إرادةٌ عراقيَّةٌ وتأريخٌ مشرق
حسين علي الحمداني
2025-10-07 03:45
الثالث من تشرين الأول عام 1932 هو العيد الوطني العراقي المتمثل بانضمام العراق كدولة مستقلة في عصبة الامم المتحدة ليصبح العضو رقم 57 في هذه المنظمة بعد استقلال العراق من الهيمنة البريطانية، ويعد هذا الإنجاز التاريخي ثمرة حية لثورة العشرين، التي مهدت الطريق لتأسيس الدولة العراقية بعد عام واحد من اندلاعها. لذا كان اعتراف العالم بالعراق كدولة مستقلة مؤشرا قوياً على اكتمال أركان الدولة في العراق وأهمها بالتأكيد السيادة ووجود حكومة شرعية تحكم البلد والأهم وجود شعب عريق تمكن من نيل الاستقلال بزمن قياسي جداً إذا ما نظرنا للكثير من الدول، التي كانت محتلة سواء من قبل بريطانيا أو فرنسا بحكم تقاسمهما إرث الدولة العثمانية، التي هُزمت في الحرب العالمية الأولى وباتت ولاياتها المتعددة تحت سيطرة دول الاستعمار الكبرى ممثلة بشكل كبير ببريطانية وفرنسا.
إن تحديد هذا اليوم للعيد الوطني العراقي تأخر كثيرا في فترة الأنظمة السابقة، التي حاولت إلغاءه وجعلت من أيام أخرى بديلة عنه ومرتبطة بها مثل يوم 17 تموز 1968 الذي كان يُحتفل به كعيد وطني، وهو تزييف للتاريخ حيث إن الدولة العراقية الحديثة تأسست في 23 آب 1921 بتتويج الملك فيصل الأول كأحد نتائج ثورة العشرين كما أشرنا، وبالتالي فإن نضال الشعب العراقي وثوراته وانتفاضاته المستمرة ضد الاستعمار البريطاني مهد الطريق، لأن ينال العراق استقلاله الكامل ويحمل ملف حريته إلى عصبة الأمم المتحدة ليكون الدولة رقم 57 المعترف بها من قبل العالم. لذا عندما شُرعت مناسبة 3 تشرين الأول عيداً وطنياً ما هي إلا استرداد الحق الشرعي والتاريخي لهذا اليوم الخالد في تاريخ العراق.
ومن يقرأ تاريخ العراق جيداً سيجد أن الشعب العراقي ناضل من أجل الاستقلال وناله بعد 11 سنة من الكفاح امتدت من عام 1921 ولادة وتأسيس المملكة العراقية وصولاً إلى 3 تشرين الأول 1932 عبر الاعتراف الدولي بهذه الدولة التي كان لها دورٌ كبيرٌ فيما بعد الاعتراف بها بحكم السياسة الخارجية الناجحة وشبكة العلاقات الدولية الواسعة وحرص الحكومات العراقية آنذاك على وحدة العراق أرضًا وشعباً جعلها من الدول القليلة في المنطقة أن تلتزم الحياد في الحرب العالمية الثانية، وتجنب العراق الانخراط في سياسة المحاور والتحالفات العسكرية والتبعية لهذا الطرف الدولي أو ذاك ما جعلها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة التي جاءت بعد إلغاء عصبة الأمم كنتيجة للحرب العالمية الثانية وبروز قوى جديدة ورؤى هي الأخرى جديدة.
هذا ما كان يتحقق لولا يوم 3 تشرين الأول وما حصل فيه من اعتراف عالمي بدولة العراق، مما جعل له مكانة كبيرة في المؤسسات الدولية .
العراق الآن وبعد 93 سنة من الاستقلال يخطو بثبات كبير، لأن يكون دولة فاعلة ليس في محيطه العربي والإقليمي، بل مع العالم بأسره عبر شراكات متعددة مع أوروبا وأمريكا والصين وروسيا ودول المنطقة وهذه الشراكات ذات أبعاد تنموية واقتصادية من جهة، ومن جهة ثانية يسعى العراق لتعزيز أمن المنطقة واستقرارها خاصة أن الشعب العراق وقواته المسلحة بكل صنوفها ومسمياتها خاضت معركة التصدي للإرهاب ونجحت في تحقيق النصر الحاسم على هذه القوى الشريرة مما جعل العراق محل اهتمام المجتمع الدولي، ما حدا بالكثير من هذه الدول أن تجد في العراق أرضا خصبة للاستثمارات في مختلف المجالات.