عندما يقف القادة العرب ضد عرب اليمن
علي الأسدي
2015-04-13 12:19
ليس لمملكة آل سعود بما تملكه من عتاد وسلاح وتحالفات وموارد مالية ما يخولها شن حرب على دولة جارة هي وفق تصنيف الأمم المتحدة من الدول الأكثر فقرا بين أعضائها. وأليس من الكرامة والوطنية وهي رئيس منظمة الدول الاسلامية أن تستخدم نفوذها الدولي وهي أقرب حلفاء الغرب والولايات المتحدة حصرا لأجل نصرة الشعب الفلسطيني في اقامة دولته على أرضه المغتصبة بقوة السلاح والاعتداء بدلا من تهديد أمن وحياة المدنيين اليمنيين العزل..؟؟
لقد فات الملك السعودي أن يأخذ في حسابه أن الشعوب مهما بلغ بها الفقر والعوز والاختلاف تقف موحدة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الوطن والمقدسات ضد العدوان الأجنبي مهما بلغت قوته وجبروته. واذا لم يطلع الملك على الأحداث التاريخية التي تؤكد له ذلك بسبب جهل مستشاريه فاننا نسوق له بعضا منها عسى أن تنفع الذكرى.
المقاومة المسلحة لعدة آلاف من اليوغسلاف أذاقوا المحتلين الألمان المر وكبدوهم من الخسائر مالم تكن أبدا في حسبانهم ابان الحرب العالمية الثانية. واذا لم يكن مستشاري الملك السعودي على معرفة بتاريخ يوغسلافيا فلعلهم على دراية بالهجوم الألماني النازي على الاتحاد السوفييتي عام 1941 وكيف قامت شعوب ذلك البلد بالهجوم المضاد وردهم على اعقابهم وليس ذلك فحسب، بل طاردهم الجيش الأحمر السوفييتي حتى عاصمتهم برلين و اجبارهم على الاستسلام وانهاء الدولة النازية وقبر زعيمها في معقله.
واذا خيل للملك ومستشاروه ان بضعة آلاف من المرتزقة الباكستانيين سيقومون بمهمة غزو اليمن والعودة سالمين فاننا نذكرهم بأنهم على خطأ. فالجنرال ماك أرثر بعشرات آلاف الجنود الأمريكيين المجهزين بأحدث الأسلحة الفتاكة قد هزم شر هزيمة عام 1953 عند محاولته احتلال كوريا الشمالية، فقد واجهه الكوريون الشماليون الفقراء بمقاومة جعلته يهرع لرئيس البيت الأبيض حينها الرئيس هاري ترومان طالبا السماح له باستخدام السلاح النووي بعد أن فشلت كل أسلحته الأخرى في كسر مقاومة الكوريين الشماليين الذي لم يكن لهم صواريخ عابرة أو طائرات حربية. ثم هل نسي جلالة الملك هزيمة الأمريكيين المذلة أمام زحف المقاومة الفييتنامية البطلة عام 1973..؟؟ اننا نشير لذلك للتذكير فقط والأيام القادمة ستشهد على ما نقول.
الجنود السعوديون الذين لا يجيدون حتى ركوب دراجة هوائية لن ينتصروا على مقاومة شعب سلاحه حب الوطن والحرية ويشهد لهم بذلك الانكليز الذين اضطرتهم المقاومة اليمنية في الستينيات للهرب من البلاد والاعتراف بدولة اليمن الجنوبي بعاصمته عدن. اليوم يتوحد جنوب اليمن وشماله ضد العدوان السعودي المبيت وغير المبرر على الشعب المسالم الذي سيحظى بتأييد أشقائه في البلدان العربية الأخرى رغم مواقف قادتهم الغادرة. ومن سيئات الزمن وعهر السياسة ورخص الأوطان في معايير الرؤساء العرب أن ينجح نظام التخلف السعودي في شراء كرامة الجامعة العربية وذمم أكثر قادتها ويحولها الى أداة لخدمة آل سعود. فجامعة الدول العربية ليس لها ما يربطها بالشعوب العربية فبالأمس رضخت للتآمر على العراق وسوريا وليبيا واليوم أعطت الضوء الأخضر لسفك دماء اليمنيين العزل وهدم بيوتهم وليس من الصعب تفسير ذلك فالجامعة العربية تحولت الى شركة أعمال تقدم خدماتها لمن يدفع بسخاء.
وقد صرح نواز شريف رئيس وزراء الباكستان بالقول "ان أي عدوان على المملكة السعودية أولياء نعمته يعتبر عدوانا على الأراضي الباكستانية وسيواجه برد فعل قوي من باكستان." وكان وزير دفاعه المغوار خواجه آصف قد صرح قبل ذلك ردا على طلب المملكة الوهابية بارسال جيش لمحاربة اليمنيين، " ان الباكستان قد قررت المشاركة في الحرب ضد اليمن للدفاع عن وحدة الأراضي السعودية مهما كانت التكاليف " وقد فاته أن يبدي استعداده لاستخدام قنبلته النووية دفاعا مليكه المفدى. بينما صرح مرشح الرئاسة الباكستانية السابق ومسئول جماعة طريق الانصاف " السيد عمران خان ردا على تصريحات رئيس الحكومة نواز شريف بقوله، " يجب أن تقتصر مساهمة باكستان في الاشراف على محادثات سلام وليس المشاركة في التحالف السعودي – الأمريكي في الحرب على اليمن." وتعبيرا عن الخنوع ولمزيد من العطايا قامت الحكومة الباكستانية بارسال وفد رفيع المستوى من المدنيين والعسكريين للسفر للسعودية لإبداء الجاهزية للدفاع عن السعودية ضد العدوان اليمني وكأن الجيش اليمني قد غزا المملكة الوهابية وان سلامة " خادم الحرمين الشريفين في خطر".
ولا تبدو الصورة جلية وجدية بما يكفي عن العدوان اليمني المزعوم على السعودية مالم نتعرف على القلق الاسرائيلي حياله. فقد نشرت صحيفة اسرائيلية هي The Times of Israel مقالا بقلم كاتبها Avi Issacharoff بتاريخ 26- من الشهر الجاري جاء فيه " ان ما يثير قلق اسرائيل هو تقدم الحوثيين نحو ممر باب المندب والسيطرة عليه مما قد يهدد السفن الاسرائيلية المارة عبره في ظل عدم وجود حكومة يمنية تحافظ على الأمن في المضيق. وبجانب هذا التهديد فان استيلاء الحوثيون على السلطة وهم في حلف مع ايران يشكل تهديدا آخر لاسرائيل، لأن تصاعد هيمنة الايرانيين على هذه المنطقة الحساسة سيقوي موقف ايران في المفاوضات الجارية حول ملفها النووي في لوزان. الحكومة الاسرائيلية مقتنعة بأن الأمريكيين غير راغبين بتشديد ضغوطهم وفرض شروطهم على ايران لوقف نفوذها المتزايد ونشاطاتها الارهابية في البلدان الأخرى كجزء من الاتفاق على نشاطها النووي."
ولطمأنة الجانب الاسرائيلي على ما يبدو أرسلت مصر أربع قطع بحرية نحو ممر باب المندب لمنع أساطيل الحوثيين من الوصول اليه وتهديدها السفن المارة الى البحر الأحمر. ومن المعلوم ان مصر موعودة بعدة مليارات من الدولارات السعودية والخليجية ولا نستغرب تدخلها الحالي لصالح السعوديين ضد اليمن. وفي تصريح لناطق رسمي باسم الحوثيين وهو ضيف الله الشامي جاء فيه " اذا أرسلت مصر قوات لدعم العدوان السعودي على اليمن فان التاريخ يعيد نفسه. فعندما تدخلوا في اليمن عام 1960 خسروا حينها الآلاف من جنودهم أما هذه المرة فستكون ضحاياهم أكثر بكثير".
ان مؤتمر القمة الذي انعقد في شرم الشيخ في مصر لدعم عدوان السعودية وحليفاتها على اليمن شكل انعطافة تاريخية غير متوقعة من قبل صناع السياسة العرب، فقد أثبتت موافقتهم شبه الاجماعية على الحل العسكري (بامتناع كل من العراق والجزائر) على انعدام أي شعور بالمسئولية تجاه أبناء الأمة العربية والاسلامية التي يدعون الانتماء اليها. فالدولة اليمنية تواجه أزمة داخلية 100% هي وحدها المسئولة عن التوصل الى حلول ترضي كل الأطراف اليمنية وبدلا من ابداء المساعدة الأخوية عبر المشاورات والوساطة اختاروا القرارات الحمقاء وصب المزيد من الزيت على النار. انه من شبه المؤكد، بل من المؤكد ان يتوصل اليمنيون أنفسهم الى الموقف السليم ويحلوا خلافاتهم وانه لخطأ جسيم أن لا نتيح لهم الفرصة ليفعلوا ذلك. الشعب السعودي المغلوب على أمره في ظل السلطة الوهابية المتخلفة الغاشمة سيأخذ بثأر أخوته اليمنيين وهي فرصته اليوم لينتفض ويفرض ارادته ويقيم نظامه الديمقراطي على انقاض دولة القرون الوسطى التي تتحكم في حياته ومصيره.