(صراع الذئاب المتطرفة) هل هي الحرب القادمة؟

باسم حسين الزيدي

2015-06-17 06:47

عندما سيطر تنظيم "داعش" على مناطق واسعة من سوريا والعراق بين عامي (2013-2014)، كان قادة التنظيم يخططون للبقاء فيها، واعلان الخلافة "الاسلامية"، وهو ما اعلنه زعيمهم "ابو بكر البغدادي" من على منبر جامع الموصل الكبير، بل واعتبر الناطق باسم التنظيم "ابو محمد العدناني"، ان حدود سايكس-بيكو، تعتبر من الان بحكم المنتهية، وان "الدولة الاسلامية"، سترسم حدودها الخاصة، التي شملت معظم بلدان اوربا وافريقيا واسيا، اضافة الى منطقة الخليج والشرق الاوسط، ومع ان البعض نظر الى هذه الخريطة السوداء بشعارها الاسلامي المشهور (والتي تشترك برفعة اغلب الحركات المتطرفة، بما فيها التنظيم الام "القاعدة)، وهو يضحك، ويعتقد ان قادة التنظيم قد اصابهم الغرور، بعد سيطرتهم على مناطق ضعيفة امنيا، على جانبي الحدود العراقية-السورية، بسبب العمليات العسكرية وطول جبهة القتال وعوامل سياسية وديموغرافية، سهلت هذا الامر... لكن هناك من قرأ التطورات بصورة مغايرة تماما عن الاخرين.

تنظيم "القاعدة" كان اول المنزعجين من بروز "داعش"، لسببين مهمين... الاول ان "داعش" كانت من الاساس "جزء محلي صغير" من تنظيم "ارهابي عالمي التوجه"، ويرى زعماء القاعدة ان "البغدادي" قد انكر الفضل وشق عصا الطاعة... الثاني، لان تنظيم "داعش" قد هاجم "القاعدة" وزعيمها الجديد "ايمن الظواهري" بصورة مباشرة، واعتبره "منحرفا" عن توجهات وتوجيهات الزعيم المؤسس للقاعدة "اسامة بن لادن"... وقبل ان يظهر الصراع بين الخصمين الى العلن... كانت هناك العديد من المراسلات السرية، ارسلتها القاعدة للنصح والعودة الى الاصل (القاعدة)... واستمرت هذه المحادثات حتى بعد "نقطة الصدام" بين "داعش" و"جبهة النصرة" (فرع القاعدة)، بعد ان دب بينهما خلاف دامي على من يتولى مسؤولية الاراضي التي سيطروا عليها في سوريا، والمرجعية التي يأتمر العناصر المسلحة بأمرها... فضلا عن خلافات "ايدولوجية" و"عقدية" تتعلق بكيفية تفسير "الشريعة" المتشددة التي يؤمن بها الطرفان... باستثناء ان "داعش" كانت اكثر تطرفا من الجميع، اضافة الى الرفض القاطع للاعتراف باي جهة كانت قد تشاركهم في الامر، ما خلا اقامة دولتهم الاسلامية المفترضة.

الخطورة التي شعرت بها الجماعات المتطرفة المنتشرة في شمال افريقيا واسيا والشرق الاوسط... كانت من اسلوب تنظيم "داعش" في الانتشار والتمدد والتي اعتمدت على:

- السيطرة على الاراضي (حتى ان بعض الخبراء يرى ان مساحة سيطرة داعش قاربت مساحة بريطانيا)، وحكم ملايين المدنيين (8 مليون انسان يقع تحت حكم داعش بصورة مباشرة في العراق وسوريا)، وادارة اقتصادهم الخاص بهم (من تهريب النفط وبيع الاثار وفرض الاتاوات والجزية والضرائب والمخدرات والفدية...الخ).

- هذه الخطوة جذبت الشباب الطامح الى فكرة "الجهاد" من المغرر بهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحولت "الهجرة الجهادية العكسية" من تنظيم القاعدة الى تنظيم "داعش"، حتى ان تقارير استخبارية غريبة، اكدت ان عشرات الالاف من 100 دولة حول العالم غادروا بلدانهم للالتحاق بداعش.

- نظرة التنظيم الى الواجهات المتطرفة الاخرى... جعلتها رافضة لوجوده... فهو يتمدد في مناطق نفوذها ويخيرها بين الانضمام الى زعامة "البغدادي" او "القتال".

ما حدث في ليبيا يعطي مؤشرا جديدا على هذه التطورات... بعد ان تجمع "متشددون اسلاميون" تحت مظلة تحالف "مجلس الشورى" لمقاتلة تنظيم "داعش" وطرده من مدينة "درنة" الليبية... وهو اتفاق واضح بين جميع الحركات المتطرفة على رفض اي تواجد للتنظيم على المناطق الخاضعة لسيطرتها... وربما اعتبرت ما حدث في سوريا والعراق دليل على ضرورة التوحد لمنع تمدد داعش على اراضيها.

اما حركة "طالبان"... ورغم عدم اعترافها الرسمي بوجود عناصر من داعش على الاراضي الافغانية... الا انها دخلت على خط القلق الذي يهدد وجودها ومكانتها، بعد ان حذرت "التنظيم" و"زعيمه" من العبث معها... او محاولة التمدد على اراضيها... والا فإنها ستواجه "الامارة الاسلامية في افغانستان".

ربما سيكون هناك المزيد من المواجهات المسلحة بين الاطراف الاسلامية المتشددة على مناطق النفوذ والتمدد... وقد تساعد "طالبان" حليفها القديم "القاعدة"، لاحتواء التنظيم "الشاذ" عنها... وقد ينتقل هذا الصراع الى اكثر من قارة ودولة... مواجهات مباشرة...اغتيالات... تفجيرات انتحارية... تعاون مع جهات استخبارية لتقليم الاظافر... اعلان "الجهاد" ضد الطرف الاخر... لكن هل يمكن ان نسأل... كيف سيستفيد العالم من هذا الصراع؟ وكيف سيديره الغرب... وبالأخص الولايات المتحدة الامريكية واوربا (وعلى وجه الخصوص بريطانيا)؟

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا