العقل الجمعي واخطار السلوك الانفعالي
د. حميد مسلم الطرفي
2024-05-27 05:44
كيف يساهم التفكير الذي تصنعه المشاعر الانفعالية في تراكم الاوهام في المجتمعات وتدمير حالة الوعي بالواقع؟ وما هي عناصر التحليل الفكري التي يمكن أن تصنع قواعد رصينة للوعي بالواقع وفهمه؟
الموضوع في غاية الأهمية كونه يتعلق بما يعرف بالعقل الجمعي الذي يغير مسارات شعوب وتغيير حكوماتها بل ويعرض أسس دولها للخطر.
فكما قال امير المؤمنين علي عليه السلام: (الناس ثلاث عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع ينعقون وراء كل ناعق)، والقسم الثالث هم مادة الخطر القابلة للانفعال والهيجان بمحرك خفي أو ظاهر. وللأسف ففي كل شعوب الأرض فان هؤلاء هم الاغلبية لذا جاءوا بالحديث الشريف على هيئة الجمع في حين كان القسم الاول والثاني على هيئة المفرد.
الانسان مجبول على ان يهتم بمعيشته من لباس وأكل وشراب وسكن أما الأمور اللطيفة من فكر وفلسفة ومثاليات فهي في آخر قائمة اهتماماته. كيف نغلب الفكر والسلوك العقلاني على السلوك الانفعالي؟
أظن ان ذلك يعتمد على قيام القسم الاول والثاني بواجباتهم، فالعالم الرباني إنما سمي كذلك لأنه يستطيع ان يربي بعلمه وثقافته وفكره فيكون قائد ورائد وشجاع في إظهار الحقائق لأكبر قدر ممكن وعدد ممكن من الهمج الرعاع.
وكذلك المتعلمون ان يفصحوا بآرائهم قبل وأثناء اندفاع السلوك الجمعي الضار فتلك مسؤولية دينية ووطنية فقد ورد عن الرسول محمد صلى الله عليه واله: (إذا ظهرت البدع في أمتي، فليُظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله)، وقد تكون البدع قرينة للفتن وتلك قرينة للسلوك الانفعالي.
أخطر ما في السلوك الجمعي الانفعالي ان يكون مدبراً من عدو يمهد له بمعلومات مضللة لمدة معينة ويغرس تلك المعلومات في العقل الباطن للأفراد ويختار اللحظة التي يفجر بها تلك المعلومات بما يجعل من الصعب جداً السيطرة على هذا السلوك.
أخيراً أقول ان الشعب العراقي يتعرض لحملة منظمة وبماكنة إعلامية ضخمة وموجهة لهذا النوع من المعلومات التي تحجب عن المتلقي أي منجز إيجابي بعد 2003 من خدمات او طريقة عيش او بحبوحة حرية أو اقتصاد، كل ذلك لزراعة الاحباط في نفوس العامة وفي لحظة معينة توجيه هذا الإحباط على شكل سلوك انفعالي قد يهدم السقف على رؤوس من يستظل به.