كيف ننصر الإمام الحسين (عليه السلام)؟
عزيز ملا هذال
2025-07-05 01:13
عاشوراء في كل عام هي محطة نفسية وروحية تختلف عن كل أيام العام الأخرى، ففيها الكثير من الفرص النفسية والروحية التي يمكن عبرها تحقيق نجاحات أو تصحيح مسارات خاطئة أو غرس قيم مفيدة جديدة، قبالة قتل ونزع قيم أخرى بالية وغير صائبة ولا منطقية، بل حتى إن بعضها يعارض مقومات الدين الإسلامي الحنيف ويقف بوجه قواعده ودعواته. فكيف يمكن للفرد المسلم الشيعي أن ينصر الحسين (عليه السلام) وقضيته الحقة؟
في الحياة بصورة عامة، تصل إليك دعوات باطنية من جهتين، إحداهما من الحسين (عليه السلام) والثانية من يزيد (عليه اللعنة). وأنت هنا إما أن تلبي دعوة الحسين وتستلهم من قضيته القيم السامية وتجعل منها أسلوب حياة يمكنك من العيش بحرية وكرامة وبرأس مرفوع، وإما أن تتبع الخيار الثاني وهو تلبية دعوة يزيد والإذعان لما يريده. فعلينا جميعًا أن نراقب سلوكياتنا العامة في الحياة، ونحاول أن نُقيّمها: إلى أي خط تنتمي؟ للحسين أم ليزيد؟ وعند هذا التقييم، ستكون المراجعة وإصدار الحكم.
الكثير من الناس يتمنون لو أنهم كانوا في الوقت الذي استنصر الحسين (عليه السلام) الناس فلم يجيبوه. لكن الحسين موجود الآن ومشروعه قائم، وبإمكان أي منا أن يلتحق بمشروعه ويكون أحد ناصريه ومعاونيه والساندين له فيما دعا إليه. فعاشوراء ليست قضية تاريخية عابرة أو حدثًا من الماضي، بل هي معيار للعمل وقاعدة يتم بموجبها عزل الحق من الباطل، إذ إن في مبادئها الكثير مما يضمن للإنسان حياته الآمنة الكريمة.
وعاشوراء كانت وما زالت من أجل أن يرفع من مستوى فكرنا ووعينا، فنقترب شيئًا ما من الفكر العملاق للإمام الحسين (عليه السلام)، وأن نستضيء روحيًا من أنوار روحه وهداه فتشِفّ حياتنا، وينتفض إيماننا فنقوى، وتتصلب إرادتنا في الخير فنندفع على طريقه، وتشتد عزائمنا فنكون قادرين على المقاومة، ونتعلم على يده من خالص القصد لله سبحانه واسترخاص التضحية في سبيله ما تعز به حياتنا وتكرَم اليوم في الدنيا، وغدًا في الآخرة.
كيف ننصر الإمام الحسين (عليه السلام)؟
عدة تطبيقات حياتية آنية يمكننا عبرها أن ننصر الإمام الحسين (عليه السلام) ونرفع من قضيته، ومن أبرز هذه التطبيقات هي:
أول التطبيقات السلوكية التي ننتصر فيها لقضية الحسين (عليه السلام) هي الاقتراب من الذات الإنسانية الأصيلة. فما لم تكن للإنسان ثورات دائمة على الذات لن يستطيع أن يقف موقفًا من طبيعة موقف الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي يدعو الناس إلى التحرر من الدنيا، والتحرر من الشهوات، والتحرر من الوساوس، والتحرر من الشعور بالعظمة والأنانية الكاذبة، وهكذا حقًا ستكونون كبارًا حقًا، تكونوا كبارًا وعظامًا من نوع عظمة الإمام الحسين (عليه السلام).
وحين نقف بوجه الذل والاستعباد الإنساني سواء في حياتنا العامة أو على مستوى الوظائف والأعمال وما يتعلق بها من سلوكيات تُفرض على الأقل بقوة وبتسلط وإلا فإن عدم التنفيذ يعني ممارسة السلطة الجائرة، هذا الوقوف بوجه هذه السلوكيات وعدم الإذعان لها والإقرار بها مهما كلف الأمر هو نصر لقضية الحسين (عليه السلام) وقضيته العادلة التي أحد أبرز صورها رفض الذل والهوان.
كما أن ممارسة الإنسان للصبر والثبات ومقاومة الظروف ومجابهة العوامل التي تعيق الإنسان عن بذل مساعيه في سبيل هدفه، إضافة إلى تحمل المصاعب والشدائد في سبيل أداء الواجب في كل أنواعه وصوره بإخلاص وتفانٍ ورعاية حق الناس وحق الله كما هو الحال بالنسبة لأداء المهام في الوظائف وعدم التقصير فيها والابتعاد عن الرشوة والفساد هو شكل من أشكال نصرة قضية عاشوراء.
في الخلاصة نقول: إن كل السلوكيات التي يسلكها الإنسان في حياته وتُقربه من الله جل في علاه هي بمثابة تعضيد ونصر لقضية الحسين (عليه السلام)، وكل السلوكيات التي تجانب ما يريده الله من البشر تبعده عن الإمام الحسين (عليه السلام) وما يريده. ولكل توفيقه الذي يقوده، فإما في جبهة الحسين (عليه السلام) وإما في جبهة يزيد.