الاحزاب وايدلوجية التغيير: العراق انموذجا

محمد الكعبي

2025-09-13 05:16

بعد انهيار النظام السياسي في العراق عام ٢٠٠٣ من قبل قوات الاحتلال الأميركي وبمشاركة حلفائها وصلت احزاب وتيارات للسلطة كان لها الدور في الكثير من التغيرات التي طرأت على العراق ومنحها السلطة وقيادة المرحلة الأولى للعراق فساهمت في تشكيل الحكومات المتعاقبة والتي كانت حكرا عليها وادارة ملف البلاد.

حيث انها لم تكن موفقة في أدائها لأسباب كثيرة منها ما هو داخلي ومنها خارجي ومنها ما كان متعلقا بنفس هذه الاحزاب وخططها وطرق عملها وأيديولوجياتها وطريقة تعاطيها مع المتغيرات والتي لا تنسجم مع تطلعات الشعب العراقي وآماله وأحلامه وقد تكون التجربة أكبر من حجمها وربما عدم وجود رؤية لبعض الاحزاب والقيادات السياسية مما اربك الوضع وعقد المشهد، ووصول تلك الاحزاب إلى السلطة فرصة صعب تكرارها، وقد كانت هناك إخفاقات كثيرة وكبيرة ومخيبة للآمال.

وعلى الرغم من كل هذا فإن تلك الاحزاب لم تعمل ولم تحاول ان تتعامل مع الواقع الجديد برؤية جديدة وبعقلية رجال دولة، بل بقيت متمسكة بمنهجها وطريقة عملها المتدني الفاشل، بل حتى بشخصياتها السياسية، ما جعل موقفها صعبا جدا وأفقدها الكثير من رصيدها الجماهيري وحظوظها المستقبلية، وخصوصا بعدما وصل الامر الى تفشي الفساد والمحاصصة والمحسوبية وانتشار السلاح المنفلت والتهديد والتخوين واقصاء الكفاءات الوطنية والعلمية.  

وقد أدركت تلك الاحزاب انها أحد الأسباب الرئيسية لاغلب المشاكل والاخفاقات في العراق وان أدائها لم يكن يوما بمستوى الطموح، وبعد كل هذه التراكمات وسنوات الانتظار على امل التغيير أو الاصلاح أو صحوة الضمير لم يكن للشارع الا ان يسئم منها وينفر من تصرفاتها وهو ما سيكون السبب الاساسي لفقدان جماهيرها وشعبيتها التي لم تكن لتكسبها الا بالشعارات الكاذبة متسلقة على الدين تارة وعلى الوطنية اخرى ورهانها على الجزء غير الواعي من عقول بعض الناس تارة ثالثة.

إن موقف تلك الاحزاب اليوم حرج جدا وخصوصا بعد الارهاصات الاخيرة التي مر بها البلد وهو ما يتطلب منهم عملا مضاعفا ومتقنا وبشكل مختلف وأكثر ايجابية، قد تكون هناك معوقات وصعوبات ومشاكل متراكمة تحتاج إلى رؤية وتفكير جاد ينسجم مع حجم تلك الصعوبات وتلك المشاكل وكل هذا يحتاج إلى بناء جسور صادقة من التواصل الاجتماعي والسياسي مع المجتمع. 

وعلى الرغم من انه لا يمكن إنكار أن هناك مؤثرات داخلية وخارجية تحاول ارباك العمل الحكومي لكن هذا لا يمنع من الوصول إلى مستويات كبيرة من البناء والتنمية ومحاربة الفساد ومعالجة اخطاء الحكومات السابقة على ان كل هذا ممكن وربما كان سهلا ايضا ولكن بشرط واحد هو وجود نية صادقة للتغيير للعمل نحو الانجح والافضل وهو ما يحتاج إلى تكاتف الجهود ووضع البرامج والاليات والخطط والافكار الناجحة وكذلك العمل جنبا إلى جنب مع شركاء الوطن بدون تهميش واقصاء وان يصارحوا جمهورهم وترك نظرية المقدس التي اصبحت مستهلكة ولا قيمة لها بين ابناء الشعب العراقي الذي سئم تسييس الدين وجعله جسرا لأهداف شخصية.

ولا ننسى ايضا ترك لغة السلاح والتهديد والتخوين ولي الاذرع والاستقواء السياسي، وفرض الارادات وعليهم العمل بروح الفريق الواحد وتحقيق منجز ملموس يحاكي حاجة المجتمع. ان الجماهير تريد مستشفى يلبي حاجاتها ومنازل تسكنها وكهرباء تنير بيوتها وشوارعها واحيائها وفرص عمل لأبنائها وقبل كل هذا يريد المواطن ان يشعر انه في بلده ووطنه، محفوظ الكرامة، محترم الشخصية والحقوق وعنده قانون يحميه من العصابات والخارجين عن القانون. العراق يستحق الكثير فانه غني ويملك مقومات النهوض.

الدول تتسابق لتقديم الافضل والاحسن لأبنائها لكننا لم نر في هذا البلد الا العكس.. لابد من وضع خطط ورسم سياسات ناجعة ونافعة وعملية، وترك الشعارات بل على الجميع العمل بعقلية الدولة لا بعقلية الحزب او الشخص وهو ما نتمناه، هناك بصيص أمل يزيح عنا تعب الماضي ويرسم ابتسامة الفرح في وجوهنا وليس ذلك ببعيد على وطن مثل العراق.

ذات صلة

مشكلة الثقافة بين مالك بن نبي والإمام الشيرازيقانون تعديل قانون الأحوال الشخصية لا يسري على الوقائع السابقة على نفاذهعندما تقصف إسرائيل حليفًا للولايات المتحدة وتغض واشنطن الطرفمتى نتجاوز حدود الحرية؟مقتل تشارلي كيرك ودلالات العنف المتصاعد بين اليمين واليسار