اشتات حسينية

حيدر الجراح

2015-10-21 09:38

ليس من شخصية مثل الحسين تجمع خلفها كل هذه الجموع المتناقضة من الاهتمامات والتوجهات الفكرية والثقافية، ناهيك عن توجهاتهم الاجتماعية والسياسية.

فتجد الماركسي جنب الإسلامي، وتجد المتدين الفطري جنب المتدين المتعلم، وتجد المثقف النقلي جنب المثقف النقدي، وتجد المؤمن المتيقن الى جنب المؤمن المتشكك، الى غيرها من ثنائيات شديدة التناقض والافتراق.

يعود ذلك الى شخصية الحسين بالدرجة الأساس، فهو شخصية متفردة لا تجد لها شبيها، وهو شخصية متألقة على الدوام، تستمد القها المتجدد دوما من قصيدة الشهادة التي كتبها بحروف دمه قبل قرون طويلة، وكل واحد من تلك المتناقضات يقرأ هذه القصيدة ويتفاعل معها ويندمج ويذوب فيها.

وليس هناك من غرابة في هذا، فكل انسان يستشعر في قلبه رفض الظلم والوقوف الى جانب المظلوم وصرخته، واتحدث عن الانسان السوي المتزن، اذا جاءته السلطة على طبق من ذهب، لا يقول للقرآن (هذا اخر العهد بك) ولا يتراجع او يتخلى عن مبادئه.

الاشتات من الأمور، هي المتفرق منها وعنها، قد تكون قصيدة شعر، او نص سردي، كتبه أي واحد من أولئك وحسب توصيفاتهم، وكل منهم قرأ قصيدة الحسين الخالدة، واستفزته لان يكتب على هامشها، فالمتن لا يمكن الكتابة عليه، لأنها قصيدة واحدة، متفردة، يتيمة، لا تجد لها شبيها في كل قصائد الدنيا.

هنا اشتات من تلك الهوامش.

• ضمن المآسي الكبرى كمأساة الحين تقع أنواع شتى من مآسي الانسان، في جو القيظ والعطش والقسوة والقتل الجماعي وحز الرؤوس، هناك مأساة الجنون البشري، ومأساة الخيانة، ومأساة القتل المجاني، وكذلك مأساة المروءة والفضيلة.. نحن في عالم فقد العقل والضمير من ناحية، وعالم مازال يؤمن بعقل الانسان وضميره. من ناحية أخرى، من ناحية اطاعة الأوامر، العمى النفسي، والحقد الشرس الماحق، ومن ناحية أخرى، المنطق، كرامة الانسان، والتشبث بالحق، وفي مقابلة الخير بالشر، يزداد حسّنا بالفجيعة وباللاجدوى. كيف يمكن للحياة ان تكون هكذا؟ الحسين وأهله ضحايا، والاخرون جلادون. ولكن اليس معنى اخر ينقذ هذه الحلكة القاتلة، يستخرج منها بصيصا من امل في جدوى الانسان؟ الحسين اكبر من الحياة، ولعله لكبره وعلوه خارج الدائرة التي يمكن للمرء ضمنها أن يتوحد مع البطل رغم تطلعه إليه ولذا يكون التعبير الفني عنه قاصراً على مداه الفاعل).

جبرا إبراهيم جبرا جدلية المأساة (الحر الرياحي).

• قد قال لي يوماً أبي

إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب

وغدوت تلعق من ثراها البؤس

في الليل الكئيب

قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب

إن صرت يا ولدي غريباً في الزحام

أو صارت الدنيا امتهاناً.. في امتهان

أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان

إن ضاقت الدنيا عليك

فخذ همومك في يديك

واذهب إلى قبر الحسين

وهناك (صلي) ركعتين

الشاعر المصري فاروق جويدة / من قصيدة (بالرغم منّا.. قد نضيع)

• ان المشاهد التي اراها على مدى التاريخ العربي والاسلامي –لم تستطع مهما آتاها الحظ- ان ترقى سفح الجبل الذي قمته مشهد ثورة الحسين واستشهاده الفاجع مع من استشهد معه، ومن ظل من اتباعه ينتظر الشهادة بعده، احتذاءاً بأسرته واقتفاءاً لأثره، فالمثل الذي ينتصب شامخاً امامنا والقدوة التي تجتذبنا اليها بكل تلك الروعة والجلال، والدرس الذي خطه على جبين الزمن تلك الشهادة اليتيمة، والرمز العظيم الذي حفر في كل قلب حزاً ندياً ابد الدهر، والصفعة التي كالها الامام لوجه طاغوت الظلم والشر والاستبداد، كل ذلك يحفزنا على ألا نمر بالعاشر من المحرم مر العابثين السادرين في غي الافيون، اللاهثين وراء ملذات الجسد والتراب، المتنكبين الجادة، باسم الدعة والاطمئنان، وهم اولى بالسكينة الذليلة، والنكوص الاذل!

يوسف عبد المسيح ثروت

• رأساً وحيداً مترباً مقطوع

في طبق من ذهب يضوع بالمسك والحناء

رأى وجه أمه الزهراء

مبللاً طوال ليل الموت بالدموعْ

ورفرفتْ حمائم بيضاء

تؤنسه طوال ليل الموت كالشموعْ

حسب الشيخ جعفر

• حين أتاك ذلك النداء

إن كنت تبغي شربة من ماء

فدع على الرمال هذا السيف

لم يبق واحد من الصحابة

وكنت واقفاً تحيطك الغرابة

وسط أتون الصيف

ممدوح عدوان / من قصيدة: واتكأ على رمحه

مجدُ سواك يا حسين شُيّد على جماجم المغدورين والمستضعفين في الأرض، أمّا مجدُك ففي حبّات القلوب التي لا تخفق إلّا للحق، فرايتك يا حسين خفّاقةٌ في كلّ زمانٍ وفوق كلّ مكان، ما رأيت الموت هيّناً كما رأيته فيكم يا آل بيت الرسول، ففي كلّ ناحية منكم شهيدٌ يُضرب وآخر يُطعن وآخر يُحتزّ رأسه، تخرجون الى الموت حين ترون الأرض طبّقت جوراً وأنتم أدرى الناس بتخاذل الناس، يا سيد الشهداء إنّ تخاذل الناس عن نصرة أمير المؤمنين ثمّ تخاذلهم عن نصرتك لدليلٌ على تهافت الإيمان في صدورهم.

الدكتور فيكتور الكك

• إن للصمت في أرضنا آيتين

أن يكون كريماً، عظيماً، رحيماً، كصمتك

ممتلئاً بالمروءة، ممتلئاً بالنبوة، ممتلئاً بالنشوز

غبشاً يتوسط بين انتهاء الحياة وبدء القيامة

وعليه علامة

انه مفعم بالحضور..

 أو يكون كصمت القبور

عبد الرزاق عبد الواحد

• في هذه الملحمة الفاجعة، ملتقى لكل القيم المثلى، فهي ثر النبع الذي يرتوي منه كل ذي مبدأ، يريد ان ينتهج في هذه الحياة نهج الكرامة، وينتصر للحق المهتضم، ويسترد للانسانية حقها المهدور، ويبلسم منها فاغر الجراح وهي على نزيز، ويجبر الكسور منها والرضوض..

عبد الله الخنيزي

• شاهدتهم، ومعي شهودي

أنت، والماء الذي يغدو دماً

ودم لديهم صار ماءْ

والنخيل

شاهدتهم ـ عين المخيم فيّ لا تخطئ ـ وكانوا:

تاجراً، ومقامراً، ومقنعاً، كانوا دنانير النخيل

ودخلت في موتي وحيداً أستحيل

وطناً، فمذبحة، فغربة..

يا كربلاء، تفور فيّ النار،

أذكر كيف تنقلب الوجوه

احمد دحبور من قصيدة (العودة إلى كربلاء)

• ان واجب المسلمين اليوم ان ينفتحوا على جوانب البطولة والشموخ في ثورة الحسين حتى نستلهم من معالم البطولة قبسا من القوة والاصرار نشق به طريقنا لأداء المهام الشاقة للخلود.

فالأمة التي تعد نفسها لنصرة المستضعفين جميعا واقامة صرح الحق، عليها ان تستوحي من شهيدها معاني الجرأة والاقتحام، والامة التي تستعد لتقديم اسلامها كحل عالمي، عليها ان تقدم رمز شهدائها (الحسين) كرمز عالمي لعشق الحق والفناء فيه، وحقيقة عالمية للولاء والعدل والحرية والتمرد على الطغاة والظالمين.

شكري القاسمي

•... وفلسطين لما تزل في دمي

شغف

النساء تحدثن عنها.. بكين.. وقلتُ:

لعل فلسطين واحدة من بنات الحسين...

من قصيدة لحميد سعيد

• في عظامي عويل كربلاء

وما من قوة في العالم

ترغمني على محبة ما لا احب

وكراهية ما لا اكره

ما دام هنالك

تبغ وثقاب وشوارع..

محمد الماغوط/من قصيدة الغجري المعلب..

• كنتُ في كَرْبلاءْ

قال لي الشيخُ إن الحُسينْ

ماتَ من أجلِ جرعةِ ماءْ!

وتساءلتُ

كيف السيوفُ استباحتْ بني الأكرمينْ

فأجابَ الذي بصَّرتْه السَّماءْ:

إنه الذَّهبُ المتلألىءُ: في كلِّ عينْ.

إن تكُن كلماتُ الحسينْ..

وسُيوفُ الحُسينْ..

وجَلالُ الحُسينْ..

سَقَطَتْ دون أن تُنقذ الحقَّ من ذهبِ الأمراءْ

أفتقدرُ أن تنقذ الحقَّ ثرثرةُ الشُّعراء

والفراتُ لسانٌ من الدمِ لا يجدُ الشَّفتينْ

امل دنقل /من قصيدته (من أوراق أبي نواس)

• مواطنون نحن في مدائن البكاء

قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء

حنطتنا معجونة بلحم كربلاء

طعامنا.. شرابنا

عاداتنا.. راياتنا

صيامنا.. صلاتنا

زهورنا.. قبورنا

جلودنا مختومة بختم كربلاء..

نزار قباني من قصيدة/لماذا يسقط متعب بن تعبان في امتحان حقوق الإنسان

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي