أخبارٌ اجتماعيَّةٌ بنكهة سياسيَّة

عبد الامير المجر

2025-08-25 05:13

في كتابه الموسوم (بيروسترويكا غورباتشوف.. نقد وتحليل)على ما اتذكر، ان لم يكن كتابه الآخر (الى العظيم غورباتشوف.. تحية ورجاء)، اللذين قرأتهما في تسعينات القرن الماضي، ينقل المفكر العراقي مسعود محمد، كلاما لزعيم الاتحاد السوفييتي السابق (ميخائيل غورباتشوف) مفاده بالمعنى وليس بالنص؛ ان الاعلام الغربي يتعمّد نقل اخبار سيئة عن بلادي بقصد تشويه صورتها، او ان الاعلام الغربي مغرض وغير نزيه المقاصد تجاه الاتحاد السوفييتي.. ويرد مسعود محمد على قول غورباتشوف هذا بمقاربة يراها مناسبة، وتعكس تجربته الشخصية مع الاعلام الغربي، وخلاصتها؛ ان من يعيش في الغرب ويقرأ وسائل الاعلام اليومية هناك، يقول ان كارثة قد حلت، كون الاعلام لم يترك حادثة، صغيرة كانت او كبيرة الاّ ونشرها. 

ومن هذه المقاربة يذهب المفكر مسعود محمد الى نفي تهمة غورباتشوف للإعلام الغربي، ويرى ما ينشر في الغرب عن الاتحاد السوفيتي أمرا طبيعيا لم يعتده الاعلام في البلدان الشمولية!

هذه المقدمة تصلح هي الأخرى أن تكون مقاربة لموضوع مقالنا هذا، ولعل ما نقصده هو أن من يتابع ما تبثه وتنشره بعض الفضائيات العراقية عن واقع الحياة الاجتماعية في العراق، سيقول إن هذا البلد يعيش كارثة كبرى ويصعب العيش فيه. 

ونحن لا نقول ان العراق يعيش في بحبوحة ونعيم، لكن ما يحدث في العراق من مشكلات اجتماعية أو تصرفات وحالات أخرى غير مقبولة اجتماعيا ومرفوضة، كان يحدث سابقا في العراق وغيره من بلدان العالم، لكنه اليوم بات اكثر وربما اقسى. 

فأغلبنا كان يسمع عن حوادث تحصل سابقا في مناطقنا أو محلاتنا، لكن لم يسمع او يعرف بها أبناء المناطق الأخرى البعيدة نسبيا عنا، كونها لا تعنيهم ولم ينقلها الاعلام لهم.

بلا أدنى شك ان الظروف القاسية التي مرّ بها العراق ومنذ نحو خمسة عقود، استولدت الكثير من التشوهات وصدّعت منظومة القيم الاجتماعية المعروفة وجعلت الكثيرين يرون ان مجتمعنا لم يعد كما كان، وهذه حقيقة، لكن المبالغة في نقل الاخبار ذات الطابع الفردي والتي ليست من قضايا الرأي العام، نراه اليوم في غير صالح الشعب الذي اخذ يتعافى ولو نسبيا، فالكثير من الاخبار التي تتناولها بعض الفضائيات وتعيدها بشكل متكرر، تأتي بردود فعل عكسية، إذ إنها تتحول عند البعض الى عامل احباط وشعور بلا جدوى العيش في العراق، وهذا أمر خطير ينبغي الانتباه اليه.

في عودة الى السيد غورباتشوف وتشكيكه بموضوعية الاعلام الغربي تجاه بلاده، نجد أن في ما يقوله بعض الحقيقة، ولا توجد نيّات طيبة تماما في نقل الاخبار السيئة من الاتحاد السوفيتي والتركيز عليها وقتذاك، وان كانت هذه الاخبار حقيقية وليست مفبركة.

ونقول هنا ايضا، إن التشكيك والاتهامات المتبادلة بين الجهات المالكة لوسائل الاعلام العراقية، يجعل نقل الاخبار ذات الطابع الاجتماعي المثير، كما لو انه فعل موجه من جهة الى اخرى، وبذلك تحولت اغلب وسائل الاعلام عندنا الى خنادق متقابلة بين الجهات المالكة لها والمستفيدة منها، وان نقل بعض الاخبار الاجتماعية والتي تبث بمسحة سياسية مغلفة، بات مدخلا للمناكفات والاتهامات، لاسيما بعد دخول خدمة الموبايل واليوتيوب والفيسبوك وغيرها من وسائل الاتصال التي استخدمت بطريقة غير سليمة، وادخلت في ميادين معارك لا علاقة للناس بها ولا يريدون من احد الترويج لها.. والمؤكد أن الحديث في هذا الأمر يحتاج الى تفصيلات كثيرة.

ذات صلة

الظالمون يُركَسون في الظلاممركز الامام الشيرازي ناقش.. قيم النهضة الحسينية ومواجهة الاغتراب الثقافيلا أستثني أحداًاستبعاد المرشحين: بين الحاجة إلى التنقية وشبهة الإقصاءخيارات إيران الصعبة