تشظي التحالفات الانتخابية بين الاختلاف والمناورة

علي مراد العبادي

2018-03-01 05:38

يبدو ان حالة اللا استقرار اصبحت السمة المميزة للعملية السياسية في العراق بعد عام 2003 حتى صار كل شيء فيها متغيرا ويكاد لا يذكر شيء يتصف بالديمومة والثبات، فالقوانين وجدت لتحل مشكلة معينة وتعدل على وفق تلك المشكلة شرط ان تعالج حالة سلبية او تتصف بالعمومية حتى يستفاد منها أكبر شريحة ممكنة، وبالتالي يتم اجراء التغيير نحو الافضل في اغلب الاحيان والا ما فائدة اجرائه.

ومن أمثلة تلك المتناقضات يجري تغيير قانون الانتخابات في كل دورة انتخابية على وفق ما ترتئيه الكتل والاحزاب والقوى السياسية فتلجأ لطرح قانون جديد حتى تضمن تمثيل مستقبلي لها، والاسباب هي: أما لفقدان القاعدة الجماهيرية لها او الانشقاقات التي تصيبها بالضعف او انها لم تتمكن من تقديم منجز طيلة مسيرتها الحكومية والبرلمانية، لذلك ابتدأت بالقائمة المغلقة حتى تضمن صعود مرشحين خارج ارادة الجمهور ومن ثم القوائم المفتوحة المشروطة وصولاً لسانت ليغو ومن ثم سانت ليغو المعدل وبعدها تقسيم الاصوات على 1, 3,.... وبعدها على 1,7 وغيرها من التعديلات التي تدخل المواطن في دوامة هو في غنى عنها.

وعلى ضوء ذلك ووفق ما يقر من قانون تلجأ الكتل للدخول اما بقوائم كبيرة او متوسطة او أحيانا تحالفات انتخابية الهدف منها كسب اكبر عدد من الاصوات وقطع الطريق على اية قوائم جديدة، اما في الانتخابات المقبلة فقد دخلت الكتل السياسية بتحالفات كبيرة جدا بعد ان الزمتها المفوضية بضرورة تقديم التحالفات خلال مدة معينة، والذي حصل هو سرعان ما توالت الانسحابات والتشظي في اغلب التحالفات لا سيما الكبيرة منها؟

والسؤال هنا هل هي مناورة وتكتيك انتخابي او اختلاف وجهات النظر او الاختلاف على آلية تقسيم المناصب ما بعد الفوز؟

جميع الاحتمالات اعلاه واردة ومعنى ذلك اغلب الاحزاب والكتل السياسية تهدف للظفر بالفوز والحصول على مكاسب سياسية تمكنها من ممارسة السلطة او الاشتراك فيها، وبما ان النظام السياسي في العراق هو تمثيلي نيابي ومن يحصد اكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية سواء بمفرده او متحالفاً مع غيره يتمكن من الحصول على منصب رئاسة الحكومة او ما يعادلها لا سيما بعد المحاصصة وتقاسم المناصب، فبالتالي تسلك هذه القوى طرق عدة لتحقيق الغاية اعلاه فأحياناً تخوض غمار الانتخابات منفردة وتدخل في مفاوضات ما بعد النتائج بصورة اقوى في حالة تجاوزت ال40 مقعد واحياناً اقل بكثير الا انها تكون ذات شأن ومكاسب نتيجة لتعدد الاطراف الفائزة وعدم تمكن كتلة بعينها من تشكيل الاغلبية تلجأ الكتلة الاكثر عدداً لتقديم تنازلات ومناصب للحصول على اصوات كتل أخرى.

الامر الآخر والاكثر ترجيحاً هو ان التفكك والتشظي الاخير مجرد مناورة سياسية وانتخابية لا سيما بعد ان تفاهمت التحالفات على الاسس العامة ولجأت للنزول بتحالفات منفردة وبعد موجة الانتقادات الموجهة لأكبر تلك التحالفات وخوفاً من ضياع الاصوات لجأت الى التفكك الظاهري والاتفاق الباطني، واغلب ما اعلن من اسباب التفكك لا يرتقي ومستوى الحدث لكون الاسباب المعلنة هي متوفرة ما قبل الائتلاف اصلاً.

النتيجة اغلب التحالفات المتفككة ستعاود الاندماج مجدداً بما يتوافق مع ثقلها الانتخابي وانتمائها وتوجهها الديني او المدني، وعامل التأثير الخارجي وهو مشهد طالما اعتادت عليه الكتل السياسية عقب كل انتخابات مرت او ستمر مع وجود فرصة في انتخابات 2018 تتمثل في صعود احزاب وكتل جديدة حتى وان كانت بنسب بسيطة لكن الدور يبقى للمواطن العراقي في رسم الخارطة السياسية القادمة.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2018
www.fcdrs.com

ذات صلة

مصائر الظالمينترامب يصدم العالم.. صنعنا التاريخفوز ترامب.. فرح إسرائيلي وحذر إيراني وآمال فلسطينيةالنظامُ التربوي وإشكاليَّةُ الإصلاح والتجديدالتأثير البريطاني على شخصية الفرد العراقي