الانتخابات وبناء دولة المواطنة

وجدان عبد العزيز

2025-11-04 04:30

لو ادركنا ماهية المواطنة، لوجدنا امامنا ميزان عدالة يتمثل بعضوية الفرد لذلك البلد، وما يتمتع به من امتيازات، هذه كفة، أما الكفة الثانية التي تعادل ميزان المواطنة، فهي الالتزامات المفروضة على الفرد، اي الفرد وميزان الحقوق والواجبات، وهذا يحيلنا الى قيام الدولة الحديثة، التي تُبنى على مبدأ المساواة الكاملة بين جميع مواطنيها، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، وتسمى دولة المواطنة، والشاغل لهذه الدولة، هو إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، بحيث لا تشغلهم هموم الذات عن أمور الصالح العام. 

وهذا يؤدي الى التفاف الناس حول مصالح وغايات مشتركة، بما يؤسس للتعاون والتكامل والعمل الجماعي المشترك، اذن قيمة المواطن والمواطنة، هي الاسمى في خلق علاقة تواصلية بين الشعب والسلطة، ولاسيما في الدول الديمقراطية، حيث تحولت فيها بوصلة بناء مجتمع مؤسساتي مدني على اساس المواطنة، كونها تُشكل عضوية فاعلة، تعكس حق التمثل للجماعة، او لعدة جماعات من خلال الانتخاب الحر النزيه، لتلك الشخصية، او هذه، وعلى أساس بناء قاعدة الحوار وفق اسس دستورية. 

لكن ما يحدث عندنا في العراق من هوس ولهاث في تأسيس الأحزاب والحركات قُبيل الانتخابات، مما يخلق فوضى البرامج وتشابه المعطيات، وهذا لا يعكس روح المواطنة، التي تتجلى في بناء مؤسسات دستورية مدنية، ونعتقد هو لهاث وراء السلطة ومغرياتها، لذا نجد ولادة الحكومة التي تخرج من رحم الانتخابات بهذه الكيفية. 

قد توقفت برامجها على الأوراق والإعلانات السياسية، فالمشكلة يجب تكون البرامج واقعية تحمل روح المواطنة، اي انها تحمل هموم الوطن واحتياجات المواطن، ورافضة للمصالح الشخصية الضيقة، التي تحمل عقدة التمسك بالسلطة ضمن الأفكار الدكتاتورية والمصالح الذاتية، والتعكز على الطائفية والقومية بعيدا عن المواطنة وبناء دولة المؤسسات، والابتعاد عن الخروقات الدستورية والتي لاحظناها طوال فترة الحكومات السابقة. 

مما خلق دعوة للمواطن ان يركن الى البيت والجلوس وعدم الخروج الى الانتخابات، لكن دعوة العقلاء والحريصين على الوطن وتجربته الديمقراطية الفتية، تركز على تفويت الفرصة والخروج الى الانتخابات والاختيار الحر للشخصية، التي يُتوسم بها البناء والأعمار. 

وقد اقترب زمن سقوط السياسيين الفاسدين، ومعاقبتهم والقضاء على آفة الفساد، مثلما قضينا على آفة الإرهاب وإعادة إحياء الضمير الأخلاقي والوطني، فنحن بحاجة الى سيادة القيم الأخلاقية، التي تحدد السلوك الانتخابي الإنساني ومن خلالها، أي القيم الأخلاقية ـ يتم الحكم على الافعال، فلابد من استعمال لغة تستوعب هذه القيم وإيصالها للمتلقي بصدق وثقة، بحيث تكون فعلا وسلوكا، وتكون اللغة معبرة عن هوية الفرد والمجتمع، ومتناغمة مع البناء النفسي والاجتماعي لقضية الانتخابات، لأنها تحدد مصير البناء الديمقراطي. 

فالانتخابات يجب ان تقوم على اساس الاختيار الصحيح، ومؤكد الاختيار الصحيح في الانتخابات يعزز قدرة الحكومة القادمة على الضرب بقوة القانون على ايدي الفاسدين والمخربين، المرتدين جلباب الاديمقراطية، وهم بعيدون كل البعد عن الوطن والوطنية، التي تكرسهما الديمقراطية، وهكذا قد ضمنا جميع موطنينا دخولهم تحت خيمة الوطن بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والطائفية والقومية، واستنادا للمادة الدستورية المرقمة (14)، التي تقول: (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي).

ذات صلة

الانتخابات في العراق.. من التأثير الإيراني الى الجفاف التركيحماية الفئات الأكثر ضعفاً من الاستغلال الانتخابيمستقبلنا في عالم متغيرإلى البناء التنمويابنوا الأطفال: ستبنى الاوطان