حكومات جديدة ونتائج قديمة

مصطفى ملا هذال

2024-05-02 04:50

الجديدة او الجديد ... هي الكلمة التي تلصق عادة بكلمة الحكومة الجديدة او المجلس الجديد، وكأن البلد او المحافظة او أي وحدة إدارية دخلت حقبة مغايرة للحقب الأخرى، وهذه المفردة يراد منها الإشارة الى بيئة مختلفة عن البيئات السابقة وقد تكون إيجابية او سلبية.

مر على اجراء انتخاب مجالس المحافظات الجديدة أكثر من أربعة شهور، ولا تزال الرؤية غير واضحة، حركة أعضاء المجلس ونشاطهم السياسي يرتكز على حضور بعض الفعاليات الاجتماعية او الدينية، فجميع الفعاليات لا تخلو من الأعضاء، بينما عملهم الحقيقي لا يزال غير واضح المعالم.

يتجول بعض الأعضاء على أصحاب المولدات بهدف مراقبة ساعات التشغيل والمبالغ المتحصلة من الاسر، ويبدو ان جميع هذه التحركات لم تأتي اُوكلها في ظل التخبط والتمادي الكبيرين الذي اعتادوا عليه طيلة السنوات الماضية ولغاية الآن لم تنجح المؤسسة الرقابية من فرض سطوتها على القطاع الخاص الكهربائي.

مع البدايات الخجولة لعمل مجالس المحافظات الجديدة يمكن القول ان العملية السياسية لن تشهد انتقالات نوعية، بل يمكن عدها استمرار لظواهر وممارسات كانت موجودة بالفعل، وكل الذي يمكن ان يحصل هو تناغم او تفاعل الظواهر القديمة ــ التي كانت مصاحبة لعمل الحكومات السابقة بزمن المحافظين ــ والظواهر الجديدة التي رافقت قدوم مجالس المحافظة.

لم نعرف لحد اللحظة ماهي الخطوات التي سيعتمدها المجلس او الحكومة المحلية فيما يخص ملفات الفساد وهدر المال العام، وغيرها من المجالات منها التعليم والصحة وتحسين مفردات البطاقة التموينية وتوسيع رقعة المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية والنظر في مصلحة الفئات الاجتماعية الأخرى.

الواقع يتلفظ بغير ما تتلفظ فيه الحكومات المحلية او المركزية، السير باتجاه معاكس للتصريحات الرامية لدعم المواطن وتحقيق الريادة في الاعمال، وإطلاق المبادرات التشجيعية، وفي المقابل تتخذ قرارات لا علاقة لها بالمصلحة العامة، وتدخلها حيز التنفيذ إرغاما للشعب الذي ينتظر بين فترة وأخرى قرار يشابه القرارات السابقة والتي لا تجلب المنفعة ولا تعود بالفائدة لشريحة من الشرائح.

مصطلح الحكومة الجديدة يجب ان يشير الى اختلاف وتبلور ديناميكيات مختلفة عن السابق، وما تقوم به يجب أن يركز على تطوير منظور يمكن من خلاله أن نرى تأثير التخطيط الجديد للحكومة الذي من المؤمل ان يلبي تطلعات الشعب في التحرر او الاستقرار النوعي على المستوى الاقتصادي والخدمي والأمني وهكذا.

الحكومات المحلية تعيش حالة من الضغط ربما غير المسبوق، فهي بالدرجة الأساس تواجه النظرة التقليدية التي ظهرت او ترسخت في ذروة مواجهة احتجاجات خريف 2019، بعد أن طالب المحتجون بحل هذه المجالس؛ إذ عدوها مظهرا من مظاهر ترهل النظام السياسي العراقي.

ففي المقام الأول عليها إزاحة النظرة التقليدية السائدة بعدم أهميتها او انحسار دورها، وان تسعى إلى بناء قدر من الاستقلالية عن المركز، وانتزاع صلاحيات سيادية من الحكومة المركزية، يتمثل ذلك بفك العقد التي وضعتها بغداد امام تحرك الحكومات المحلية التي تصرح مرارا بجديتها شريطة ان تطلق يديها.

الحكومات المحلية في الشهور السابقة منشغلة بالتوازنات السياسية الداخلية، ولم تتفرغ للعمل الخدمي، فلا تزال بعض المواقع الإدارية غير محسومة، ويجري العمل على تسويتها بالشكل الذي يلائم الخارطة السياسية الداخلية والتوافق غير المخل بالمسار السياسي العام، لذا يبقى التنبؤ بدور الحكومات الحالية للسنوات القادمة مجرد تكهنات غير مؤكدة الوقوع.

ذات صلة

كيف تتخلص من الفخ الدنيوي؟مركز آدم ناقش الحق في الخصوصية الجينيةماهي فدك ولماذا انتزعت من السيدة الزهراء (ع)؟أسباب فوز دونالد ترامب والتداعيات المحتملةتجربة المسفرين العراقيين وتجربة اللاجئين اللبنانيين