سيادة الدولة في مهب الرياح الداخلية

محمد عبد الجبار الشبوط

2020-01-20 04:25

مفهوم سيادة الدولة من المفاهيم الحديثة نسبيا والمبحوثة في القانون الدولي والقانون الدستوري وعلم السياسة، وهي تشكل احد مكونات الدولة بمعناها الحديث وهي الارض والسكان والنظام السياسي والسيادة (والنظام القيمي بالنسبة للدولة الحضارية الحديثة).

ومع تعقيد معنى السيادة وتعريفها فلسفيا وقانونيا فان ما تعنيه عمليا وواقعيا هو ان تمتع

الدولة "بالسلطان المطلق" داخل حدودها وخارجها بحيث تكون حرة في تصرفاتها ولا يوجد قيد داخلي او خارجي على سلطانها.

وهذه هي السيادة المطلقة، وبالتأمل بالواقع العملي للدول بعد نشوء التنظيم الدولي وتعدد اشكال الدول، اصبح القول بالسيادة المطلقة محكوما بعوامل عدة، خارجية وداخلية، تدفعنا الى التفكير بالسيادة المقيدة، ومن اهم القيود المفروضة على سيادة الدول: القانون الدولي، بما في ذلك لوائح حقوق الانسان، وانظمة الاتحادات الدولية مثل الاتحاد الاوروبي، والدولة الفيدرالية والكونفدرالية والعقوبات الدولية.

غير ان السيادة، على المستوى الداخلي يمكن ان تتعرض للتآكل بسبب عوامل داخلية اهمها الفوضى التي تضعف السلطات التنفيذية والتشريعية في الدولة الى الدرجة التي تجعلها غير قادرة على فرض سلطانها داخل اقليمها الارضي او الجوي او البحري.

وقد تعرضت سيادة الدولة العراقية الى التآكل والانتقاص والتقييد مرات عدة، كما حصل في طل حكم صدام حسين، او في ظل الاحتلال الاميركي بعد عام ٢٠٠٣، او في عهد حيدر العبادي. واليوم نشهد تآكلا خطيرا في قدرة الدولة على ممارسة سيادتها وسلطانها في داخل اقليمها الارضي والجوي بسبب الفوضى الدستورية، و ضعف سلطات الدولة المختلفة وعدم قدرتها على تنفيذ قوانينها وقراراتها بسبب خروج الشارع الشعبي عن السيطرة، ووجود قوى اجتماعية ومسلحة اقوى من الدولة، فضلا عن عدم احترام اطراف اقليمية ودولية لسيادة الدولة العراقية.

ليس مفهوم السيادة الموجود في الكتب هو الامر الوحيد المهم، انما المهم ايضا قدرة الدولة على ممارسة سيادتها، والواضح الان ان الدولة العراقية غير قادرة على ممارسة هذه السيادة بسبب تعدد الفاعلين الداخلين والخارجيين وتعارض اراداتهم مع ارادة الدولة الغائبة.

ولا سبيل الى اعادة ترميم سيادة الدولة العراقية الا بالخروج من حالة الفوضى، والعودة الى الدستور والقانون والنظام العام واستعادة الدولة قدرتها على ممارسة السيادة في الداخل والخارج.

وربما توقف تحقيق ذلك، في نهاية المطاف، على اعادة هيكلة الدولة وتجديد بناء مؤسساتها بشكل يمكنها من ممارسة السيادة الداخلية وفرض احترام العالم لهذه السيادة.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا