انقلاب السعودية المخملي
صالح الطائي
2015-05-01 10:22
بعد نجاح الحلف المشؤوم بين قادة الحركة الوهابية وشيخ العشيرة الطامعة بالملك؛ الذي أفضى إلى تأسيس ما يعرف اليوم باسم (المملكة السعودية) التي نص قانونها على أن يتولى أولاد عبد العزيز البالغ عددهم أكثر من ستين شخصا إدارة البلاد سياسيا بالتتابع، وأن يتولى شيوخ الوهابية إدارة البلاد دينيا، صار لزاما أن يكون الملك وولي عهده من أولاد عبد العزيز حصرا ولحين موت آخر واحد منهم حيث تنتقل السلطة بعد ذلك إلى أحفاد عبد العزيز حصرا.
هذه القاعدة تم العمل بموجبها منذ تأسيس المملكة ولحين تولي الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، ولكن الأخير، وفي خطوة استباقية غير متوقعة، جاءت بتأثير السديريين، وهم القطب الأقوى ضمن أقطاب الصراع الأسري السعودي، خرج على هذه القاعدة ، وقام بإعفاء أخيه ولي العهد مقرن بن عبد العزيز آل سعود، وهو من أم ليست سديرية؛ من منصبه مدعيا أن الإعفاء تم بناء على طلب مقرن الشخصي، وعين بدلاً منه محمد بن نايف ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، مع احتفاظه بمنصبه وزيراً للداخلية. كما عين ولده محمد ولياً لولي العهد مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع.
فضلا عن ذلك شمل التغيير، إعفاء أقدم وزير للخارجية في العالم كله، سعود الفيصل من منصبه، بنفس الإدعاء السابق أي بناء على طلبه، ولكن لأسباب صحية، حيث تم تعيينه مستشاراً ومبعوثاً خاصا للملك ومشرفاً على الشؤون الخارجية. ولا أدري كيف سيتمكن من القيام بهذه المهام الخطيرة التي لا يقل جهدها عن جهد وزارة الخارجية وهو الذي قالوا: إنه طلب الإعفاء لأسباب صحية.
كما شملت التغييرات وزارة الصحة، بوزير شغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو النفطية. ولا أدري ما علاقة الصحة بالنفط.! وشمل وزارة الاقتصاد ووزارة العمل ورئاسة الديوان الملكي.
إن جميع هذه المناصب حساسة ولها علاقة مباشرة بالتداعيات التي تركتها حرب اليمن على الوضع السعودي الداخلي، مما يعني أن السعودية تضررت بسبب هذه الحرب أضعاف ما حققته من مكاسب باهتة، وان استمرار الحرب سوف يرتب على المملكة خوض تغييرات أخرى للحفاظ على ماء الوجه، قد تؤدي إلى تفكك لحمة النظام، ونشوب صراعات بينية بين أقطاب العائلة.
إن ما حدث في المملكة لم يكن تغييرا عاديا بقدر كونه انقلابا مخمليا يؤشر إلى خطورة الوضع الداخلي الذي تعيشه البلاد؛ التي أصبحت مترددة في مسألة مواصلة الحرب حرصا على وحدتها.
وما يحدث في السعودية اليوم قد يكون أول بوادر انهيار النظام التي وعدنا بها أهل البيت (عليهم السلام) فيما يخص موت عبد الله والفتن والمشاكل التي ستثار بعد موته والتي ستؤدي إلى ثورات داخلية عديدة يتم تغيير الملك مع كل ثورة منها إلى أن تصل المملكة على مرحلة التفكك الكلي والانهيار.
إن هذا الانقلاب الناعم سوف يتحول في المستقبل القريب إلى عادة تمارسها أقطاب العائلة الحاكمة، ومن المؤكد ان الانقلابات القادمة لن تكون ناعمة بالمرة، وستتسبب بسفك دماء وقتل وعداوات، تودي في النهاية بهذا النظام المتخلف إلى الهاوية.
وقد تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لخلاص العالم من المشاكل والفتن التي أثارها آل سعود في البلدان الإسلامية والعالم، فمجرد انشغالهم بهمهم الداخلي سوف يمنعهم عن تمويل الحركات الإسلامية المتطرفة التي لا تستطيع العمل بدون الدعم المالي الكبير الذي توفره المملكة لهم.