أوهام أوباما عن حلفائه العرب والترك

علي الأسدي

2014-12-22 09:49

في الثامن من شهر تشرين أول الماضي نشرت الصحيفة اللندنية الغارديان مقالا بقلم محررها مالكولم فريزر محذرة الأمريكيين من فشلهم في مواجهة داعش بالاعتماد على الغارات الجوية وحدها. فجاء عنوان المقال " بدون قوات على الأرض وهدف محدد فان الحرب على داعش نكتة سمجة "

 "Without a ground force and an end point, the war against Isis will be a farce"

وقد جاء في المقال ان القوة الجوية لن تحدث تغييرا في العراق. لأوباما وحلفائه أسوأ ستراتيجية ضد ما يعتبرونه أخطر تهديد. لكن المقال لم يتعرض لواقع حلفاء الولايات المتحدة ومدى جدية جاهزيتهم للوقوف معها في تحالفها التي أعلنت عنه في باريس والذي حضره حوالي الثلاثين بلدا. فالأتراك على سبيل المثال لا الحصر وعدوا بمساعدة أوباما لكنهم لم يفعلوا أي شيء. وما يؤكد صحة استنتاجات الصحيفة عن خطأ استراتيجية أوباما هو الدور التركي المراوغ منذ بداية غزو داعش للعراق، فتركيا ليست فقط لم تهرع لمساعدة سكان كوباني المحاصرين على بعد مئات الامتار من حدودها مع سوريا رغم الطلب الامريكي منها، بل قامت بكل وقاحة بمنع المتطوعين الاكراد الاتراك من تقديم النجدة لأخوتهم المحاصرين.

وليس ذلك فحسب بل قامت بكل خسة وغدر بفتح حدودها ومطاراتها للمتطوعين القادمين اليها من شتى بقاع العالم للانضمام للقتال الى جانب قوات داعش. وبحسب شهود عيان فان منطقة الحدود السورية التركية والعراقية التركية على الجانب التركي مشرعة الأبواب لتدفق القتلة الداعشين الى مواقع القتال في كل من سوريا والعراق، وان الفنادق التركية في المدن والضواحي التركية القريبة من الحدود تغص بذوي اللحى من بهائم داعش ما يدفع على الاقتناع بان تركيا تشكل مركزا أماميا لتصدير الارهاب الى الدول المجاورة.

وبحسب الغارديان فان الأمريكيين قد أعلنوا منذ البداية بانهم سيعتمدون على الغارات الجوية وحدها وسيكتفون بتقديم المساعدة الاستشارية للقوات العراقية، وبحسب التصريحات الامريكية فان تدخلهم يأتي اساسا لأسباب انسانية وهذه العمليات قد تستمر لسنين. وتتساءل الصحيفة، هل يعملون ذلك لأنهم لا يعرفون كيف يقضون على داعش؟ وهل ينهونها، أم ليس لهم أي فكرة عما يمكن أن يحدث..؟؟ وهل أي فرد سواء من المسئولين العراقيين أو من المسئولين في الخارجية الأمريكية يعلم ما الذي تقوم به القوات الجوية بالفعل؟ تعهد أي بلد في الحرب بأية صيغة يصدر يعتبر أمرا في غاية الأهمية. القيام بذلك دون أن تكون له أية ستراتيجية، ودون أي خطة نهائية هو حماقة كبرى. انه خيانة للمسئولية التي تضطلع بها الحكومة تجاه مواطنيها ولقواتها العسكرية التي أنيطت بها تلك المهمة. للولايات المتحدة تاريخ طويل بالاعتقاد بأنها تستطيع أن تحقق أهدافها العسكرية والسياسية بواسطة القوات الجوية لوحدها. منذ حرب الفيتنام فصاعدا ثبت أن تلك القناعة خاطئة.

بعد ثلاث أسابيع من بدء الحرب في أفغانستان صرح وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بأن القوات الجوية لم تعد لها أهدافا تضريها. وبعد اثني عشرة سنة من ذلك التصريح كانت الحرب ماتزال مستمرة. دون السيطرة على الأرض فان القوة الجوية ستترك مزيدا من الضحايا بين المدنيين ولا تستطيع تحقيق مردود سياسي. اذا لم تستخدم قوات أمريكية عسكرية على الأرض واذا لم تتوفر قوات عسكرية عربية فان الفشل أكيد. الحكومة العراقية الجديدة بمشاركة السنة والشيعة ستساعد على تشكيل قوة قتالية ضد داعش. أوباما أخذ عهدا على نفسه بالانتصار في الحرب على داعش وهو أهم تعهد في فترة بقائه في السلطة لكن بدون قوات على الأرض فان الحديث عن النصر غير ذي قيمة.

الوضع في سوريا أكثر سوءا، قبل عام قدم الغرب المساعدات العسكرية لمعارضي الاسد لكن ذلك لم يتم بطريقة فعالة، وخلص الغرب الى نتيجة انهم لا يعرفون من هم أولئك المعارضين ومن يمثلون. الآن أصبحنا على علم أن الأكثر نشاطا هم الأكثر همجية وقد انحازوا الى داعش المشابهين لهم ايديولوجيا الذين قاموا بإرهاب المسيحيين والشيعة والسنة وأي مجموعة لا تتعهد بتبني فكرهم المتطرف. الآن يحاولون تدريب المعارضين غير الفعالين وغير الموحدين وبناء قوة منهم يناط بها اطاحة الاسد، خطة مثل هذه لا معنى لها بالتأكيد.

لقد قال رئيس الوزراء الاسترالي ان داعش تشكل تهديدا للعالم وتشكل تهديدا لأمريكا وهي تهديد لأستراليا أيضا. هل العربية السعودية تعتبرهم كذلك، هل الاردن يعتبرهم كذلك، هل تركيا تعتبرهم كذلك، هل الامارات تعتبرهم كذلك، وهل دول الشرق الأوسط تعتبر داعش تهديدا داهما لهم؟ اذا كانوا يعتبرونها كذلك فأين التأييد العملي والفعلي لتحالف أوباما..؟؟

علمنا ان هناك ثلاثون دولة وعدت بدعم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. بريطانيا وفرنسا قدمت قوات طيران وارسلت استراليا مستشارين وقوات خاصة محدودة العدد للعراق وهي القوة الوحيدة بالفعل التي تتواجد عل الأرض هناك. هل أصبحنا بالفعل على علم بالوحشية والهمجية التي تمارسها داعش؟ لماذا لم تبد البلدان العربية استعدادها للعمل ضد التهديد الذي تشكله داعش على العالم، فهل لأنها لا تعتبره تهديدا موجها ضدها منذ تقدمها في المناطق التي هيمنت عليها؟ هل سيكونون في خطر اذا ما ساهموا في التحالف الذي اعلن عنه أوباما، وهل يرغبون ان يبقوا بعيدا عن هذا التحالف؟ يجب عليهم أن يعلموا انه بدون قوات على الأرض فانه لا يمكن كسب الحرب ضد داعش.

وتختتم الصحيفة مقالها بالقول: ان حصار كوباني يثبت عدم فعالية الطيران الحربي دون قوات على الارض. ان خطة داعش تحقق النجاح من خلال انتقالهم الى المناطق المأهولة بالسكان. الطيران مستمر والمدنيين العزل يقتلون بينما تتحرك قوات داعش مشيا على الاقدام. انهم على علم كيف يتحاشون ان لا يكونوا هدفا للطيران الحربي انهم يجيدون التخطيط التاكتيكي، في جميع عمليات القصف استطاعوا النجاة مع كل كثافة استهدافهم من قبل الطائرات الأمريكية. هل تعتقدون أن مجمتعنا غبي وغير واعي ولا يفهم الفجاجة الجارية في خضم هذه التراجيديا. انها الحرب. القائد العام للقوات المسلحة لأعظم ديمقراطية في العالم ذهب الى الحرب بأسوء مفهوم ستراتيجي لقائد عام للقوات المسلحة في التاريخ. ونحن نتبعه بكل جد مظهرين طاعتنا واستعدادنا للقتال الى جانبه.

..........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي