الأواني المستطرقة ولعبة الأمم

مازن صاحب

2024-10-15 05:38

فنون السياسة لإدارة الحكم والحفاظ على مصالح دولة.. حينما تفشل يلجأ الحاكم للحرب كوسيلة اخيرة لتحقيق الأهداف المطلوبة. في عالم اليوم للردع والأجيال الجديدة للأسلحة.. ليس ثمة انتصار بالضربة القاضية بل مجرد نزالات في حلبة مضبوطة الشدة. لذلك هناك عدة مناهج في البحث والتحليل.. منها ما يؤدلج الأحداث ويقف عند منطلقاته العقائدية لتجيير الوقائع بمنهج مع او ضد بلا منطقة رمادية. 

فيما يذهب منهج التحليل الأكاديمي إلى رحاب المعرفة ما بين وقائع كلية واحداث جزئية لتقدير المواقف بمنظومة تحليل SWAT والعمل على فهم حقائق تلك الوقائع بحياد فكري.. وربما بعد ذلك مقاربة نتائج التحليل الكلي وفق المنظور الايديولوجي. 

هكذا هي وقائع تاريخ الشرق الأوسط منذ اتفاقات سايكس بيكو قبل قرن مضى وهكذا هو مقياس لعبة الأمم في تلك الأواني المستطرقة بعد تأسيس الأمم المتحدة والحرب الباردة بما فيها من ردع نووي متبادل وبين ما يحدث اليوم في شرق أوسط يراد ان يكون جديدا وفق المعيار الصهيوني الغربي وما يحدث في غزة وجنوب لبنان وما حدث في اغتيال اسماعيل هنية ومن قبل هذا وذاك.

الغاء الاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة الأمريكية مجرد علامات إعادة تعيين اعدادات الشرق الأوسط الجديد!! محاولة تفكيك مدخلات هذه التساؤلات تتطلب ترتيب الأولويات لعل أبرزها: اولا: تاريخيا هناك الاحتلال الاستيطاني الصهيوني في فلسطين المحتلة عنوان العاطفة السياسية الشعبية عربيا واسلاميا.. سقط هذا العنوان في اتفاقات اوسلو لتأسيس سلطة فلسطينية منزوعة السلاح بموافقة منظمة التحرير الفلسطينية. 

فيما لم يتطابق السلام الرسمي حتى داخل فلسطين ما بين منظمة فتح وجماعة حماس... فكيف يكون خارجها مع تواصل ذات العنجهية العدوانية الصهيونية في اعدادات الشرق الأوسط الجديد ؟؟ 

ثانيا: التحدي الأكبر في معركة الردع لإسرائيل الكبرى عنوانه امتلاك السلاح النووي ولست بصدد تذكر تلك الدقيقتين فوق بغداد لتدمير مفاعلها النووي.. مقابل كل ما حدث منذ احتلال العراق وما يحدث اليوم فقط للخروج من زواية المخاطر وعقوبات أمريكية تمثل الموقف الصهيوني بأن ليس باستطاعة إيران امتلاك القدرات النووية وتكوين زواية الردع لخيار شمشون النووي الإسرائيلي. 

لذلك لم يتوقف نشاط الرئيس الإيراني ومساعده الدكتور ظريف في مباحثات ماراثونية على وقع تبادل اطلاقات الصواريخ في جنوب ولبنان .. لعل وعسى تنتهي طاولة المفاوضات الى حلول تفكك تلك الأواني المستطرقة في لعبة الأمم للشرق الأوسط الجديد. 

ثالثا: ما بين جغرافية الاهداف وحسابات الحقل والبيدر.. الهدف الاستراتيجي الصهيوني يتمثل في قيادة إسرائيل للشرق الأوسط الجديد... وبداية واقعية لاستثمار حقول نفط وغاز شرق المتوسط ما بين مصر وإسرائيل ولبنان وإيصاله إلى القارة العجوز.. أوربا التي تواجه خطأ تاريخيا في الاعتماد على امدادات الطاقة من روسيا بروحها القيصرية المتجددة في الحرب الأوكرانية!! معضلة التحليل العقائدي.. الغاء موضوعية المصالح الوطنية ويعتبر الانصياع لصوت شعارات العقائد اولوية كبرى. 

فيكون هدر سفك الدماء من دون وصول إلى الاهداف العقائدية التي تتعامل باسم المقدس المنظور في واقع سياسي مدنس غير منظور. عكس تحليل المصالح متعددة الأطراف.. يتمسك بالنتيجة لصالح خطوة افضل على طريق الاهداف العقائدية. 

في ضوء ما تقدم.. يطرح السؤال.. من يمسك بخيوط اللعبة في الشرق الأوسط؟؟ الاجابة الموضوعية.. ان ملف القنبلة النووية الإيرانية أولوية قصوى عند الدولة العقائدية الإيرانية ...وما يرتبط بها من عقوبات أمريكية. .. تواجه أيضا مخاوف إقليمية لاسيما خليجية.. لذلك كان احتلال العراق. وربما هناك من يعتقدون ان الجيش الأمريكي منظمة خيرية بنيات انسانية!!. 

فيما واقع الحال ان كلما حدث ويحدث وسيحدث انما يدور في حلقة مفرغة من المصالح الوطنية سواء عراقية او لبنانية او لأي دولة في الشرق الأوسط.. ان القرار الإيراني بحتمية امتلاك القدرات النووية .. يجعل الكثير من الأطراف المؤدلجة بمفهوم ولاية الفقيه.. امام استحقاق التضحية بالمصالح الوطنية لدولهم فقط لتمرير القرار الإيراني. هكذا توالدت ثنائيات دول بلا قرار سيادي. ومحور مقاومة بلا ضوابط انصياع سيادية داخل دولهم.. في نموذج صارخ للنفوذ الإيراني بعنوان مذهبي مقدس..!! 

السؤال الاخير.. هل تتجه المنطقة نحو الحرب الشاملة؟؟ الجواب على طاولة المفاوضات الإيرانية الأمريكية.. بانتظار الرئيس الأمريكي المقبل.. عندها تسقط الذرائع.. ويظهر الهدف في مفاوضات علنية..!! وتمارس عندها إسرائيل وايران دور رجل المطافئ في خطوات إطلاق صفحة من الشرق الأوسط الجديد... او العكس.. من يدري ولكل حادث حديث ولكل مقام مقال... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!

ذات صلة

لماذا نستذكر فاطمة؟في تاريخ العقل.. أو في تاريخ الحداثةسايكولوجيَّة الصراع حول فلسطينالوصمة Stigma: بين الفرد والمجتمع والأيديولوجيامتى نجد المحاصيل العراقية في الأسواق العالمية؟