الاعلام الذكي والخطاب الناجح
باسم حسين الزيدي
2019-03-14 06:11
إذا أردنا ان نتكلم عن الاعلام الذكي كقوة ناعمة يمكن استثمارها في عملية إيصال الرسالة الإعلامية المطلوبة لا بد لنا ان نفهم الغرض من الاعلام وبالتحديد الذي يوصف بالذكي ولعل الغرض منه - ببساطة – هو القدرة على إيصال الرسالة المطلوبة بطريقة تتناسب مع أهدافها (تناسب المخرجات مع الأهداف)، بالإضافة الى تناسق الوسائل مع الأهداف والمخرجات، وهي نقطة مهمة قد يغفل عنها الكثير ممن يعمل في مجال الاعلام.
ان اهم الإشكالات المسجلة على الاعلام في وقتنا الحالي هو عملية (الارتجال) في طرح الرسالة الإعلامية الى الرأي العام، ناهيك عن صياغة الخطاب بطريقة غير قابلة للفهم من قبل المتلقي، وكأنه خطاب تم اعداده ليناسب من طرحه وليس خطاب اخذ في نظر الاعتبار الطرف الآخر بكل طبقاته وفئاته العمرية والاجتماعية والثقافية.
الخطاب التقليدي
من الإشكاليات الأخرى، ربما لدى البعض وليس الكل، وجود الاعلام التقليدي بخطابه التقليدي في عالم سريع وحديث ومتطور فنياً وتكنولوجياً بصورة كبيرة جداً... وفي جواب هذه الإشكالية قال الشيخ مرتضى معاش، بأنه: " لايمكن الغاء الخطاب التقليدي بصورة نهائية فهناك من يرغب به، لكن في ذات الوقت، نحتاج الى وجود تكامل مع الخطاب الحديث القائم على أساليب واسس جديدة تتناسب مع تفكير الشباب والفئات الاجتماعية التي ظهرت في عالم الحداثة اليوم التي قد لا تنسجم مع الخطاب التقليدي، لذلك لا بد ان يكون لنا خطاب ذكي يتناسب مع فهم هذه الفئات والطبقات وإيصال الرسائل المطلوب ايصالها بنجاح".
وأضاف الشيخ معاش ان: "هناك ملاحظة مهمة حول الحاجة الى الخطاب الحديث (الذكي) وهي ان لا يكون هذا الخطاب مبني على نسف او هدم الأسس والأصول بل ان تكون عملية تكاملية بينه وبين الخطاب التقليدي بطريقة تناسقية تتناسب مع الأهداف وكذلك الوسائل تتناسب ايضاً مع الأهداف الموضوعة".
الخطاب التاريخي
ان جوهر الخطاب المطلوب في عالم اليوم ينبغي له ان يلامس هموم وحاجات الناس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والمعرفية، وهو غير مطالب ان يكون خطابا تاريخيا جداً يبتعد عن إيجاد حلول لمشاكل المجتمع.
لذلك ينبغي ان يكون الخطاب متحرك وفعال وديناميكي ومنسجم من اجل متابعة القضايا التي تهم الشارع وهمومه اليومية، وهنا يمكن الاستفادة من التاريخ لأخذ العبر وربما لإيجاد العلاج للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها المجتمعات.
اما الطريقة التقليدية التي تقوم على جمع التاريخ واعطاءه للمتلقي في سلة واحدة دون القيام بقراءته والاستفادة واستلهام العبر منه فإنها ستكون ذات تأثير محدود على الطرف الاخر، في وقت نحن في أمس الحاجة الى قراءة تاريخنا من اجل المستقبل، والذكاء الإعلامي هو القدرة على تحويل الخطاب من الماضي الى المستقبل.
الاعلام الذكي وحرية التعبير
أصبح العراق اليوم يتمتع بحرية نسبية جيدة وهذه الحرية تسهم في صناعة اعلام حر وناجح.
ويجب ان تحترم حرية التعبير وتعددية الآراء والاجتهادات فبدونها لا يمكن ان ينجح الاعلام لأن وسائل الاعلام هي من تمارس عملية الرقابة والتوعية والترشيد، وهذا يخيف الحكومات المستبدة واول شيء تقوم به هو تكميم افواه الاعلاميين عن طريق القتل او السجن او الترهيب او المحاسبة الشديدة.
والاعلام في العراق يتمتع بحرية لكنها ليست كاملة لأنها تتعرض في بعض الاحيان للترهيب والتخويف، وحين نقول اعلام ناجح وحر نقصد به هو ذلك الاعلام الذي يمارس عملية الرقابة وكشف الفساد وإصلاح المجتمع وإصلاح منظومة القيم ويحمل اخلاقيات المهنة ويكون صادقا وموضوعيا في نقل الحقيقة.
الخلاصة
1. البحث عن التكامل بين الخطاب التقليدي والخطاب الحديث لخلق اعلام ذكي قادر على إيصال الرسائل المطلوبة، لان الاعلام الذكي هو الذي يوصل الرسالة او الخبر بصورة مقنعة وجميلة وليس بطريقة دعائية فجة.
2. الاستفادة من هامش حرية التعبير المتاحة في البلد من اجل ممارسة عملية الرقابة والنقد الموضوعي بهدف اصلاح النظام الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي والحفاظ على ديمومة حرية التعبير وتطويرها.
3. الاحترافية في مجال الاعلام الذكي من شأنها اختصار الزمن والجهد المبذول في عملية إيصال الرسائل بمختلف اتجاهاتها وأهدافها، كما ان الوسائل المتاحة في الاعلام الحديث هي اضعاف ما موجود في الاعلام التقليدي.
4. ان التركيز على أسلوب الخطاب وتطويره بما يتناسب ومنظومة القيم الموجودة في كل مجتمع لها تأثير فعال وحيوي في تطوير المجتمع وتفاعله مع هذا الخطاب وتحقيق نسب عالية من النجاح.
5. الابداع وليس التقليد هو سر نجاح الاعلام في تحقيق الغاية المرجوة منه، وعليه ينبغي الاستمرار في عملية الابداع وتجنب التكرار او التقليد في طرح الأفكار والوسائل والاهداف.