على هامش الحياة

آلاء هاشم القطب

2015-09-23 04:31

في بيت جارتها وجبة طعام واحدة فقط، هذا ما قالته أم فاطمة وهي تروي قصة جارتها صاحبة الايتام الاربعة والساكنة في شبه البيت الخالي من الاثاث والاغطية، حالتها المأساوية تشبه حال الكثير من الناس ممن شطبوا من قائمة الفقراء بسبب تعففهم.

فعندما يحل الظلام تغمض اجفان البعض بانتظار حلم يتخلل ليلهم،

فتارة يتمنون أن تكون احلامهم مقتصرة على الطعام،

وتارة يتمنون ان تتخللها اغطية تقيهم بردا وتجعلهم سلاما،

وتارة يرجون ان تحمل نسيم الجنة ليقيهم حر صيف وزمهريرا،

من اتكلم عنهم شريحة كبيرة من مجتمع تتعدد الوانهم ومناطقهم،

شريحة سعت وطلبت الرزق الحلال فلم تجد العمل، او وجدت عملا يسد نصف جوعهم فتنام جائعه لكي تشبع اطفالها.

من اتخذوا العفة والتجؤوا للأحلام عوضاً عن السؤال الى الناس، من لبسوا العزة بالنفس ورفضوا ان يمدوا ايديهم ويطرقوا ابواب الناس خشية ان يريقوا ماء وجههم، فأخذوا يَقلبون امنياتهم كما يَقلبون اجسادهم ليكبتوا جوعهم، فدفنوا بفعلتهم هذه الامل والجوع معا.

يحل صيف ويذهب شتاء وحالهم واحد، شمس تجفف جلودهم او برد يُجمد حتى دمائهم ولكن دون ان يتغير حالهم.

فتغيير حال هذه الشريحة من الناس يقع على عاتق المسؤول اولا، او ذمة اودعها الله في رقاب عباده ثانيا.

فأما ما وضع على عاتق المسؤول فيعلم الجميع انه لن يحصل اي تغيير ولن يحدث اي امر يحسن حال هؤلاء الناس، فاليأس قد علانا فالساحات بالمتظاهرين ملأت، والشفاه ابيضت وتيبست، والعيون قد احمرت واغبرت، والوجوه قد لفحتها شمس فاحترقت، وعلا الراس شيبا ولم يسمع صوتهم احدا.

ثم جاء دور المواطن ثانيا وهنا تبين بان اغلب الناس يسعون الى تحقيق "أحب لاخيك ماتحب لنفسك"

ثم " ليس منا من بات شبعانا وجاره الى جنبه جائع وهو يعلم"

فمنهاج الرسول اتبعوه والى طريق آخره الفوز بالجنة سلكوه.

وعند سؤالهم ماذا اعطيت او لمن اعطيت فيجيبك بقول الرسول الكريم: "سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل الا ظله: رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ما تنفق يمينه"

هكذا علمهم نبيهم صلى الله عليه واله سلم فبما قال حبا وتقربا اطاعوه.

فأشكال العطاء واسعة وبمقدور كل فرد منا ان يمد يد العون لهؤلاء المحتاجين.

ومن اولى العطاءات هي الخمس والزكاة، وهذا النوع من الحق اوجبه الله على كل مؤمن،

ومن يريد ان يلقى الله بوجه حسن عليه اعطاء هذا الحق، ومن يمتنع عن ادائه فيعتبر عاصي لله عزوجل ولما فرض واوجب، وقد ارتكب حراما.

اما النوع الثاني من الصدقات فهي المساعدة والاعطاء بالإنفاق من غير وجوب شرعي وهنا يظهر الحب والتعبد والقربى لله، والممتنع عن اعطاءها ليس عليه اي اثم ولم يرتكب حرام، لكن من اعطاها له الاجر والثواب ويرفع الله شأنه ويعلو في الجنة مقامه.

لا تقتصر الصدقات على المال فقط بل تشمل الوان عديدة:

مثلا شراء الكتب وبناء المساجد والمدارس والمراكز الصحية وتعبيد الطرق واطعام الفقراء ومئات بل قد تكون هناك الاف الوسائل لإعطاء الصدقات فهناك امور بسيطة نظنها لكن هي في الحقيقة صدقة مثل انارة طريق المسلمين او الابتسامة فعن الرسول صلى الله عليه واله وسلم "تبسمك في وجه اخيك صدقة"

كما قال ايضا "كل معروف صدقة"

وفي وضعنا الراهن وبسبب ظروف البلد غير المستقرة، هناك اشخاص يحتاجون ابسط انواع العطاء، حيث يعيش الناس تحت خط الفقر ولكن كساهم ثوب العفة والحياء.

لذا على كل شخص ان يسعى لمعرفة المحتاجين والوصول اليهم بشتى الطرق لإعطائهم مثل هكذا حقوق، وليساهم اصحاب الخير ممن يعلموا بحالة بعض المحتاجين بالإخبار بمثل هكذا حالة ليسارع من وفقه الله لمساعدتهم.

في بعض الاحيان يتفاخر الناس بانه قد اعطى وانه قد مد يد العون، وعند مثل هكذا موقف يجب ان نقول له: لوكان العطاء ضمن الخمس والزكاة فلا اشكال في الافصاح عنه، لان فيه تشجيع لباقي المؤمنين لإعطاء الحقوق الشرعية ولو كان من الافضل عدم البوح به او بهوية الطرف المستلم.

اما بالنسبة للصدقات الاعتيادية فيستحسن عدم الافصاح عنها لان ذلك يعتبر رياء بالنسبة لك وفيها حرج وخجل للطرف المقابل.

وهناك العديد من اصحاب الخير يرفض عند تبرعه الافصاح عن اسمه لكي لا يشعر الطرف المقابل بالعوز او النقص.

ان مساعدة المحتاجين موضوع في غاية الضرورة بسبب ظروف البلد الامنية وازدياد اعداد النازحين والارامل واليتامى بالإضافة للبطالة المتفشية بالمجتمع والتي اصبحت آفة تنال اغلب شبابنا، مما جعل العديد من الناس يعيشون الفقر بألوانه، لذا علينا ان نساهم جميعا في دعمهم من خلال تبرئة الذمة من الحقوق والواجبات الشرعية اولا، وثانيا من خلال المساعدة ولو بما تيسر للمساهمة في تحسين حالتهم المعاشية لكي يجد بعض من لا يجد ما يسد رمقه.

فهناك اناس على شفا حفرة من الهلاك والموت قطعوا ايديهم لكي لا تمد لغير الله فبكوا في صلاتهم استحياءا وخجلا، فقنوتهم وركوعم وسجودهم يذكرهم بأيديهم، ولكن يستغفرون الله ويرجون منه العفو لتصرفهم.

محنة وابتلاء واختبار نهايتهما فوز او خسارة، لكن هذه المحنة عليه وعليك، والفوز والخسارة له ولك....

فمن اعطى وساعد له الاجر والثواب ومن عصى ومنع له الجزاء والعقاب.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا