ثورة الجياع: حواسم مفاسد المحاصصة!
مازن صاحب
2020-12-24 09:05
منذ الإفصاح عن تفاصيل تطبيقات وصفة صندوق النقد الدولي في مسودة قانون الموازنة العامة 2021 وبوابة التوقعات والاستنتاجات انفتحت على مصراعيها، مشرقا ومغربا، من دون التوصل الى قناعات راسخة عن تلك الحلول الفضلى المطلوب الاتيان بها للخروج من وحل نتاج مفاسد المحاصصة طيلة 17 عاما مضت.
في التحليل السيمائي للمشهد الحالي يمكن ملاحقة مشاهد من تبريرات ممارسات الحواسم خلال غزو الكويت 1990 ومن ثم ما بعد 2003 وكلاهما انتج شريحة اجتماعية طفيلية لم ترفض من مجتمعها العشائري او المناطقي، بل تحولت الى نموذج من " روبن هود" امني يلجأ اليه عامة الناس للحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم في زمن قحط فيه نفاذ القانون وتراجع العقد الاجتماعي نحو البداءة الأولى للتكوين البشري حينما احتمى الانسان بالكهوف، فاخذ العراقي يحتمي بكهوف هذا او ذاك من الأحزاب التي لها اجنحة مسلحة لعل وعسى ينجو من الإرهاب والجماعات المسلحة وجرائمها المنظمة، وكانت النتيجة ان هذا السلوك الإنساني للمواطن العراقي تولدت معه مظاهر سلوكيات انتخابية لحساب شعبية هذا او ذاك من الأحزاب والكيانات الانتخابية.
ومع تراكم الاحداث سواء نتيجة اعمال إرهاب تنظيم القاعدة الإرهابي ومن ثم عصابات داعش او عبر الممارسات الخاطئة في عدم الالتزام بمعايير الحكم الرشيد في السياسات العامة للنفيذ البرامج الحكومية والمشاريع الاستثمارية، مما أدى الى الانغماس في مفاسد المحاصصة ،توالدت عبر السنوات الماضية مصاعب تحولت الى معضلات اقتصادية وإدارية وأيضا فجوة في الثقة المجتمعية، حتى باتت الأفكار التي تطرح للإصلاح الشامل تغادر التطبيق الموضوعي للعدالة والانصاف المجتمعية وتتحول الى نموذج للحفاظ على امتيازات امراء الطوائف وقادة الكتل البرلمانية من دون النظر الى مصالح اكثر من ثلث العراقيين الذين يقعون حسب ارقام وزارة التخطيط ما بعد جائحة كورنا على هامش هشاشة الفقر او تحتها.
وكأن حال ما يذهب به نحو الإصلاحات لا يختلف من حيث نتائج التطبيق عن عقلية " الحواسم" في امتلاك ما لا يمكن امتلاكه خارج نفاذ القانون الا ان ما يحصل اليوم مشرعنا بقانون!
وأيضا في هذا التحليل السيمائي ان اغلبية من يعارض هذه الإصلاحات انما هو أصلا مستفيد من حالات لا يمكن تطابقها مع معايير الحكم الرشيد، وأول ذلك ما يمكن تحديده في معايير النزاهة المجتمعية في قياس إنتاجية الموظف افي الدوائر الخدمية والاقتصادية ناهيك عن الأمنية، مقابل حالات متوالدة من ممارسات اللادولة التي عششت في مفاصل كثيرة تحت عناوين شتى مثل الفضائيين وغيرها، الأمور التي يتطلب أصلا من تطبيقات الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي التي تكون بداية اعمال اللجنة الاقتصادية الوزارية، لكن هذه اللجنة بعقلية الخبير الدولي وليس القائد الوطني العراقي، فضلت التعامل مع الجميع بفرض ضريبة تخفيض قيمة العملية بأكثر من 20% إضافة الى إجراءات أخرى، من دون ان تمتلك سلطة نفاذ القانون على اؤلئك " الحواسم" المسيطرين على حالة اللادولة لكي تتمكن من فرض أي إجراءات لنفاذ القانون ، وهكذا تعاملت هذه الإجراءات بعقلية اقرب ما تكون الى إرضاء حالة اللادولة مقابل البطش والتنكيل بفقراء العراقيين!
لذلك أي مسعى لتوظيف هذا البطش والتنكيل من قبل أي قوة سياسية عراقية يمكن ان تكون له نتائج اكثر سوءا من جميع إيجابيات هذه المتغيرات على الاقتصاد الكلي للدولة، وهذا يحتاج الى فرض ضرائب الحالات الطارئة في الأرباح الفاحشة على البنوك التي استفادت من مزاد العملة حتى الان، فضلا عن فرض ضرائب لمواجهة الاحتكار وزيادة الأسعار وقائمة تطول من الأمور المعيشية اليومية ،والسؤال هل من فرض هذه المتغيرات قادرا على الآيتان بمثل هذه الحلول ام انه سيمط شفتيه معتبرا ان ذلك ليس من ضمن مسؤولياته بل هي مسؤولية وزرات أخرى ؟؟
عندها ستكون ثورة الجياع موجة عابرة للكيانات السياسية، تحتاج الى طرف ثالث يعيد ذات الوجوه القديمة لمجلس حكم بريمر من فرض سطوتها بعناوين جديدة ربما نسمع عنها عجبا في البرامج الانتخابية المبكرة.. ولله في خلقه شؤون!