(الريّس عمر حرب) والعراقي الخاسر

حيدر الجراح

2015-03-08 09:31

كثيرا ماتناولت الدراما السينمائية والتلفزيونية اعراقا وبلدانا في نتاجاتها الفنية. وقد يكون التناول هذا مشهدا عابرا او ثيمة اساسية في النص الدرامي. اضافة الى النتاجات التي اقتصرت على سيرة شخصية عامة من بلد معين.

وتستفيد الدراما السينمائية والتلفزيونية كثيرا مما يتوفر لديها من وثائق ونصوص تاريخية قديمة او معاصرة في تناولها للأشخاص والاحداث.

عالميا تناولت السينما والدراما التلفزيونية الكثير من الشخصيات العراقية او انتجت مواد كان العراق هو الثيمة الاساسية لتلك المواد. مثل فيلم (المعركة من اجل حديثة) من إخراج المخرج البريطاني نيك برومفيلد وهو مبني على أساس عمليات القتل في حديثة، صوّر أحداثا حقيقية باستخدام أسلوب وثائقي، وتم بث الفيلم على القناة 4 في المملكة المتحدة يوم 17 مارس 2008، وهو من بطولة إيليوت رويز و ياسمين حناني.

امريكيا، ظهر مصطلح أفلام حرب العراق عام 2005 مع فيلم Jarhead للمخرج سام منديز، وهو يطلق على كل فيلم يتناول حرب العراق وآثارها الجانبية المباشرة وغير المباشرة. وبلغ الإنتاج الهوليوودي لهذا النوع إلى اليوم حوالي ثمانية عشر فيلماً.

منها فيلم مثل redacted للمخرج برايان دي بالما والذي يروي حادثة إغتصاب فتاة وقتل أهلها على يد جنود أميركيين.

وفيلم Fair Game الذي يتناول حرب العراق والبحث عن أسلحة الدمار الشامل، ولكن من منظور مختلف يؤدي إلى اكتشاف العكس.

وفيلم The Hurt Locker الذي حصل على جوائز أوسكار عديدة في عام 2010، منها أفضل مخرجة، لكاثرين بيغليو.

وفيلم Green Zone الذي تدور أحداثه حول حرب العراق والعمليات التي يقوم بها الجنود الأمريكيون لكشف الألغام وإنقاذ أنفسهم من الجحيم.

واخرها كان فيلم القناص الأمريكي وهو من إخراج كلينت إيستوود، وتدور أحداث الفيلم حول الحرب الأمريكية في العراق، وقصة قتل حوالى 255 عراقيًّا في أثناء عملية الغزو التي تمت في 2003.

ومن المسلسلات الامريكية نذكر مسلسل (lost) والذي عرض قبل سنوات، وفيه تظهر شخصية (سعيد) وهو قاتل سادي كان يعذب ضحاياه قبل قتلهم، وكان منتسبا في الحرس الجمهوري لصدام حسين ثم مُنح اللجوء الى امريكا.

عربيا يمكن الاشارة الى يوسف العاني ودوره في فيلم (اليوم السادس) للمخرج المصري الراحل (يوسف شاهين).

وفيلم (الريّس عمر حرب) موضوع حديثنا، وشخصية (يحيى الدهاني) التي اداها الممثل بهجت الجبوري.

في رؤية اخراجية فيها نوع من الجرأة قدم خالد يوسف فيلمه وهو من انتاج 2007. وتذكر شخصية الريس عمر حرب بشخصية (الجبلاوي) في رواية اولاد حارتنا للروائي المصري نجيب محفوظ.

الريس عمر حرب هو الشخصية المحورية التي تدور حولها الاحداث والشخصيات الاخرى في الفيلم.. انها شخصية محاطة بالأسرار والالغاز ويبدو متكتما. ورغم ذلك فهو يعرف كل شيء في مملكته التي يديرها وهي كازينو القمار. نسخة عن الحياة في الخارج، بحراكها وتفاعلاتها وحركة الانسان فيها.. من ربح وخسارة وخطيئة وشرور واستلابات وغير ذلك.

يعتمد الكازينو في وجوده على اموال المقامرين وهم من مشارب وبلدان مختلفة، فهناك المصري الحامل لجنسية اجنبية، وهناك الخليجي المتخم من ثروات النفط، وهناك الاوربي المتعجرف، والتي يمارس المخرج عليها الكثير من الاسقاطات السياسية والثقافية، اضافة الى شخصية (يحيى الدهاني) رجل الاعمال العراقي المعروف لدى الكازينو والذي يلعب بمبالغ طائلة على امل الفوز يوما ما، في احالة الى صورة بعض الشخصيات المحيطة بالنظام السابق والتي هربت خارج العراق مع اموال طائلة.

وصفه احد شخصيات الفيلم بانه يضحك ويرقص حتى وهو خسران، ويلاحق الطاولات لكي يعثر على الحظ البعيد والنائي عنه ابدا.

يحيى الدهاني حين يدخل الى الكازينو فانه يصيح بصوت احتفالي (يلّا نلعب حتى نخسر) وهو كثيرا مايلعب الروليت الروسية التي تشبه الحياة في دورانها. يلتقي بخالد، الشخصية المحورية الاخرى في الفيلم والمسؤول عن الروليت الروسية على احدى الطاولات. يحكي له بعضا من قصص حياته المقامرة يقول له: (لعبت في جميع نوادي القمار.. فزت وجمعت ثروات.. وخسرت كثيرا ايضا.. اتمنى ان امسك الحظ بيدي.. عندما اخسر اغير ملابسي.. اقول لعل الحظ يتغير). واخيرا يقول له: (خسارة.. احنة متعلمين على الخسارة.. تربينا على الخسارة)..

الريس عمر حرب يراقب زبائنه، ويوزع الحظوظ على الموجودين في الكازينو. والعراقي هو الخاسر دوما وابدا.

يجد الاحترام والتقدير من قبل الاخرين حين يلعب بهذه الالاف من الجنيهات.. اشارة الى ثروات العراق ومكانته، او قد تكون اشارة الى الرئيس العراقي صدام حسين.. يتشاجر مع خالد ويضربه بحذائه حين يخسر.. لايقوم الريس عمر حرب باي رد فعل، فهو يؤجل انتقامه ممن اهان احد موظفيه.. ولا زال يحيى الدهاني يملك وديعة مالية ضخمة في خزائن الكازينو. وحين يخسر تلك الوديعة ينتقم منه الريس عمر حرب وينزل به عقابه بضربه وتكسير يديه وقدميه، في اشارة الى ماحدث بعد العام 2003 من تدمير للعراق وبناه التحتية ومؤسساته.

انه العراقي الذي كانت تفتح له الابواب اينما توجه وسار وبعد مغامرات حاكمه المجنونة اصبح منبوذا ومطاردا لايملك الاستقرار على ارضه او ارض غيره. فالجميع يلاحقه بثاراته السابقة من حاكمه المستبد.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي