ممارسة الطبقية داخل مؤسسات الدولة

اسعد عبد الله عبد علي

2022-09-01 07:36

حالات غريبة تحصل داخل بعض مؤسسات الدولة، حيث تعيش حالة مقيتة من الطبقية! زرعها نظام الجهل المعرفي والابتعاد الاخلاقي، وقد يكون الحنين لمنهج صدام في الادارة، والذي يعتمد على الطبقية، وتقريب البعض وسحق البعض الاخر، وما يحصل حاليا يتم التفريق بين الموظف والموظف صاحب اللقب العلمي، فيحصل صاحب اللقب العلمي على مميزات عديدة تجعله يعيش مرفها ولا يتم فرض الاعمال الاضافية عليه! مع مخصصات مالية كبيرة، وكذلك يمنح اجازات أكبر في العطلة الصيفية، ويبقى الموظف العادي تحت الضغط يعمل حتى في العطلة الصيفية، اما الموظف صاحب اللقب العلمي إذا قرر ان يعمل في العطلة الصيفية، عندها تقوم الدولة بصرف راتب اضافي له، كونه ضحى بإجازته، متناسية ان الموظف الذي لا يملك اللقب العلمي منذ سنين طويلة وهو يحرم من العطلة الصيفية!

فانظر للتعامل الطبقي التي شرعته الدولة بسكوتها، وجعلت الضغط والعمل فقط فوق راس محدود الدخل (الموظف العادي).

واجبات الخفارة

في السنوات الاخيرة قامت بعض الوزارات بالإرشاد الى الاهتمام بالدفاع المدني، وحصلت اجتهادات غير منطقية ضمن دوائر الدولة الفرعية، حيث تقوم بعض الدوائر بإجبار الموظف المسكين بواجب الخفارة اي المبيت ليلا في الدائرة، مع ان تخصصه ليس دفاع مدني ولم يتدرب على الدفاع المدني ولا يملك مؤهلات رجل الدفاع المدني، لكن فقط اجراء من المدراء لكسب ود المسؤولين الاعلى! غير مبالين بالتزامات الموظف البسيط اتجاه عائلته واطفاله، خصوصا مع انتشار الجريمة في المجتمع، وكل عائلة بحاجة لوجود الاب مع ابنائه، فهذا الوقت حق الموظف، والمجحف انه يفرض قهرا وحتى من دون دفع اجور الخفارة، بل ووضعت تعليمات للعقوبات بحق المتخلفين عن الخفارات.

الغريب ان نفس هذه الدوائر تقوم بتصرف طبقي مقيت، فتمنح الموظف صاحب اللقب العلمي تميزا اخر عجيب، حيث تعفيه من الخفارات، ولا يتم تكليفه باي خفارة، كأنه محصن من اي عمل اضافي، وعندما نعود للقانون الاداري لا نجد ما يجنبه هذه الاعمال، ان صح قانونا هذا التكليف للموظفين.

البصمة على ناس وناس

وضع قانون البصمة كي يحفظ حقوق الموظفين، بالمقابل يتم منح المتأخر لعذر اجازة زمنية بدل التأخر، لكن الغريب في بعض دوائر الدولة ان يتم محاسبة الموظف العادي على التأخر حتى لو دقيقة فقط! ويتم الاستفسار عن سبب التأخر دقيقة، بالمقابل لا يحاسب صاحب اللقب العلمي عن اي تأخر حتى لو كان لساعات، بل ويمدد وقت بصمة اصحاب اللقب العلمي وقت اطول، هذه الطبقية بعيدة عن روح القانون، وهي ناتجة عن عقد تتحكم بأصحاب القرار، وتحاول ان تمارس نقصها عبر ممارسة الدكتاتورية داخل مؤسسات الدولة.

طبعا جميعنا ضد تأخر الموظف عن اداء عمله، حيث من المهم ان يلتزم الموظف بوقت الحضور، لكن من الجميل ان يكون القانون ساري على الكل، من دون طبقية ونظرة متفاوتة بين الموظفين.

التجاوزات اللفظية

يمارس بعض المسؤولين تجاوزات بحق الموظف البسيط تصل الى حد الشتائم والسب والتنمر، بالمقابل لا يصدر منه شيء باتجاه الموظف صاحب اللقب العلمي، فهل ان الموظف العادي كما يقال بالمصري (ملطشة) للواجبات والاعمال الاضافية وحتى للعقوبات والشتائم.

والموظف المسكين يعيش جو من الرعب والتهديد والواجبات الاضافية، فأما الرضوخ للذل، او التهديد بالنقل الى دوائر بعيدة عن سكنه، او يسكت عن حقه ويتقبل كل الشتائم بكل الرضا والممنونية، وهكذا نجد فئة من الموظفين يسكتون مجبرين، مع غياب اي دور حقيقي لإصحاب القرار في الدفاع عن الموظف، اما الموظفون اصحاب الالقاب العلمية فلهم كل الحقوق والسماحات والامتيازات، مما خلق جو من الطبقية المقيتة.

غياب دور النقابات

كنا ننتظر دور كبير للنقابات في حفظ كرامة الموظفين وحقوقهم المالية والادارية، لكن مع شديد الاسف اغلب النقابات في واد بعيد عن مشاكل وهموم الموظف، مع ان اهم مسؤولياتها هو الدفاع عن حقوق اصحاب المهن التي تمثلهم، ونسجل عتب كبير على تكاسلها واهمالها للموظفين الحكوميين وضياع حقوقهم وكرامتهم امام تعسف الكثير من الادارات التي لا تجد من يقف بوجهها.

لذلك نجد بعض الموظفين بعد ان خاب ظنه بالنقابات التجئ الى العشيرة، كي تدافع عنه، ويستعيد كرامته ويفرض العدل الاجباري على الإدارة المتغطرسة.

الحلول

1- تفعيل موقع للشكاوي في كل وزارة يكون مرتبط بالوزير مع الحفاظ على سرية اسم المشتكي.

2- تفعيل موقع للشكاوي مرتبط بشبكة الاعلام العراقية كي يصل صوت الموظف المسكين للإعلام مع الحفاظ على سرية اسم المشتكي.

3- اعادة الروح للنقابات عبر تغيير اداراتها والضغط عليها كي تقوم بمسؤولياتها.

4- طرد اصحاب القرار الذين يخالفون القانون ويتجاوزون على الموظف البسيط.

5- الغاء القوانين الجائرة التي خلقت الطبقية بين الموظف والموظف صاحب اللقب العلمي.

6- حل مشكلة الدفاع المدني عبر توفير موظفين لهذه الوحدات بدل الضغط غير المبرر والتعسفي على الموظف البسيط، ونشر تعليمات تمنع اجبار الموظف على الخفارات.

7- ان يكون المنصب حكرا لصاحب الخلق والاخلاق، الذي يخاف الله، ولا يتجاوز على الموظفين.

8- تشديد الرقابة على تصرفات مؤسسات الدولة، والكشف مدى تطابق الاوامر الصادرة مع القانون الاداري ومحاسبة من يخالف القانون.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا