الحرب الشاملة: كيف ولماذا؟

مازن صاحب

2024-09-19 04:05

عادة ما تناقش مؤتمرات متخصصة مضمون الحروب الصغيرة لجيوش دول نظامية ضد جماعات مسلحة.. ومنذ حادثة الحادي عشر من أيلول.. تحولت هذه الأبحاث لاسيما في مؤسسة راند الأمريكية وغيرها إلى بحث الوسائل والتقنيات في أجيال أسلحة المستقبل لتمكين القوات المسلحة النظامية مواجهة المجموعات القتالية الصغيرة.

هذا التحول في التعبئة القتالية أوجد الطائرات المسيرة والحرب السيبرانية كنموذج حيوي في التعامل مع عصابات داعش كما استخدمت ضد الجريمة المنظمة في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.

ما لا يعرفه الكثير من المهتمين بهذا النمط القتالي المتجدد ان مراكز البحث والتطوير الإسرائيلية قدمت نماذج قتالية تم اختبارها في مواجهة أبطال الانتفاضة الفلسطينية.. وكانت تخصصات هذه المراكز من الموازنة الإسرائيلية قد تجاوزت نسبة ٣٠٪.

وبعد اتفاقات اوسلو التي واجهت اعتراض حركة حماس.. تحول الاهتمام عند القوات المسلحة الإيرانية والمصرية والتركية لولوج عالم الاجيال الجديدة للحرب غير التقليدية.

فكان عدد المعارك غير المعلنة بين الموساد والحرس الثوري الإيراني أكثر من عدد المرات المعلنة.. فتحولت المعركة من مواجهات على الأرض إلى معركة صواريخ وميسرات جوية.

يضاف إلى ذلك أن مراكز التطوير الإسرائيلية قد حاكت التفكير الصهيوني في الذهاب إلى معركة شاملة كانت بدايتها الاحتلال الأمريكي للعراق.. وتواصل ذلك مع الأحداث السورية مرورا بأحداث اليمن ناهيك عن مرحلة ما عرف بالربيع العربي.

ويبدو قادة الكيان الصهيوني اليوم بحاجة إلى الهروب الى الأمام في المعركة الشاملة من خلال تصعيد المواقف مستفيدة من حالة العزوف العربي نحو السلام الابراهيمي.. فكانت أحداث غزة كعب اخيل الذي قطع ترتيب هذه الحرب الشاملة بمنظومة الاجيال الجديدة من أسلحة المستقبل التي تبدأ بالحرب الناعمة في نموذج البرنامج التلفازي (ستار أكاديمي) وما تلاه من انواع البرامج لتغيير المزاج الشعبي العام.. مرورا بنموذج الحرب على الشخصية العراقية في نظام مفاسد المحاصصة والمكونات.. وصولا إلى اتفاقات الشام الجديد!!.

وبعد مرور كل هذه الاشهر على حرب غزة.. بات ظهور الحاجز ما بين المشروع الصهيوني براس حربته الإسرائيلي والمشاركة الأمريكية البريطانية الأوروبية وما يمضي نحو فتح الصفحة الجديدة لمشروع الشرق الأوسط الجديد .. وبين مشروع

تحرير الأقصى المبارك ما يتطلب الضرب تحت الحزام. كما حصل في تفجيرات اجهزة الحاكية المتفجرة في اليومين الماضيين.

هذا الاعلان الإسرائيلي عن صفحة الحرب العالمية الشاملة يتطلب إعادة تعيين اعدادات التحالفات الإقليمية.. ولعل العراق يقع في عين العاصفة.. لان المراحل المقبلة تتطلب دقة القياس ما بين العدو والصديق على مستوى الإطار الحكومي والمؤسسات التشريعية والقضائية.

يبرز في خضم كل هذه التطورات ما نقل عن الرئيس الإيراني حول العلاقات بين واشنطن وطهران.. وربما هناك مغالاة في وصف حال الدولتين بوصف الأخوة!!

السؤال المقابل.. هل اتخذ القرار الصهيوني في كل محافله الأمريكية والبريطانية والاوروبية بشن الحرب العالمية الشاملة في الشرق الأوسط؟؟

اعتقد ان هكذا قرار لم يتخذ على الرغم من كل مظاهر مساندة الكيان الصهيوني في حربه على غزة.. لكن يبدو أن جوقة اليمن الإسرائيلي ونتنياهو بحاجة إلى عجلة الحرب.. كما أن الاقتصاد الكلي الرأسمالي أيضا بحاجة إلى ماكينة الحرب لتجديد موارده الصناعية واستبدال القديمة في محرقة الحرب مقابل تصنيع وتوريد الاسلحة الجديدة.

أكرر السؤال عراقيا... استشراف المقبل من الاشهر ان تطورات الحرب وانعكاسها على العراق يمكن أن ينتهي إلى ايام الحرب الأهلية في لبنان في كانتونات.. منها ما يرحب بالقوات الأمريكية ونتائج الحرب الإسرائيلية مقابل كانتونات أخرى بالضد من ذلك وقد تكون بعض المناطق الحساسة نقاط اشتباك اهلي ربما يخرج عن طور الضبط المجتمعية لمفاسد المحاصصة والمكونات إلى حرب أهلية مقبلة.. لا سامح الله. 

رحم الله كل الشهداء في غزة وشهداء لبنان.. وللعراق رب يحميه.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!

ذات صلة

كيفَ تُمنَع الحكومات من ظلم الشعوب؟مركز الفرات ناقش تحديات الاقتصاد العراقي بين التهديدات الإقليمية والأزمات العالميةلماذا نحتفي بالمولد النبوي؟عندي البديل الاصليالإطاحة بالدولة