الحشد الشعبي.. متفضلا

نـــــزار حيدر

2015-04-18 12:03

في خطابهِ أمس بالعاصمة واشنطن امام حشدٍ من الجالية العراقية الكريمة في الولايات المتحدة الأميركية، قال السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي انّه ليس هنا ليستجدي دعماً من أحدٍ، فالعراق اليوم يقاتل دفاعاً عن العالم والمنطقة بشكلٍ خاص ضد خطر الارهاب الذي تجمّعت عناصرهُ في العراق، من كلّ حدَبٍ وصوب.

وأضاف: لو انّ كلّ ارهابي أُتيحت له الفرصة، لفعل الشيء نفسه في دولة المنشأ، التي قدِم منها، الذي يفعله اليوم في العراق.

هو كلامٌ وتشخيص دقيقٌ بلا شكّ، فمنذُ ان أصدرت المرجعية الدينية العليا فتوى الجهاد الكفائي، التي حوّلت العراق الى ساحة مواجهة حقيقيّة ضد الارهاب، بعد ان كانت من طرف واحد، بات العالم والمنطقة، بشكلٍ خاص، يشعر بهذه الحقيقة بشكل واضح، فلو لم يهب العراقيون لمواجهة الارهاب عن بكرة ابيهم، لتمدّد اليوم الى كلّ دول المنطقة وربما العالم ليمارس جرائمه البشعة التي يرتكبها منذ اكثر من عشرة اشهر في العراق، في كل دولة يتمكن منها، كما يفعل بعضها اليوم في مصر وتونس.

طبعاً، لم يكن في حسباِن أحدٍ ان يتدهورَ الوضعُ الأمنيُّ في العراق الى هذه الدرجة من الخطورة، بغضّ النظر عن الأسباب والمسببات، فليس الحديث الان عن ذلك، ليتحوّل الى ساحةِ حربٍ مفتوحة ضد الارهاب بالنّيابة عن العالم، فالتضحيات جسيمة جداً والبلد في منعطفٍ خطير والتحدّيات كبيرة جداً أخّرت واربكت كلّ شيء، ولكنه الواقع المرّ الذي كان يجب ان يتعامل معه العراقيون بكلّ شجاعةٍ واقتدار، ولذلك فعندما تصدّت المرجعية للامر، بروحٍ وطنية ومسؤولية عالية جداً، فأوقفت الانهيار بفتوى الجهاد عندما هبَّ العراقيون لينضمّوا الى الحشد الشعبي الذي لولاه، واقولها بالفم المليان، لما صمدَ العراق بوجه الهجمة البربريّة التي يقودها الارهابيون ضد العراق وضد المنطقة والعالم بشكل عام، فإنما تصدى العراقيون لكل ذلك بالنيابة عن العالم الذي عجز عن فعل شَيْءٍ لكونه كان لازال تحت تأثير الصدمة ومخلفاتها.

حتّى العراق، كان لحظتها تحت تأثير الصّدمة، فالانهيار الأمني والعسكري، وحتّى السياسي، كان في أوجه، ليتصدّى الحشد الشعبي ويأخذ زِمام المبادرة التزاماً بالفتوى التاريخيّة، ليتفضّل على الجميع، عندما حمى الارض والعرض وكل شيء.

ولذلك لا نُبالغ ابداً اذا قُلنا بأنّ الفضل، كلّ الفضل، يعودُ، بعد الله تعالى وفتوى المرجعية، الى الحشد الشعبي الذي بثّ، ببطولاته وتضحياته وانتصاراته، الرّوح المعنوية العالية في كل العراق، اذا بكلّ مواطن، صغيراً كان ام كبيراً، امرأة كانت ام رجلاً، هبّوا لنصرة العراق، كلٌّ حسب امكانياته وقدراته، فالكاتب والشاعر والمُنشد والثّري والخطيب والمحاضر، كلُّ واحدٍ منهم له اليوم دورٌ في هذا الجهاد الوطني العظيم الذي سيؤسس لعراق جديدٍ بكلّ معنى الكلمة، يعتمد التعايش كأساس لإعادة البناء والإعمار ومن اجل تحقيق الأمن والاستقرار، على حدّ قول السيد رئيس مجلس الوزراء في كلمته امس.

تأسيساً على هذه الحقيقة، فان المسؤولين العراقيّين عندما يجوبون العالم ودول المنطقة بحثاً عن دعم ومن أيِّ نوعٍ كان، فانّما من منطلق المسؤولية القانونية والأخلاقية التي تفرضها تضحيات العراقيين في حربهم المقدّسة ضِدّ الارهاب، على العالم بلا استثناء، فما يجب ان يقدّمه العالم للعراق ليس منّةً او استجداءً ابداً، انما هو دور العالم ومسؤوليّته في هذه الحرب الشاملة التي تدور رحاها الان في بلاد الرافدين، والتي يجب ان يتحمّلها بلا تردّد او تأخير، فما قيمةُ كلّ ما يقدّمه العالم للعراق إِزاء قيمة قطرة دمِ شهيدٍ واحدٍ تسامى في ارض المعركة وهو يقاتل أرذل الخلق الذين يحاربون الله ورسوله وكلّ القيم الانسانية النبيلة التي أتى بها الاسلام، وبإِسم الدين، والدين منه برآء.

لقد اعتدى نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، ومعه جوقة الشّحّاذين وعلى رأسهم مصر، على اليمن فارتكب افظع الجرائم ضد الشعب وأسوأ عمليات التدمير العبثيّة والعشوائيّة، والتي باتت تصنّفها المنظّمات الحقوقيّة الدولية بانها جرائم حرب ضِدّ الانسانية، كل ذلك من اجل اعادة (رئيس) جبانٌ منبوذٌ خلعهُ شعبه، الى السلطة، عدوانٌ مدعومٌ بالمال الحرام والاعلام الطائفي واخيراً بقرارٍ دوليّ بشكل او بآخر، فلماذا لا يحقّ للعراق، وهو يقاتل من اجل قضية مقدّسة ويدافع عن الانسانية وليس عن نفسه فقط، ان يذكّر العالم بمسؤولياته ازاء حربه على الارهاب؟ أولم يُصدر مجلس الأمن الدولي عدداً من القرارات ذات الصِّلة بهذه الحرب؟ فلماذا يتجاهلها كثيرون في المنطقة والعالم؟ بل حتى نظام القبيلة الذي يتشدّق بما يسمّيه بالدّفاع عن الشّرعيّة في اليمن، يتجاهلها وكأنّه ليس هو المعني الاول بها، خاصة فيما يتعلّق بتجفيف منابع الارهاب، والذي يُعتبر هو المنبع الاوّل، وربّما الاخير، لكلّ هذا الارهاب الأعمى والاسود الذي يضرب العراق والمنطقة والعالم؟!.

نعم؛ السيد رئيس مجلس الوزراء، فالعراقُ لم ولن يَستجدي، انّه متفضّلٌ {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي