنة بحقوق المرأة وتضع هذا المطلب ضمن أولوياتها، بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة.

ثانياً، ضغط المجتمع المدني ومنظمات المرأة لدفع هذا المشروع باتجاه الإقرار، وتحويله إلى مطلب اجتماعي لا يمكن تجاهله.

ثالثاً، قناعة الحكومة المقبلة بأن تمكين المرأة ليس عبئاً مالياً أو شكلياً، بل خطوة إصلاحية تسهم في خفض نسب العنف، وزيادة الإنتاجية، وتحسين مؤشرات التنمية.

البرلمان القادم أمام اختبار تاريخي إما أن يكون مجلساً يعيد تدوير ذات السياسات التي تجاهلت واقع المرأة لعقود، أو يتحول إلى منصة حقيقية لتمكين نصف المجتمع، وإطلاق مسلسل إصلاح تشريعي طويل وحقيقي. والمرأة العراقية بما تملكه من كفاءة وشجاعة وصمود تستحق أكثر من الوعود إنها بحاجة إلى مؤسسات وقوانين تمثلها وتحميها وتفتح أمامها الطريق لتكون شريكاً كاملاً في بناء الدولة.

ختاما هل سيستجيب البرلمان الجديد؟ أم سيبقى السؤال معلّقاً بين الطموح والواقع؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.

ذات صلة

مركز المستقبل ناقش.. الانتخابات في العراق والاغتراب الوطنيقراءة في المخاطبات الحكومية: منظمات المجتمع المدني في العراق بين الحوكمة والقيودمن يقود الوعي الانتخابي؟كيف تهزم المعصية بخمس كلمات؟انتخابات غير عادية في العراق تتيح للولايات المتحدة فرصة غير عادية