العلاقات الامريكية الخليجية: ما هو أبعد من المصالح

مصطفى ملا هذال

2022-02-15 07:03

اثار الجدل من جديد تصريح المتحدث باسم الحرس الثوري الايران العميد رمضان شريف، عندما قال ان واشنطن ستتخلى ان السعودية والامارات عاجلا ام آجلا، وصدر التصريح بناء على التوجهات الامريكية التي تعتمدها مع الحلفاء منذ عقود، فلا يوجد لديها علاقات دائمة، والدائم لديها هو المنافع.

بعيدا عن مضمون التصريح المذكور أعلاه، ان الحديث عن نشوب ازمة بين الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة، ليس رجم في الغيب، بل يستند على جملة من الحقائق والشواهد، فلو عدنا على أرشيف الاحداث الدولية، وما قامت به أمريكا من أفعال تجاه اصدقائها، سنتيقن من إمكانية ترك دول الخليج او جزء من مسؤوليتها تجاههم في الأيام او السنوات المقبلة.

أمريكا عندما خرجت من فيتنام تخلت عن الجهات التي وقفت معها في الحرب، وكذلك الامر شاهدنا ما حصل في أفغانستان، عندما قررت الخروج من البلاد بعد سنوات من الاحتلال وبناء القواعد الحربية، ولا أتصور ان يغيب مشهد ركوب الافراد العاملين معها على اجنة الطائرة قبل تحليقها وكيف اجبرتهم على النزول وأطلقت النار عليهم.

ترك الأشخاص قد يعتبره البعض من الأشياء الواردة ولا يمكن ان نعير له ذلك الاهتمام، لكن في الحقيقة، انه امر يستدعي الوقوف عنده، فهو بالتالي تخلي بغض النظر عن الموقف مع من، وماهي النتيجة، وبذلك نصل الى نهاية لا يمكن تجاوزها وهي ان أمريكا تتعامل مع حلفائها وفق المصلحة الذاتية، ومتى ما انتفت الحاجة اليها، جمعت اغراضها ورحلت الى وجهة أخرى.

ناهيك عما قامت به مع الزعماء العرب الموالين لها، عندما اندلع ما سمي بالربيع العربي، فلم تقف الى جانب الرئيس المصري حسني مبارك، وتحول دون سقوطه، وكذلك الموقف مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وغيرهم من الرؤساء الذين قدموا فروض الطاعة لهم، وفي المقابل لم يحصلوا على ما يتمنون من دعم في اليوم الأسود الذي اطيح بهم.

لقد اعتدنا على التصريحات الحماسية من الحرس الثوري الإيراني، فربما يكون الغرض منها هو لكسب التعاطف الداخلي، ولا تستند على أي حقائق واقعية، في الوقت الذي يتحدث فيه قائد القيادة المركزية الامريكية الجنرال كينيث ماكنزي عن وجود تعاون مع الإمارات ومع الشركاء الإقليميين والدوليين لتطوير حلول أكثر فعالية لإيقاف الهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار قبل أن يتم إطلاقها.

وفق ما يحدث في المنطقة العربية وتزايد الصراع الداخلي والإقليمي، وبروز قوى وافول اخرى، فأن الولايات المتحدة الامريكية قد تتأخر في التخلي عن جزء من التزاماتها في المحيط، نظرا لما يمتع به من ثروات هائلة، في مقدمتها النفط الخام، والموقع الجفرافي المتحكم بطريق التجارة العالمي.

ولا يمكن ان تترك حكومة البيت الأبيض المنطقة العربية لمجرد تقرب بعض دولها من الغريم إيران، وستبقى تقاتل عن هذا الوجود الذي تعده وجود ضمن استراتيجية الردع وملأ الفراغ، وهي ما تحتم عليهم البقاء في المواقع الحيوية التي تعزز وجودها وتجعله منافس مع القوى الدولية التي تحاول إزاحة بعضها البعض والتحكم الكلي في المنطقة وتفصيلاتها.

انسحاب أمريكا من بعض قواعدها في المنطقة خلق فجوة على المستوى العسكري، اما اللعب السياسي فلا يمكن ان تفرط به مهما كلفها الامر، ومن اسرار محافظتها على هذا النفوذ هو استمرار الدعم لدول الخليج العربي وعدم تركهم يواجهون المد الإيراني بصدور عارية، وفي المقابل ستقدم الأخيرة أموال طائلة شريطة ان تكون بمأمن من التوسع الإيراني.

لأمريكا مصالح مزدوجة تتمثل في استخدام الدول العربية كسوق لتصريف منتوجاتها من الأسلحة، فضلا عن الضغط عليها لاستحصال على المزيد من الأموال، وبالخصوص من أصحاب الممالك للحفاظ على عروشهم، وجميع ما يجري يأتي ضمن لغة الدبلوماسية المتعارف عليها في الأعراف الدولية.

ذات صلة

نار نكران الجميل تحرق الود بين الزوجينالمواصلات وضرورة تحديثهاضرس العقل: أسئلة شائعة وإجابات نوعيةالقائد الجماهيريمرويات السيدة الزهراء (ع) في تفسير القرآن الكريم