قراءة في‮ ‬موازنة‮ ‬2020‮ ‬البائسة

رائد الهاشمي

2020-09-22 08:12

كما عودتنا الطبقة السياسية في‮ ‬تفضيل مصالحها الشخصية دائماً‮ ‬على مصلحة البلد والمواطن تمت مصادقة قانون موازنة عام‮ ‬2020‮ ‬من قبل الحكومة بعد مرور تسعة أشهر على موعدها المقرر ودفعت بها الى قبة البرلمان لتدخل في‮ ‬دهاليز الخلافات والمصالح والصفقات السياسية المريبة والخلافات الأزلية مع الاقليم لغرض المصادقة عليها رسمياً‮ ‬لتصبح نافذة المفعول والتنفيذ، وهذا ليس‮ ‬غريباً‮ ‬علينا ففي‮ ‬كل عام تتكرر مهزلة تأخير اقرار قانون الموازنة ونشهد المهاترات والخلافات السياسية وتتسرب أخبار الصفقات المريبة خلف الأبواب المغلقة بين الكتل السياسية لغرض الحصول على المكاسب‮ ‬غير المشروعة والتي‮ ‬تكون دائماً‮ ‬على حساب الوطن والمواطن‮.‬

السيد الكاظمي‮ ‬رئيس مجلس الوزراء اضطر الى المصادقة على الموازنة والاسراع بدفعها الى البرلمان ولم‮ ‬يترك الأمر كما حدث في‮ ‬عام‮ ‬2014‮ ‬لعدة أسباب أولها لضمان ديمومة رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية للأشهر الثلاثة المتبقية وثانياً‮ ‬للحصول على‮ ‬غطاء قانوني‮ ‬للاقتراض بمبلغ‮ ‬سبعة وعشرون تريليون دينار لتغطية نفقات الموازنة الضرورية وثالثاً‮ ‬لضمان الايفاء بوعوده التي‮ ‬قطعها للشعب وأهمها الدرجات الوظيفية لبعض الشرائح التي‮ ‬وعدهم بالتعيين أمام وسائل الاعلام.

وبدون المصادقة على الموازنة لن‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يعين مواطن واحد في‮ ‬هذا العام، ورابعاً‮ ‬لكي‮ ‬تتمكن حكومته من العمل بحرية تحت‮ ‬غطاء قانوني‮ ‬ومالي‮ ‬لاجراء التغييرات المختلفة التي‮ ‬أعلن عنها في‮ ‬عدة مناسبات‮. ‬اقرار موازنة عام‮ ‬2020‮ ‬أثبتت حقيقة دامغة وهي‮ ‬فشل الحكومات التي‮ ‬تعاقبت على العراق منذ عام‮ ‬2003‮ ‬وحتى الآن في‮ ‬ادارة البلد وخاصة الملف الاقتصادي‮ ‬وأثبتت عجزها وفشلها في‮ ‬اخراج الاقتصاد العراقي‮ ‬من عباءة الاعتماد الكلي‮ ‬على النفط في‮ ‬تمويل موازنة البلد وفشلها في‮ ‬النهوض بالقطاعات الاقتصادية الأخرى والتي‮ ‬بالامكان الاعتماد عليها في‮ ‬تعظيم موارد الموازنة وتقليل الاعتماد على النفط وخاصة القطاع الصناعي‮ ‬والزراعي‮ ‬والتجاري‮ ‬والسياحي‮.

‬جاءت أرقام الموازنة مخيبة للآمال ومقلقة حيث بلغت حجم النفقات الكلية‮ ‬148‮ ‬تريليون دينار فيما بلغت حجم الواردات الكلية‮ ‬67 تريليون دينار وبذلك أصبح العجز أكثر من‮ ‬ 81تريليون دينار وهو أعلى رقم بلغه العجز بتاريخ البلاد، ومن الطبيعي‮ ‬أن تكون الموازنة خالية من أية تخصيصات استثمارية بسبب الظروف الاقتصادية التي‮ ‬يمر بها البلد نتيجة انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا‮.

‬التحديات الاقتصادية القادمة على البلد خطيرة جداً‮ ‬وحجم المشاكل الرئيسية‮ ‬يتضاعف ومعدلات الفقر والبطالة والأمية تتضاعف بشكل مقلق والنقص في‮ ‬كل الخدمات الرئيسية لازال قائماً‮ ‬والقدرة الشرائية للمواطن العراقي‮ ‬في‮ ‬هبوط مستمر وعجلة الاستثمار والبناء متوقفة وحجم الديون الخارجية والداخلية وفوائدها في‮ ‬صعود مقلق‮.

‬الخروج من هذه المآزق الفادحة‮ ‬يتطلب وقفة ونيّة جادة من الحكومة الحالية أو من الحكومات القادمة في‮ ‬وضع خارطة طريق جديدة ورسم خطط تنموية حقيقية تتضمن توقيتات زمنية دقيقة للاسراع بالنهوض بالقطاع العام والقطاع الخاص والمختلط واعادة الحياة للقطاع الصناعي‮ ‬والزراعي‮ ‬والسياحي‮ ‬ومن الممكن الاستعانة بالاستثمار الأجنبي‮ ‬والمحلي‮ ‬ووضع أسس حقيقية للاستثمار وتوفير الحماية الكاملة للمستثمرين من الفساد والتهديد وتقديم كافة التسهيلات في‮ ‬المعاملات الاستثمارية.

وكذلك التأكيد على مبدأ احتضان القطاع الخاص العراقي‮ ‬بشكل حقيقي‮ ‬وتذليل كافة العقبات والصعوبات أمامه وفسح المجال له لأخذ دوره الحقيقي‮ ‬في‮ ‬بناء البلد وتحريك الاقتصاد العراقي‮ ‬واستيعاب جيوش العاطلين من الشباب‮. ‬

أخيراً‮ ‬أقول بأن البلد مقبل على هاوية الانهيار الاقتصادي‮ ‬والاجتماعي، والشعارات والتصريحات الاعلامية الرنانة لن تنقذ البلد من الخطر،بل نحتاج من حكوماتنا وبرلماناتنا الى نيّة حقيقية وولاء حقيقي‮ ‬للوطن وتخطيط علمي‮ ‬سليم وضرب بيد من حديد على رؤوس الفاسدين لكي‮ ‬ننقذ بلدنا الحبيب وشعبنا المسكين الذي‮ ‬أثقلته الهموم والمعاناة وبدأ صبره بالنفاد‮.‬

.........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا