الفساد ضد التنمية

حسين علي الحمداني

2024-05-18 05:49

الفساد ضد التنمية، عبارة تلخص الكثير من الأشياء التي يريد الناس التعبير عنها كل حسب طريقته، لكنها في النهاية تؤدي إلى معنى واحد أن طريق التنمية الحقيقي يبدأ بالقضاء على الفساد بكل أشكاله، وللقضاء عليه هنالك خطوات مهمة ورئيسية تبدأ من اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيدا عن عملية تقاسم المناصب التي تتم وفق آليات غايتها الأساسية جعل المنصب وسيلة للإثراء غير المشروع.

والفساد المالي والإداري موجود في أغلب دول العالم وبنسب متفاوتة بين دولة وأخرى حسب طبيعة النظام السياسي من جهة، ودور الأجهزة الرقابية وقوة القانون من جهة ثانية، ومن جهة ثالثة دور مؤسسات المجتمع المدني، وتأثير الرأي العام في البلد في كشف الفساد ومحاربته.

وبالتالي نجد أن خط الشروع للقضاء على الفساد يبدأ من عملية اختيار الأشخاص للمناصب وبمواصفات معروفة، أهمها النزاهة والكفاءة والاختصاص من أجل تحسين الأداء وجودة العمل، وهو الأمر الذي يجعل مؤشرات التقدم في هذه الدائرة أو الوزارة تتقدم.

الأمر الآخر الرقابة المستمرة عبر أجهزة الرقابة الكثيرة في بلدنا والتي تقع على عاتقها حماية المجتمع من الفاسدين، كون هذه الأجهزة هي عين الشعب على أمواله وممتلكاته وبالتأكيد هي أكثر حرصا على أداء واجباتها بالشكل السليم والصحيح.

وهذه الأجهزة في السنوات الأخيرة تبذل جهدا كبيرا في ملاحقة الفاسدين على مختلف المستويات، ووفق القوانين العراقية، وقد لمس المواطن فعالية هذه الأجهزة ودورها المهم في محاربة الفساد والقضاء عليه تدريجيا.

كما لا نغفل دور المواطن في الإبلاغ عن حالات الفساد كل من موقعه ومساعدة الأجهزة المختصة في ذلك، ويبقى الأهم من ذلك أن تكون هنالك إرادة سياسية للقضاء على الفساد، لأن كل المسؤولين التنفيذيين في الدولة العراقية، وصلوا لمناصبهم عبر حصص الأحزاب، التي ينتمون إليها أو تدعمهم وبالتالي توفر حماية لهم سواء مباشرة أو غير مباشرة مما يجعلهم يتمتعون بنوع من الحصانة غير القانونية، وهذا ما يجعلنا نطالب القوى السياسية بالتخلي عن من يثبت فساده وعدم حمايته أو دعمه والدفاع عنه لأنه ليست هنالك عملية استهداف أو تسقيط سياسي لطرف أو شخص بعينه، بقدر ما أن عملية حماية المجتمع من الفساد واجب وطني يتطلب تعاون الجميع، أشخاصا ومؤسسات وأحزابا وجميع السلطات.

وهذا ما يجعلنا نقول إن هنالك من يحاول إدارة ملفات الفساد) والاستثمار فيها لتحقيق مكاسب سياسية، اليوم نجد أن مكافحة الفساد يجب أن تكون فعلية وغايتها استئصال هذا السرطان الذي يشكل ضحاياه أضعاف ضحايا الإرهاب إذا ما عرفنا أن الفساد وكما يعرف الجميع استهدف بنايات المدارس والمستشفيات والشوارع والحدائق العامة ورواتب الرعاية الاجتماعية والبطاقة التموينية التي تعتمد عليها بشكل كلي أكثر من مليون أسرة عراقية على أقل تقدير.

خطوات الحكومة العراقية الحالية في مكافحة الفساد وإن كانت بطيئة إلا أنها جريئة ولها هدف رئيس ومهم جدا يتمثل بالقضاء على الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة من الشعب العراقي.

لهذا المطلوب من الأجهزة الرقابية والقضائية والجهات المختصة الأخرى أن تفتح ملفات الفساد في هذا التوقيت المهم جدا، لما لذلك من تأثيرات إيجابية كبيرة أولها استعادة ثقة الشعب العراقي بالحكومة، تلك الثقة التي تزعزعت في السنوات الماضية، ونحن نعرف جيدا أن محاربة الفساد والقضاء عليه لن يكون بتلك السهولة التي يتصورها البعض بل يحتاج لحشد كبير جدا من المخلصين من أبناء هذا الوطن.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا