قرعة الموت

عبدالهادي مهودر

2024-07-04 04:16

طالما نسأل عن المسؤول وعلى من تقع المسؤولية وننسى او نتناسى مسؤولياتنا كأفراد في هذا المجتمع وشهود على كل مايحصل فيه من تراجع للقيم وصعود للنماذج السيئة التي أصبح يحتذى بها ويحسب لها ألف حساب لشديد الأسف، على الرغم من نشرها للفساد بشكل علني وواضح، وما أعلنه جهاز الأمن الوطني يكشف جانباً من الإنحراف الخطير لمقطع زمني محدد بستة أشهر فقط. 

لكن ما أعلنه عن عملياته النوعية في كفة، والفقرة الأولى من بيانه وإيجازه نصف السنوي لأهم العمليات النوعية التي نفذها الجهاز خلال النصف الأول من العام ٢٠٢٤ في كفة أخرى، فخبر ضبط مليون ونصف حبة مخدرات اصبح خبراً عادياً لايهز المجتمع ولا يستدعي من الخطباء والعلماء والمشايخ العودة الى مسؤولياتهم الدينية، التي تخلى الكثير منهم عنها وباتوا يبحثون عن عبارات ومقاطع تساعد على الانتشار والطشة مثل أي ناشط يريد زيادة أعداد متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وكأن الملح قد فسد، ومؤسسات الدولة المعنية هي الأخرى مسؤولة ومطالبة بالوقوف على هذه الأرقام والحقائق الصادمة، لأنها تمثل دلائل على وجود خلل وتقصير وإنشغال بقضايا أقل أهمية، أما الجهات السياسية فقليل ما نسمع إهتماماً وبرامج اجتماعية تعالج الانحدار والسلوكيات الخطيرة التي تمس أسس وقيم المجتمع العراقي، ووسائل إعلامنا مستمتعة بالمواقف والخلافات بين الأخوة الأعداء المتحاورين وجهاً لوجه، ومن بين فقرات الإيجاز نصف السنوي، خبراً كان بمستوى الكارثة، فقد تمكن جهاز الأمن الوطني من إختراق احدى الحركات السلوكية التي يقوم أفرادها بإجراء (قرعة إنتحار) ومن يقع عليه الاختيار يقوم بالإنتحار شنقا، وقد جرى القبض على(٣١) متهما من أعضاء هذه الحركة. 

ومن يقرأ سطور هذه المصيبة تهون عليه مصائب القبض على مئات المزورين والمبتزين الكترونياً، وحتى خبر القبض على اعضاء الشبكة الدولية للمتاجرة بالبشر، الذين دخلوا العراق وبحوزتهم طفلين بغية بيعهما مقابل عشرة آلاف دولار للطفل الواحد، وكل هذا وغيره يرد في إيجاز صحفي ويمر علينا مرور الكرام ولا توضع له معالجات تسبق الحريمة وطرق وقاية تسبق العلاج ولا يدق جرس الإنذار. 

وإذ نشد على أيادي الشجعان في جهاز الأمن الوطني لهذه الجهود الكبيرة، ندعو المسؤولين الى تحمل مسؤولياتهم أمام الله، وبالأخص الذين يدعون القرب منه، سواء كانوا رجال دولة وسياسة وعلماء دين ومثقفين واكاديميين ورجال عشائر، وأفراد المجتمع العراقي كله، فكلنا مساهمون بحصاد الأشهر الستة الماضية بنسب متفاوتة ومن يزرع يحصد .

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي