روسيا وتركيا احتماليات التصعيد وتداعيات المواقف
علي الطالقاني
2015-11-26 05:03
أظهرت وسائل الاعلام مشاهد للطائرة الحربية الروسية تسقط وهي مشتعلة بالنيران وسط الغابات. وقالت تركيا إن الطائرة انتهكت مجالها الجوي عدة مرات فيما قالت روسيا ان الطائرة كانت تبعد عدة كيلو مترات عن الحدود مع تركيا.
ماهي الاحتماليات التي أدت الى تصاعد حدة التوتر بين البلدين، وهل أن حلف الناتو سيقف مع تركيا بعد أن أعلن دعمه لها؟ في وقت تشهد فيه المنطقة صراعات كبيرة اقتصادية وسياسية وأمنية.
يظهر من خلال دعوة الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الذي دعا إلى "الهدوء ونزع فتيل التوتر" أن الناتو لا يريد التصعيد لكن بنفس الوقت لم يقوم الناتو الى الان بأي اتصالات مع الجانب الروسي الذي بدوره قام بقطع الاتصالات العسكرية مع تركيا. كما أعلنت روسيا بانها ستدمر جميع الأهداف التي ستمثل خطرا محتملا على قاذفاتها، وأنها تموضع منظومة صواريخ "فورت" المضادة للطائرات في ساحل اللاذقية.
احتماليات التصعيد
هناك احتماليات كثيرة ستؤدي الى التصعيد بين الطرفين من أبرز هذه الاحتماليات: في شهر نوفمبر عام 2011 تم الاعتداء بالضرب المبرح على السفير الروسي بشكل عنيف في قطر على يد قوات الأمن بعد أن رفض الكشف عن طرد ديبلوماسي كان بحوزته. وكان من المرجح ان سبب الاعتداء بسبب المساعي التي قطعها من أجل ابرام عدة اتفاقات في مجال الطاقة والاستثمارات بعد وضع اللمسات الأخيرة. السفير الروسي من جهته رجح ان الاعتداء جاء بالتنسيق مع الاستخبارات البريطانية لأفشال مشاريع روسيا.
وهذه المرة جاء الرد عبر تركيا التي ربما اصبحت ضحية الدول المناوئة للسياسة الروسية في المنطقة من أجل ابتزاز الروس، وبالتالي فأن اسقاط الطائرة الروسية جاء من أجل افشال الاتفاقين الغازي والنووي بين روسيا وتركيا حيث اصبحت تركيا هي الممر الوحيد للغاز الروسي الى اوروبا بدلا من أوكرانيا، كما ان تركيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة نصف وارداتها، كما اتفق الجانبان من قبل على بناء مفاعل نووي روسي في تركيا بقيمة 20 مليار دولار.
الاحتمالية الثانية: ترجح الأحداث التاريخية أن نشر القوات الروسية في شبه جزيرة القرم في أوكرانيا سبب ردود فعلية تركية. وهنا كان الاتراك متخوفين جدا من الروس. وتاريخياً خاض الأتراك والروس أكثر من خمسة عشر حربا خرج منها الروس منتصرين. وحتى في حالة تعمد الروس من الطيران فوق الاراضي التركية هل يستوجب من الجانب التركي اسقاط الطائرة؟ أم ان هناك ضغينة ما جعل منها القيام بذلك.
الاحتمالية الثالثة: قد يكون تحليق الطيران الروسي قرب الحدود التركية وتحديدا بالقرب من مقاطعة هاتاي بسبب تواجد نسبة كبيرة من العرب الذين ينتمون للطائفة العلوية التي ينتمي لها الرئيس السوري بشار الأسد وبالتالي كان ذلك بمثابة رسالة وجهها الروس للأتراك من ان العلويين في تركيا قد يتناغمون مع الجهود الروسية في وقوفها مع النظام السوري ضد التنظيمات المتشددة، ومن أجل وضع حد للسلوك التركي تجاه سوريا حينما تدخلت في شؤونها.
الاحتمالية الرابعة: قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة طهران التي وضعت "النقاط على الحروف" من أجل إدارة الصراع في المنطقة. حيث تشهد العلاقات بين الطرفين تطورا بعد اتفاق فيينا النووي مرورا بالملف السوري صعودا الى التعاون الاقتصادي فان كلا البلدين يعتبران من كبار الدول المصدرة للغاز في العالم. وهذه المرة أيضا جاء الرد على روسيا عبر تركيا من أجل ارباك الوضع الروسي.
الاحتمالية الخامسة: ان الهدف الذي كان يستوجب للطائرة الروسية قصفه كان يحتم على الطائرة الروسية قصفه من فوق الاراضي التركية من أجل التمكن من اصابته باتجاه الاراضي السورية، بعيدا عن الاراضي التركية.
خلاصة
بداية ينبغي القول ان الواقعة أثرت بشكل كبير على العلاقات بين الطرفين وسرعان ما تأثرت الأسواق العالمية بشكل عام. إذ تراجعت الليرة التركية وتدهورت أسعار الأسهم في الأسواق الأوروبية والتركية، نظرا لعضوية أنقرة بحلف الناتو، كما تراجع الروبل الروسي الذي يشكو من حالة ضعف.
ان تركيا بحاجة ماسة إلى التخفيف من حدة التوتر فهي بدلا من ان تذهب للناتو كأنها تطلب الحماية، وتثبت العداء بين الجانبين بدل الحوار بين قادة الدولتين الذي يمكن أن يكون مناسبا لإيجاد حل للأزمة قدر المستطاع.
عليها ان تدرس عواقب التصعيد فهناك تحديات الانتشار النووي ومكافحة الجريمة العابرة للحدود، والتبادل التجاري بينها وبين اذربيجان وجورجيا، في وقت اصبحت فيه التجارة مع دول الشرق الأوسط غير مستقرة بسبب الصراعات في سوريا والعراق وخلافاتها مع إيران.
فهي مطالبة بالتراجع من تقديم المعونات العسكرية للمعارضة وللتنظيمات المتشددة في سوريا.
وبالتالي قد تضطر انقرة إلى الاختيار بين تحديها الذي سيكلفها كثيرا وبين ما تقوم به وبالتالي الاعتراف بالهزيمة.