العراق وأمريكا.. صفقات مؤجلة تلقي بظلالها على محاربة داعش

كمال عبيد

2015-04-18 01:02

العبادي في امريكا في أول رحلة له منذ أن أصبح رئيسا لوزراء العراق، وبعد تحرير مدنية تكريت من تنظيم داعش والتهيئة لتحرير مدنية الموصل، يتوقع المحللون ان توقيت هذه الزيارة يأتي لمناقشة عدة قضايا مهمة بين الطرفين حول الاوضاع الراهنة والمستقبلية على الصعيد الامني تحديدا، ويقول بعض المتابعين ان لقاء العبادي بأوباما جاء من أجل طلب العراق أسلحة وطائرات دون طيار أمريكية لمواجهة داعش، إضافة إلى مناقشة الدور الإيراني في العمليات العسكرية في العراق ضد هذا التنظيم الارهابي.

ويرى هؤلاء المحللون أن تصريحات الرئيس الامريكي باراك أوباما عقب لقائه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تظهر نوعا من عدم التعامل الجاد والحاسم في مساعدة العراق لمحاربة داعش بقول أوباما ان الانتصار على الارهابين "لن يحصل غدا"، مكررا ما سبق ان اعلنته وزارة الدفاع الاميركية ان المعركة مع تنظيم داعش تحتاج الى "نفس طويل"، ويفسر المحللون هذه التصريحات الامريكية خصوصا فيما يتعلق بتدخل ايران في معركة تكريت مؤخرا، بأنه رد انفعالي يكشف ذريعة سياسية لإخفاء النوايا المبيتة والرهانات الشبه حتمية والحقيقية الموجودة لدى الولايات المتحدة، وقد اتضح ذلك جليا من خلال اعتمادها على سياسة الغموض الاستراتيجي، التي تجسدها ديمومة الجدلية والمراوغات السياسية وصراع الأجندة، فلم يلتزم اوباما بإرسال مزيد من الاسلحة الى العراق لكنه وعد بتقديم 200 مليون دولار اضافية لصالح العراقيين الجرحى او الذين هجرهم تنظيم داعش الارهابي.

في الوقت ذاته يواجه العبادي أزمة سيولة بسبب تراجع أسعار النفط التي عصفت بأموال الدولة العراقية، وتتوقع الحكومة أن يبلغ عجز الموازنة حوالي 21 مليار دولار هذا العام، وخلال أول زيارة يقوم بها إلى واشنطن كرئيس وزراء يأمل العبادي في اقناع الولايات المتحدة التي انهكتها الحروب أن العراق يستحق مزيدا من القوة البشرية الأمريكية والأسلحة بعد ثلاث سنوات من انسحاب القوات الأمريكية من البلاد في ديسمبر كانون الأول 2011 بينما يواجه جيشه الوليد داعش الارهابي، وألمح المسؤول العراقي الكبير إلى أن بغداد قد تتحول إلى طهران إذا لم تحصل على المساعدات التي تريدها من واشنطن.

لكن امريكا لا تريد خسارة العراق وتعتبره ملفا مهما في سياستها الخارجية قبل اقل من سنتين من انتهاء ولايته، في المقابل، يرى خصومه ان اصراره على سحب القوات الاميركية في نهاية العام 2011 كان خطأ استراتيجيا كبيرا، لذا يرى المحللون المتخصصون انه منذ بدء الحروب الامريكية اعتمدت هذه الدولة المستعمرة على صفقات الاسلحة وتأجيج الحروب الداخلية والتسميم السياسي لكي تكون ذريعة لتتدخل بالشؤون الداخلية للدول التي تحتلها بذريعة الحماية او اتفاقات امنية استراتيجية، وتكشف المعطيات آنفة الذكر سياسية الرياء الامريكية لإخفاء النوايا المبيتة والرهانات الشبه حتمية والحقيقية الموجود لدى الولايات المتحدة، وقد اتضح ذلك جليا من خلال اعتمادهما على سياسة الغموض الاستراتيجي، التي تجسدها ديمومة الجدلية والمراوغات السياسية وصراع الأجندة، داخل امريكا وخارجها والتي تنعكس بصورة مباشرة على سير العمل في محاربة داعش في العراق.

وعليه مما سبق يتساءل الكثير من المراقبين والمحللين بشأن دور امريكا وايران ومدى امكانية تعاونهما في الحرب ضد داعش، ويتساءل هؤلاء المحللون هل فعلا هناك دور إيراني قوي عكس ماهو معروف بان ايران تدعم العراق استشاريا وتسليحا؟، وهل أخطأ الأميركيون في تأخير تسليح العراق؟، وما اسباب الخلاف الخفي بين العراق وامريكا تجاه اسبقية تحرير الموصل؟.

جميع هذه التساؤلات وغيرها تشكل صراعا كبيرا بين ايران وامريكا ضحيته العراق وهو ما يدق اجراس الانذار بقوة في ساحة الحرب ضد داعش وبشأن التعامل مع بعضهما لهزيمة داعش اذا كانت الغاية قريبة الاجل، والتي تنعكس بصورة مباشرة على سير العمل في محاربة داعش في العراق.

ماهية لقاء اوباما والعبادي

في سياق متصل اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما ان "تقدما كبيرا" تحقق ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، وذلك في ختام لقائه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في البيت الابيض.

الا ان اوباما عاد واوضح ان الانتصار على الجهاديين "لن يحصل غدا"، مكررا ما سبق ان اعلنته وزارة الدفاع الاميركية ان المعركة مع تنظيم الدولة الاسلامية تحتاج الى "نفس طويل".

وقالت وزارة الدفاع ان الضربات الجوية لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة اتاحت استعادة ما بين 25 و30 % من الاراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق، وقبل ان يلتقي اوباما قال العبادي انه سيطالب الرئيس الاميركي بـ"زيادة كبيرة" للضربات الجوية وبالحصول على مزيد من الاسلحة للجيش العراقي. بحسب رويترز.

وقال مسؤول اميركي طالبا عدم كشف اسمه ان "حكومة العبادي مختلفة عن سابقتها بالنسبة الى كل المسائل المهمة"، وخلال زيارته الى الولايات المتحدة التي ستستغرق ثلاثة ايام يلتقي العبادي ايضا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ومسؤولين في القطاع الاميركي الخاص، وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض "إذا كان لدى رئيس الوزراء العبادي أفكار محددة لتكثيف التعاون فمن البديهي إننا سندرسها بجدية"، وأضاف قائلا "الهدف هو مواصلة التنسيق العميق الموجود بالفعل بين الولايات المتحدة والعراق". بحسب فرانس برس.

وقال أوباما إنه والعبادي بحثا الموضوع باستفاضة في اجتماع عقد في المكتب البيضاوي، وحين سئل أوباما عن التدخل الإيراني في العراق قال إنه يتوقع إقامة "علاقة مهمة" بين الجانبين وأقر بأن الاستعانة بميليشيات شيعية كان ضروريا لمواجهة تقدم تنظيم الدولة الإسلامية العام الماضي، لكنه أضاف أن أي جماعة في العراق مدعومة من الخارج يجب أن تكون تحت سيطرة العبادي، وأضاف "من لحظة تولي رئيس الوزراء العبادي السلطة... من تلك النقطة فصاعدا فإن أي مساعدة أجنبية تساهم في هزيمة تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) يجب أن تمر عبر الحكومة العراقية. هذه هي الكيفية لاحترام السيادة العراقية".

وقال العبادي إنه يدرك أن دول المنطقة لها مصالح وانه يحترم هذه المصالح لكنه أضاف انه يرحب بأي مساعدة تقدمها هذه الدول ويود توجيه الشكر لهم، لكنه قال انه لا يقبل أي تدخل في شؤون العراق أو أي تعد على السيادة العراقية. وقال ان هذه الحرب تجرى بدماء عراقية وبمساعدة قوات التحالف ودول المنطقة.

صفقة اسلحة مؤجلة

من جهته قال مسؤول عراقي كبير إن رئيس الوزراء العراقي سيطلب مساعدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للحصول على طائرات بدون طيار وأسلحة أمريكية أخرى بمليارات الدولارات لقتال تنظيم الدولة الإسلامية خلال زيارته للولايات المتحدة لكنه سيطلب تأجيل سداد ثمن الصفقة، وقال المسؤول العراقي الكبير الذي طلب عدم نشر اسمه "الدولة الإسلامية مشكلة الجميع الآن... لا يمكنك أن تهرب من المشكلة إذا جئت إلى كندا أو ذهبت إلى فرنسا" في إشارة إلى هجمات نفذها أفراد تأثروا بالدولة الإسلامية أو القاعدة في هذين البلدين.

وأضاف المسؤول "إذا لم يكن ذلك متاحا فقد فعلنا ذلك بالفعل مع الإيرانيين وآخرين" قائلا إن هذا ليس الخيار الأول. وقال "رئيس الوزراء ملتزم (بالتعاون) مع الولايات المتحدة... ما يريده هو التأكد من أن لدينا شريك يمكن الاعتماد عليه". بحسب رويترز.

واذن أوباما في أغسطس آب بشن أول ضربات جوية أمريكية في العراق منذ الانسحاب الأمريكي وسمح أيضا بنشر ثلاثة آلاف جندي أمريكي لمساعدة العراق في محاربة الجماعة المتشددة لكن أوباما فرض قيودا على الدور العسكري الأمريكي في المعركة ليقتصر على التدريب وتقديم المشورة للقوات العراقية والكردية.

وقال المسؤول العراقي إن العبادي لديه قائمة طلبات بأسلحة متقدمة تشمل طائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي التي تصنعها شركة بوينج وذخيرة وأسلحة أخرى ليقدمها خلال اجتماعه مع أوباما، وسيطلب أيضا تأجيل سداد ثمن هذه الأسلحة، وأضاف المسؤول "نحن نتحدث عن مليارات... هذا نهج جديد بالنسبة لنا بسبب نطاق التحدي الذي نواجهه. ستكلفنا الموصل ونينوى والأنبار الكثير".

من ناحية أخرى قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي اليستير باسكي إن الولايات المتحدة ستواصل التشاور مع قادة العراق لضمان حصولهم على احتياجاتهم لقتال الدولة الإسلامية، وأضاف "الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم العتاد اللازم لقوات الأمن العراقية بما في ذلك القوات الكردية في إطار التحالف ضد الدولة الإسلامية".

وقال وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر للصحفيين أثناء زيارة إلى هاواي إنه يتوقع أن يلتقي بالعبادي في واشنطن. وأجاب ردا على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدرس تقديم معدات بينها طائرات أباتشي مع تأجيل السداد "سندرس أي طلب يتقدم به... نقدم كل عون ممكن لمواجهة حملة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق عن طريق الحكومة العراقية وهذا هو ما نود أن نستمر في القيام به".

كما قال مسؤول عراقي كبير إنه بعد تأجيلات بسبب الحرب ضد متشددي تنظيم الدولة الاسلامية يأمل العراق بأن يبدأ بتسلم مقاتلات إف16 من الولايات المتحدة في صيف هذا العام، وتحدث المسؤول قبيل زيارة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الي واشنطن حيث من المقرر ان يجتمع مع الرئيس الامريكي باراك اوباما. بحسب رويترز.

ووصف المسؤول العراقي -الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه- تسليم المقاتلات بانه تطور مهم للقوات المسلحة العراقية واشار الي ان عملية التسليم ستحدث في شهري يوليو تموز واغسطس اب. ولم يذكر عدد الطائرات التي يتوقع العراق ان يتسلمها، ولم يصدر تعقيب فوري من وزارة الدفاع الامريكية.

وطلبت بغداد شراء 36 مقاتلة إف16 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن ويبلع سعر الواحدة منها 65 مليون دولار لكن التسليم المبدئي إلي قاعدة بلد الجوية شمالي بغداد العام الماضي تأجل بسبب اعتبارات أمنية بعد ان اجتاح متشددو الدولة الإسلامية مناطق في العراق/ ويتلقى طيارون عراقيون تدريبات في الولايات المتحدة مع الجناح الجوي للحرس الوطني الامريكي بولاية أريزونا.

دور اكبر للجنود الامريكيين في العراق

بدوره قال جون بينر رئيس مجلس النواب الامريكي ان دور الجنود الامريكيين في العراق يجب ألا يقتصر على التدريب وتقديم المشورة للقوات العراقية التي تقاتل متشددي تنظيم الدولة الاسلامية، ولم يصل بينر -العائد مؤخرا من رحلة الى الشرق الاوسط- الى حد المطالبة بدور قتالي للجنود الامريكيين في العراق، وقال "لن اسميه قتاليا.. سأسميه التخطيط والتوجيه والمشاركة بشكل أكبر في مساعدة العراقيين في خوض المعركة"، وشكا من ان أيدي القادة العسكريين الامريكيين مغلولة لأن التكليف المحدد لهم هو التدريب وتقديم المشورة، وقال بينر ان ادارة اوباما بحاجة الى استراتيجية شاملة واكثر وضوحا بشأن التعامل مع تنظيم الدولة الاسلامية في انحاء المنطقة. بحسب رويترز.

ورأس بينر وفدا من المشرعين الامريكيين زار اسرائيل والاردن والسعودية والعراق اثناء عطلة الربيع للكونجرس، وقال بينر -وهو جمهوري دأب على انتقاد سياسات اوباما- انه شيء يبعث على "الحرج" ان يلجأ العراق الى ايران لمساعدته في طرد مقاتلي الدولة الاسلامية من مدينة تكريت، واضاف ان العراقيين يحتاجون الى المزيد من المساعدة الامريكية لشراء اسلحة وان المنطقة تحتاج الى مقاربة اكثر تحديدا من جانب الولايات المتحدة يجب ان تشمل مكونا اقتصاديا، لكنه قال انه ليس في ذهنه حزمة مساعدات امريكية جديدة.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي