جرح العراق النازف
عبدالزهرة الطالقاني
2015-06-09 01:02
مازال جرح العراق النازف يتدفق دما ويلون خارطته باللون الأحمر، هذه الدماء التي نزفت في شماله ووسطه وجنوبه، امتزجت مع بعضها ولايمكن لاحد ان يفرق بينها.
(2538) عراقيا سقطوا بين شهيد وجريح في شهر نيسان الماضي وحده، هذه الأرقام لم تعلنها الحكومة العراقية أو اللجان المتخصصة في البرلمان العراقي بل هي إحصائية الأمم المتحدة، التقرير الخاص بالعراق أشار الى ان هناك (812) شهيدا خلال شهر نيسان، و(1726) جريحا، جروح بعضهم خطيرة من غير أولئك الذين تسببت لهم اعاقات.
هذه التضحيات نتيجة أعمال إرهابية بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة واحزمة ملغومة.. وبعض الشهداء والجرحى سقطوا نتيجة المعارك مع داعش. هؤلاء الضحايا جلهم في بغداد فقد بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا في بغداد بين شهيد وجريح (1165) وهذا يعني نصف العدد الكلي من الضحايا، فقد استشهد (319) شخصا و جرح (846) آخرين.. وبقية الضحايا من محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى، مايشير الى ان العمليات الإرهابية تستهدف المدنيين. فقد بلغ عدد الشهداء المدنيين (536) شهيدا، وعدد الجرحى (1456) جريحا، بينما سقط (30) شهيدا من أفراد القوات الأمنية، و (58) جريحا، ونظرة تحليلية اولية للأرقام المذكورة، نجد ان جُل الضحايا من المدنيين، فهم مستهدفون في كل مكان، مايدل على خسة داعش والجهات الداعمة لها، سواء في الداخل ام الخارج.
في كل شهر يصدر تقرير الأمم المتحدة ليعلن عن مزيد من الشهداء والاف من الجرحى، حتى ان ضحايا الأشهر الثلاثة الماضية التي سبقت نيسان بلغ (10,181) شهيدا وجريحا.
جرح العراق كبير، والدماء تسيل من ابنائه انهارا، فمنذ سبعينيات القرن الماضي والجرح يتسع شيئا فشيئا، حتى جاءت الثمانينيات ليتسع جرح العراقيين اكثر، حيث سقط اكثر من مليون ونصف المليون شهيد نتيجة حرب ظالمة استمرت ثماني سنوات، وجُرح وتعوق وتيتم وترمل ملايين العراقيين والعراقيات. ولم يكتف طاغية العراق بما سال من دماء، بل انه استمر في غيه حتى غزا الكويت عام 1990، ليسلط على العراقيين سلاح الدول الكبرى في اطار تحالف دولي شارك فيه الاشقاء البغاة، ليمطروا العراقيين بمزيد من الموت والدمار، فعاد سيل الدم يتدفق انهارا، وانهار البناء الذي شيده العراقيون بعرقهم واموالهم، وهكذا وسوى الموت الذي حل بالعراقيين بالمجان فان الطاغية، وبدعم من زمرة البعث المجرم، استخدم كل خبثه وجبروته في قتل المزيد من العراقيين، وزج الالاف منهم في السجون، وأصدر القرارات الارتجالية بإعدامهم من محاكم صورية تفتقر الى ابسط شروط العدالة التي يجب توفرها في المؤسسات القضائية.
تقرير الأمم المتحدة أشار الى ان عدد الذين سقطوا خلال عام 2014 وحده بلغ اكثر من (26) ألف شهيد وجريح فكيف بالاعوام الـ(11) التي سبقت هذا التأريخ..
هل هناك شعب في هذا العالم فقد من أبنائه هذا العدد من الضحايا؟
وهل ان هناك دماءً سالت كدماء العراقيين؟..
وهل ان جرحا استمر ينزف اكثر من خمسين عاما كجرحهم؟..
الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه، ونساله جل وعلا ان يزيل عنا هذا الغم، وهذا الهم، فقد نفد صبرنا وما عاد لنا على الصبر قدرة.. فقدنا اعز ابنائنا ومازلنا نفقد المزيد، فقدنا امننا واستقرارنا وتساوى لدينا ان نعيش او لا نعيش، الموت يحيط بنا ومازالت دسائس الاشقاء تزيد جرحنا ألما ونزفا، ومازالت قلوبنا يعتصرها الالم على ما فقدنا، وما سنفقد في الأيام القادمة، فالموت مازال مستوطنا ارضنا وبلادنا، ولم يغادرنا وهو يفتك بنا وكأنه صار جزءا من يومنا وحياتنا يطوق اعناقنا فهل من خلاص؟