علوم الإمام الصادق (ع) في نظر علماء الغرب
إبـراهيـــم محمد جــواد
2024-05-02 04:54
تمهيــــد
تهيبت الخوض في هذا الموضوع الشائك لسببين:
الأول: عظمة الإمام الصادق (ع)، التي يتهيّب كل إنسان سويٍّ المثول أمامها حاضراً كان الإمام أم غائباً، فكيف بمحاولة الكتابة عنها في أي حقل من حقولها التي لا نهاية لها مع اليقين بالقصور والعجز عن إيفاء هذه العظمة حقها؟.
الثاني: حتى لا يظن ظان أن عظمة الإمام الصادق في قلوبنا وعقولنا مستمدة مما يقوله عنه علماء الغرب أو الشرق. والإمام هو الإمام والخلق جميعاً مأمومون له.
إن مدرسة الإمامة التي هي في الحقيقة والواقع امتداد وانعكاس صادق لمدرسة النبوّة، قد ابتدأت بأبي الأئمة وسيد الأوصياء والأولياء أمير المؤمنين الإمام علي (ع)، الذي قال عنه رسول الله (ص): (أنا مدينة العلم وعلي بابها) (1)، والذي قال هو عن نفسه: (علمني رسول الله ألف باب من العلم ينفتح لي من كل باب ألف باب) (2).
وليس من قبيل الصدف، ولا بداعي الاستعلاء والغرور أن يعلو أمير المؤمنين المنبر ويعلن للناس (سلوني قبل أن تفقدوني)(3)، ثم يكررها حفيده الإمام الصادق على ملأ من العلماء والمفكرين والرواة الذين أموا مدرسته ونهلوا من علومها وإشراقاتها.
إن الإمام الصادق(ع)، هو أحد أعلام هذه المدرسة الربانية، الذي أتاح له عصره أن ينشر فيها من العلوم ما شاء الله له أن ينشر شرقاً وغرباً، ثم يضيع منها ما يضيع ويبقى منها ما يدهش علماء الغرب والشرق، ويثير هممهم لإعداد دراسات موسعة عما وصلهم من علوم الإمام الصادق(ع).
وبين يدي كتاب يضم مجموعة من البحوث العلمية التي أعدها مركز الدراسات العليا المتخصصة في تاريخ الأديان بجامعة ستراسبورغ الفرنسية بمشاركة خمسة وعشرين من علماء الاستشراق وأساتذة الجامعات الأوروبية والأمريكية، الذين ألقوا بحوثهم هذه في ندوة نظمتها الجامعة المذكورة لدراسة الشيعة الإمامية وتاريخها العلمي والحضاري وعلوم الإمام الصادق(ع)، ونشرت بالفرنسية ثم ترجمت إلى الفارسية، وعرّبها من الفارسية الدكتور نور الدين آل علي في كتاب ضخم سماه (الإمام الصادق(ع) كما عرفه علماء الغرب).
في مدرسة الإمام الباقر (ع):
بعد تمهيد عن حياة الإمام الصادق (ع) وولادته في أسرة عريقة عالية النسب بين العرب، لها مكانتها السامية في قلوب المسلمين، توفرت على الأدب والفقه والمعارف الإسلامية، فضلاً عن العرفان والزهد والتقوى، والتفّ حولها الصحابة والتابعون، واستقطبت في مدرستها الحركة العلمية والفكرية الأصيلة، وجذبت إليها القرّاء وحملة الكتاب والسنة، حتى قال سعيد بن المسيب: (إن القرّاء كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين(4)، فخرج وخرجنا معه ألف راكب) (5).
في هذه المدرسة استمع العلماء إلى اشراقات علمية لم يعهدها ولم يسمع بها أحد من هؤلاء العلماء من قبل في المدارس الأخرى.
وحيث لم يكن العصر مستعداً لا فكرياً ولا تقنياً لاستقبال تلك الكنوز والاستفادة منها، كان لابدّ من ظهور تلك العلوم على شكل رشحات خفيفة أو إلماعات مشرقة أمام آلاف العلماء بأيديهم الأقلام والقراطيس.
(ففيما كان الإمام الصادق لا يزال في مدرسة أبيه الباقر، عاد أحد تلامذة الإمام من مصر، حاملاً معه كرة أرضية مصغّرة مصنوعة من دقيق الخشب مركبة على قاعدة مستديرة، في سمائها اثنتا عشرة مجموعة من النجوم من برج الحمل حتى برج الحوت على شكل هيئة حزام يطوق الكرة كما تصورها بطليموس في كتابه (المجسطي) في القرن الثاني الميلادي، وكانت صورة الشمس تقع خلف الكرة بحيث تشير إلى دورانها حول الأرض مرة كل سنة مارة على منطقة البروج، وكذلك صورة القمر والسيارات الأخرى وهي تدور حول الأرض.
كانت هذه الكرة أول نموذج مصغّر للكرة الأرضية والسيارات الأخرى يراه الإمام الصادق، ومع أنه آنذاك كان في الحادية عشرة من عمره، فقد انتبه بذكائه الوقّاد إلى الخطأ الكبير الذي وقع فيه بطليموس فقال: إذا كانت الشمس تدور حول الأرض وتنتقل من برج إلى آخر في ثلاثين يوماً لتتم دورتها مرة كل سنة، فما هو السر في غيابها كل ليلة لتظهر في صباح اليوم الثاني؟ إذا كانت الشمس تستقرّ في كل برج شهراً واحداً فلابدّ أن نراها بصورة مستمرة فلا تغيب عنا كل مساء)(6).
كان قد مرّ على وفاة بطليموس (560) سنة، ولم يكن أحد قبل الإمام الصادق(ع) قد تنبّه في هذه الفترة الطويلة إلى هذا المشكل، ولا كان أحد ليجرؤ على انتقاد رأي بطليموس أو تخطئته سوى الإمام الصادق.
كانت هذه مجرد إشراقة أضاءت سماء مدرسة الإمام الباقر(ع) خرجت من مشكاة أحد الراسخين في العلم، ناهيك عن إشراقات أخرى كثيرة في علوم الجغرافيا والهندسة والطب والكيمياء والفيزياء والهيئة إلى جانب علوم الفقه والتفسير وعلوم الحديث..
مدرسة الإمام الصادق(ع):
ولما استقلّ الإمام الصادق بمدرسة الإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الباقر(ع)، انبعثت من هذه المشكاة علوم كثيرة اتخذت طابعاً نظرياً لانعدام الصناعة القادرة والتقنية اللازمة للانطلاق العملي، وظهر مما نقله الرواة عن الإمام الصادق(ع) تفوقه العلمي وجريه وحيداً في عصره في شتى الميادين العلمية، الأمر الذي ترك بصماته فيما بعد على الحضارة الإسلامية المزدهرة، وكان أساساً للحضارة الغربية الحديثة.
في مجـــال الطــــب
لا ريب أن الإمام الصادق (ع) كان على معرفة أكيدة بالطب، وقد خصص فيما ألقاه على المفضل بن عمر الجعفي فصلاً تحدث فيه عن الطبائع وفوائد الأدوية ووظائف الأعضاء.
وقد جمع بعض علماء السلف شيئاً كثيراً من آراء أئمة أهل البيت (ع) في الطب وسماه (طب الأئمة)، والمجلسي يروي الكثير عن هذا الكتاب في موسوعته الكبيرة (بحار الأنوار) وكذلك الحر العاملي في (وسائل الشيعة)، إلا أن كتاب (طب الأئمة) هذا فقد بعد ذلك ولا وجود له اليوم إلا في بطون الكتب.
وقد كان الطب من أحد العلوم التي كان يقررها الإمام الصادق في مدرسته، ويفيض في الإبانة عنها وكشف أسرارها وخفاياها.
(وهذا ابن ماسويه أشهر أطباء عصره ينصت لحديث مروي عن الإمام الصادق في شرحه وتوضيحه للطباع يقول فيه (الطبائع أربع: الدم وهو عبد وربما قتل العبد سيده، والريح وهو عدو إذا سددت له باباً أتاك من آخر، والبلغم وهو ملك يدارى، والمرّة وهي الأرض إذا رجفت رجفت بمن عليها) فقال ابن ماسويه: (أعد عليّ فوالله ما يحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف) (7).
(وهذا طبيب المنصور يحضر عنده ليقرأ عليه كتب الطب، فإذا به يحضر مرة وعنده الإمام الصادق (ع)، فجعل الإمام ينصت لقراءته، فلما فرغ قال للإمام: يا أبا عبد الله أتريد مما معي شيئاً؟ قال: لا، لأن ما معي خير مما هو معك. قال: ما هو؟ قال: أداوي الحار بالبارد والبارد بالحار، والرطب باليابس واليابس بالرطب، وأرد الأمر كله إلى الله واستعمل ما قاله رسول الله(ص)، وأعلم أن المعدة بيت الداء وأن الحمية هي الدواء، وأعود البدن ما اعتاد. قال الطبيب: وهل الطب إلا هذا؟. قال الإمام: أتراني عن كتب الطب أخذت؟ قال: نعم. قال: لا والله ما أخذت إلا عن الله سبحانه وتعالى. فأخبرني أأنا اعلم بالطب أم أنت؟ قال الطبيب: بل أنا. قال الصادق: فأسألك؟ قال: سل. فسأله الإمام عشرين مسألة وهو يقول لا أعلم، فقال الصادق: ولكني أعلم. وبدأ الإمام بشرحها وتفصيلها)(8).
(وسأل طبيب نصراني الإمام الصادق عن تفصيل الجسم، فقال: إن الله تعالى خلق الإنسان على اثني عشر وصلاً وعلى مائتين وستة وأربعين عظماً وعلى ثلاثمائة وستين عرقاً، فالعروق هي التي تسقي الجسد كله والعظام تمسكها والشحم يمسك العظام والعصب يمسك اللحم.
وجعل في يديه اثنين وثمانين عظماً، في كل يد واحد وأربعون عظماً، منها في كفه خمسة وثلاثون عظماً، وفي ساعده اثنان، وفي عضده واحد، وفي كتفه ثلاثة وكذلك الأخرى، وفي رجله ثلاثة وأربعون عظماً، منها في قدمه خمسة وثلاثون عظماً وفي ساقه اثنان وفي ركبته ثلاثة وفي فخذه واحد وفي وركه اثنان وكذلك في الأخرى، وفي صلبه ثماني عشرة فقارة، وفي كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع، وفي عنقه ثمانية، وفي رأسه ستة وثلاثون عظماً، وفي فيه ثمانية وعشرون واثنان وثلاثون)(9).
(ومن نظرياته التي انتفع بها الأطباء في عصره وبعد وفاته رأيه في إمكانية تنشيط الدورة الدموية عند حدوث سكتة مفاجئة أو توقف مؤقت، حتى ولو ظهرت على المريض إمارات الموت أو علامات شبيهة بعلامات الموتى، وقد يعيد الحياة إلى المريض قطع وريد بين أصابع يده اليسرى إسالة للدم منه)(10).
(ومن خريجي مدرسة الإمام الصادق العلمية في مجال الطب والصيدلة جابر بن حيان، فهو بالإضافة إلى تخصصه في الكيمياء، صنف مؤلفات في الطب، أورد منها ابن النديم - في الفهرست -: (رسالة في الطب - كتاب السموم - كتاب المجسة - كتاب النبض - كتاب التشريح). وكان جابر أول من أشار إلى طبقات العين، فسبق بذلك يوحنا بن ماسويه المتوفى سنة 243هـ وسبق حنين بن إسحاق المتوفى سنة 264هـ، وهما من أعلام الطب في هذا العصر)(11).
في مجـــال الكيـمـيـــاء
من الثابت أن الإمام الصادق (ع) كان على علم بخواص الأشياء منفردة ومركبة، وأنه درّس علم الكيمياء في مدرسته، وقد اشتهر من تلامذته في هذا العلم هشام بن الحكم وجابر بن حيان.
أما هشام فنظريته في جسمية الأعراض كاللون والطعم والرائحة مشهورة، وقد أخذها عن تلميذه إبراهيم بن سيار المعتزلي. ومؤدى هذه النظرية أن الضوء يتألف من جزيئات في منتهى الصغر تجتاز الفراغ والأجسام الشفافة، وأن الرائحة تتألف من جزيئات متبخرة من الأجسام تتأثر بها الغدد الأنفية، وأن المذاق جزيئات صغيرة تتأثر بها الحليمات اللسانية.
وقد أثبت العلم الحديث صحة ما ذهب إليه هشام بن الحكم الذي أخذه عن أستاذه الإمام جعفر الصادق (ع).
أما التلميذ الأكثر شهرة في مجال الكيمياء والعلوم الطبيعية - جابر بن حيان - فقد دوّن في ألف ورقة وخمسمائة رسالة من تقريرات الإمام في علمي الكيمياء والطب. وتمكن من تحقيق وتطبيق طائفة كبيرة من نظريات الإمام العلمية، أهمها: تحضير (حامض الكبريتيك) بتقطيره من الشَّبَّة وسمّاه (زيت الزاج) كما حضّر (حامض النتريك) و(ماء الذهب) و(الصودا الكاوية)، وكان أول من لاحظ ترسب (كلورود الفضة) عند إضافة محلول ملح الطعام إلى ملح (نترات الفضة)، وينسب إليه تحضير مركبات أخرى مثل (كربونات الصوديوم) و(كربونات البوتاسيوم) وغير ذلك مما له أهمية كبرى في صنع المفرقعات والأصباغ والسماد الصناعي والصابون وما إلى ذلك.
ولم تقف عبقرية جابر في الكيمياء عند تحضير هذه المواد فحسب، بل انه انبعث منها إلى ابتكار جديد في الكيمياء سماه (علم الميزان) أي معادلة ما في الأجساد والمعادن من طبائع.
وقد جعل لكل جسد من الأجساد موازين خاصة بطبائعه، وكان ذلك بداية لعلم المعادلات في طبائع كل جسم.
كما امتد نشاط جابر إلى ناحية أخرى من الكيمياء يسمونها (الصنعة) أي تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة من ذهب وفضة بموجب توجيهات الإمام الصادق(ع). ويعد جابر رائداً لمن أتى بعده من العلماء الذي شغفوا بهذه الناحية من الكيمياء كالرازي وابن مسكويه والصغرائي والمجريطي والجلدكي)(12).
وقد أفرد الدكتور محمد يحيى الهاشمي كتاباً سماه (الإمام الصادق ملهم الكيمياء)، ويرى الهاشمي أن (الإكسير) الذي كان جابر يديره في الكوفة لتحويل المعادن إلى ذهب إنما هو (الراديوم) أو أحد الأجسام المشعة، يقول الهاشمي (ومما يزيد إعجابنا ادعاء جابر بأن هذا السر له دخل في جميع الأعمال. ونحن إذا أمعنّا النظر في الوقت الحاضر لوجدنا أن اكتشاف الأجسام المشعة التي تؤدي إلى قلب عنصر المادة وتحطيم الذرة لم يكن من نتائجها القنبلة الذرية فحسب، بل إيجاد منابع قوى جديدة لم تكن تطرق على بال الإنسان)(13).
في مجـــال الفيـــزيــاء
كانت الفيزياء من العلوم التي تدرّس - كما يظن علماء الغرب - في مدرسة الإمام الباقر (ع)، وكان الاعتقاد سائداً منذ عصر أرسطو بوجود عناصر أربعة تؤلف أصل الكون وهي التراب والماء والهواء والنار. وقد أبدى الإمام الصادق (ع) - وهو بعد تلميذ في مدرسة أبيه الإمام الباقر (ع) - استغرابه لأن أرسطو لم ينتبه إلى أن العناصر الأربعة هذه ليست عناصر بسيطة غير قابلة للتجزئة. وبين الإمام أن التراب مركب من أجزاء وعناصر كثيرة منها الحديد، وهو بدوره مركب من أجزاء كل جزء منها يعتبر مستقلاً، وكذلك الهواء والماء.
والواقع أن فكرة الإمام هذه تعتبر كشفاً معجزاً بجميع المقاييس، بحيث أن أحداً من العلماء قبله لم يفطن طوال ألف سنة إلى حقيقة أن الهواء ليس من العناصر البسيطة وإنما هو مركب من عناصر متمازجة، كما ظل هذا الكشف مهملاً بعده حتى جاء في القرن الثامن عشر الميلادي العالم الفرنسي (لافوازيه) فحلّل الهواء واستخرج منه الأوكسجين، وبرهن على أثره الحيوي الفعّال في التنفس وفي حياة الإنسان وفي عمليات الاحتراق.
وهكذا (قوض الإمام الصادق نظرية أرسطو من أساسها بعدما عاشت قرابة ألف سنة، وسبق عصر العلم والاكتشافات الحديثة بألف سنة)(14).
وفوق هذا فإن (تجربة ذوبان الحديد بفعل الأوكسجين التي اضطلع بها الإمام الصادق في ذلك العصر، لم يوفق لافوازيه للقيام بها بعده بألف عام)(15).
(أما نظرية الإمام الصادق الخاصة بنشأة الكون، فلا تختلف عن النظرية العصرية الخاصة بالذرّة وأصل الكون، حيث أشار الإمام إلى وجود قطبين متضادين، وهو ما يماثل القوتين الإيجابية والسلبية داخل الذرّة، ومنهما تتألف الذرة، وتتولد المادة من الذرة.
هذه النظرية العلمية الدقيقة تتفق مع نظرية علماء الفيزياء في هذا القرن، بل إن العلماء المعاصرين لم يضيفوا إليها إضافة جديدة ذات بال.
وقد ظهرت أهمية هذه النظرية في القرن السابع عشر الميلادي عندما أثبت علم الفيزياء وجود هذين القطبين المتضادين، وإن ما نعرفه اليوم من علوم الذرة والكهرباء والإلكترونيات قد قطع بسلامة هذه النظرية وأكد وجود القطبين المتضادين في المغناطيس وفي الكهرباء وفي نواة الذرة وفي غير ذلك من ميادين العلوم)(16).
لقد تعرض الإمام الصادق في علم الفيزياء لمسائل لم يتعرض لها أحد قبله ولا بعده إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، ومن ذلك مثلاً تصنيفه الأجسام الصلبة كدرة وأخرى صقيلة شفافة إذ قال: (كل جسم صلب جامد يكون كدراً، وكل جسم صلب دافع يكون لماعاً وشفافاً).
وفي الرد على سؤال: ما الذي يجذب؟ قال: (إن الحرارة هي التي تجذب) وقد أصبحت هذه النظرية في يومنا الحاضر قانوناً علمياً في الكهرباء والفيزياء.
ونحن نعرف في قوانين الفيزياء الحديثة أن كل جسم كدر تصدر عنه أمواج إلكترونية وأشعة حرارية فيكون موصلاً جيداً للحرارة وللأمواج، وأن الأجسام التي لا تنتقل منها الحرارة بسهولة، أي غير الموصلة للحرارة الجاذبة لها، وغير الناقلة للأمواج الإلكترونية تعتبر أجساماً عائقة وتكون شفافة لماعة.
بعبارة أخرى، إن الأجسام الكدرة كالحديد تنقل الأمواج الكهرطيسية وتنقل الحرارة وتجذب، في حين أن الأجسام الشفافة كالبلور والألماس لا توصل الحرارة - أو توصلها ببطء - وتحول دون انتقال الأمواج الكهرطيسية فلا تجذب وتعتبر أجساماً عائقة.
إن نظرية الجاذبية عند الإمام لا تقل أهميتها عن نظريته القائلة بوجود قطبين متضادين، وهي تطابق قوانين الفيزياء الحديثة من حيث تعليل أسباب كدر الأجسام الصلبة أو صفائها.
ولا ريب في أن العقلية التي اكتشفت الأسباب الكامنة وراء صفاء الأجسام الصلبة أو كدرها منذ اثني عشر قرناً هي عقلية سبقت جميع معاصريها. وليس من الغلوّ في شيء القول بأنها عقلية عبقرية فريدة في ميادين العلوم. ولم ينته علم الإمام الصادق عند هذه النظرية وما أوردنا له من النظريات سواها، بل إن له في العلوم نظريات أخرى لا تقل أهمية عما أوردنا ومنها تفصيله المتعلق بخلق الإنسان من تراب، ذلك التفصيل الذي لم يسبقه إليه أحد قبله. وذلك أن جميع المسلمين يقولون بخلق الإنسان من تراب تبعاً للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. لكن الإمام يفصل القول موضحاً (إن جسم الإنسان يتألف من نفس العناصر الموجودة في الأرض ولكن بنسب متفاوتة، فهناك عناصر توجد في جسم الإنسان بنسبة اكبر من نسبة وجودها في الأرض، وهناك عناصر أخرى توجد بنسبة أقل منها) وكان يقول: (هناك أربعة أشياء توجد في جسم الإنسان بصورة أكبر من سواها، وثمانية أشياء تأتي في مرحلة ثانية وثمانية أشياء هي أقل مما في القسمين الأولين).
(ومن النظريات التي قال بها الإمام الصادق، وكشفت عن نبوغه العلمي وإحاطته الواسعة بدقائق العلوم، نظريته المتعلقة بانتقال بعض الأمراض عن طريق الضوء من المريض إلى السليم.
ومؤدّى هذه النظرية أن هناك أمراضاً ينبعث منها ضوء، فإذا أصاب هذا الضوء أحداً انتابته العلّة.
ولم يستطع علماء الأحياء هضم هذه النظرية وقبولها اعتقاداً منهم بأن العامل الرئيسي في انتقال المرض هو الميكروب أو الفيروس الذي ينتقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق الحشرات أو الماء أو الهواء الملوّث، وكان الاعتقاد السائد بين الأطباء قبل اكتشاف الميكروب أن الرائحة هي السبب الفعال في انتقال المرض.
إن ما ذهب إليه الإمام الصادق من أن الضوء المشع المنبعث من المريض هو الذي يتسبب في نقل العدوى لم يقل به أحد في أي مرحلة من مراحل تاريخ الطب الطويل قبل وبعد الإمام، حتى جاءت التجارب العلمية المعاصرة معززة ومثبتة لصحة آراء الصادق هذه، وذلك عندما استطاع مركز في الاتحاد السوفياتي من أهم مراكز البحوث في العلوم الكيميائية والطبية أن يثبت للمرة الأولى بأن هناك من الأمراض ما يشع ضوءً، وأن هذا الضوء قادر في حد ذاته ودون ميكروب أو فيروس على إصابة الخلايا السليمة وإيقاع المرض بها)(17).
(ويؤخذ من البحوث التي أجريت في هذا المركز العلمي السوفياتي خلال ربع قرن، والتي عززتها تجارب علمية مماثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن خلايا جسم الإنسان تصدر عن كل منها أشعة فوق بنفسجية، كما أنها تستقبل هذه الأشعة، وتنتقل العدوى مع هذه الأشعة من الخلايا المريضة إلى الخلايا السليمة دون انتقال أي ميكروب أو فيروس.
ولا ريب في أن النتائج التي أسفرت عنها هذه التجارب قد فتحت أمام علماء الأحياء والطب ميداناً جديداً يطرقونه لمعالجة الأمراض يتمثل في اللجوء إلى إحدى طريقتين: إما الاهتداء إلى وسيلة تمنع انتقال الأشعة فوق البنفسجية من الخلية المريضة إلى الخلية السليمة، وإما بإكساب الجسم مناعة بحيث تستطيع خلاياه السليمة مقاومة هذه الأشعة الناقلة للعدوى.
وقد أنعش هذا الكشف العلمي العظيم آمالاً عريضة في إمكانية التوصل بهذا الأسلوب لمعالجة الأمراض المستعصية كالسرطان وغيره)(18).
في مجـــالات علميـــة أخـــرى
أ- الزمان والمكان عند الإمام الصادق (ع)
كان من رأي بعض فلاسفة اليونان أن الزمن ليس له حقيقة أو وجود خارجي لا بصورة ذاتية ولا بصورة تبعية، فهو لا يعدو عن كونه فاصلاً بين حركتين، وأن الإنسان أو أي كائن حي ذي شعور لا يحس بهذه الفاصلة حتى وإن تابع سير الحركة.
في حين رأى البعض الآخر أن للزمن وجوداً ذاتياً، وقد صنف هؤلاء الزمن إلى نوعين: الزمن المتحرك (السائر) وهو يتألف من ذرات متحركة تنتقل من جانب إلى جانب، والزمن الثابت الذي لا تتحرك ذراته وأجزاؤه، ومثل هذا الزمن لا ينتقل من مكان إلى مكان، ولا يفصل بين حركة وحركة.
وفي رأي فلاسفة الإغريق القدامى أن الزمن الثابت (زمن الأبدية) هو زمن الآلهة، في حين أن الزمن السائر (المتحرك) هو زمن الكائنات الحية ومنها الإنسان، ولو استطعنا وقف حركة الزمن، ووقف التغير في شكل الكائنات الحية لرفعناها إلى مرتبة الآلهة، لأنها إذ ذاك ستتمتع بالزمن الثابت وهو أبدي.
أما فلاسفة أوربا في القرون المتأخرة وحتى القرن العشرين فمنهم من أنكر وجود الزمن إنكاراً باتاً قائلين أن الموجود هو المكان، ومنهم من أنكر المكان قائلاً أنه يوجد تابعاً ولا وجود له في حد ذاته، وأنه حيثما وجدت المادة وجد المكان وإلا فلا.
وقال العالم الروسي المعاصر (إسحاق عظيموف) إن المكان هو المادة وإشعاعها، وأن ما نراه ونحس به هو المادة أو أمواجها وأشعتها وإن إحساس البشر بالمكان سببه الأشعة المنبعثة من المادة.
لكن رجلاً جاء قبل عظيموف باثني عشر قرناً ونصف القرن - هو الإمام الصادق - ساق نظريات حول الزمان والمكان تتفق مع نظريات العلماء المعاصرين، وكانت مصاغة في قالب سهل المأتى، واضح المعنى خلواً من المصطلحات والمعادلات العلمية الحديثة.
(ففي رأي الصادق أن الزمان غير موجود بذاته ولكنه يكتسب واقعيته وأثره من شعورنا وإحساسنا، وأن الزمان هو حد فاصل بين واقعتين أو وحدتين. وهو يرى أن الليل والنهار ليسا من أسباب تشخيص الزمان ومعرفته، وإنما هما حقيقتان مستقلتان عن الزمان، وليس لهما طول ثابت، فالليل يقصر في الصيف ويطول في الشتاء والنهار على عكسه، ويتعادلان أحياناً.
وفي رأي الصادق أيضاً أن للمكان وجوداً تبعياً لا ذاتياً، وهو يتراءى لنا بالطول والعرض والارتفاع، ولكن وجوده التبعي يختلف باختلاف مراحل العمر. ومن ذلك مثلاً أن الطفل الذي يعيش في بيت صغير يرى بخياله وأحلامه أن فضاء البيت ساحة كبرى، ومتى بلغ هذا الطفل العشرين من عمره رأى هذه الدار مكاناً صغيراً جداً، وأدهشه أنه كان يراها واسعة رحيبة في الطفولة)(19).
ب- عالم الكون
(قال الإمام الصادق (ع) أن الكون لا ينحصر في عالمنا وحده وإنما هناك عوالم أخرى،وقسم العالم إلى قسمين: العالم الأكبر والعالم الأصغر، وأن عدد العوالم في كل قسم كثيرة ولا يعلم عددها إلا الله تعالى.
وقال أن بين النجوم التي نراها في الليل ما هو أضخم من الشمس بحيث تعتبر الشمس بالقياس إليها صغيرة الحجم ضئيلة الضياء.
وقد جاء العلم الحديث بعد اثني عشر قرناً ونصف القرن مبرهناً على صحة هذه النظرية، وقام الدليل على أن هناك آلافاً من العوالم والمنظومات الشمسية الشبيهة بعالمنا ومنظومتنا الشمسية تعز على الحصر، وأن هناك مجموعات من النجوم السواطع (مجرات) يتضاءل تلقاء حجمها وضيائها حجم الشمس وضياؤها ويطلق عليها اسم (كوزارز) وبعضها يبعد عن الأرض بمقدار تسعة مليارات من السنين الضوئية، وأن الضوء المنبعث من بعضها أكبر من ضوء الشمس بعشرة آلاف مليار مرة)(20).
(وتذهب نظرية الصادق إلى أن لكل ما في العالم الأصغر شبيهاً في العالم الأكبر ولكن على ضخامة في الحجم والسعة، وأن لكل ما في العالم الأكبر شبيهاً في العالم الأصغر ولكن على قلة في الحجم والسعة، ومن هنا فإنه يستطاع تحويل العالم الأصغر إلى عالم كبير وتحويل العالم الأكبر إلى صغير.
ونحن حين نستمع إلى هذا الكلام منقولاً من ملفات القرون الماضية نحس وكأننا نصغي إلى عالم فيزيائي في عصرنا الحاضر أو كأننا نقرأ كتاباً في علم الفيزياء الحديث)(21).
(وللإمام الصادق نظرية علمية هامة أخرى هي نظرية انقباض العالم وامتداده، ومؤداها أن العوالم الموجودة لا تبقى على حال دائم من الأحوال فهي تتسع تارة وتنقبض أخرى. الأمر الذي أكده العلم الحديث الذي توصل إلى أن العالم المحيط بمنظومتنا الشمسية يتمدد ويتسع من جهة ويتقلص وينقبض من جهة أخرى، وأن الاتساع والانقباض يحدثان شيئاً فشيئاً، ففي حين تتباعد الأجرام في جانب من العالم تتقارب في جانب آخر مكونة كتلاً كثيفة، وتنتهي المادة إلى موت حقيقي عندما تصطدم بالأجسام المظلمة الكثيفة وتفقد إلكتروناتها، وتغدو جزءاً من هذه الأجسام المظلمة فتنتهي حركتها. أي أن المادة تنتهي من حيث الظاهر عندما يحدث التقاء بينها وبين الأجسام المظلمة وتبقى نواتها بعد اندماجها بغيرها مفتقرة إلى الكتروناتها، وتتراكم هذه الأجسام المظلمة وتتكاثف بدرجة تزيد بمئات آلاف المليارات عن المواد المتراكمة المعروفة لنا والموجودة في الأرض.
وصفوة القول أن علمي الفيزياء والفلك المعاصرين يؤكدان نظرية الإمام الصادق المتعلقة بتعدد العوالم وكثرتها وبانقباضها وتمددها)(22).
ج- نظرية انعكاس الضوء
يرى الإمام الصادق أن الضوء ينعكس من الأجسام على صفحة العين البشرية بسرعة كلمح البصر. أما الأجسام البعيدة فلا ينعكس منها إلا جزء صغير من الضوء ولهذا تتعذر رؤيتها بالوضوح الكافي، فإذا استعنّا بجهاز أو آلة ما لتقريب الضوء إلى العين فيمكن مشاهدة الجسم البعيد بنفس حجمه الحقيقي وبوضوح تام.
وقد اهتم (روجر بيكون) الأستاذ بجامعة أوكسفورد بهذه الطريقة وتوصّل إلى أننا لو استعنّا بما يقرب ضوء الأجسام البعيدة إلى عيوننا لأمكننا مشاهدتها وقد قربت إلينا خمسين مرة عن بعدها الحقيقي.
ولولا فرضية الضوء التي أتى بها الإمام الصادق لما تمكن (ليبرشي) عام 1608م من اختراع المجهر الذي استعان به غاليليو عام 1610م لاختراع المجهر الفلكي لرصد انعكاس ضوء الشمس على الكواكب الأخرى، ورصد الأجرام السماوية، الأمر الذي قاد إلى انطلاق عصر النهضة والتجديد في أوربا وأمريكا.
ولا تنحصر أهمية نظرية الصادق في قضية انعكاس الضوء من الأجسام إلى العين، ولا بالإشارة إلى إمكانية رؤية الأجسام البعيدة بتقريب ضوئها إلينا فقط، لأن الإمام الصادق قد أشار إلى حركة الضوء وأنها سريعة جداً كلمح البصر.
وقد روي عن الإمام الصادق قوله في بعض دروسه أن الضوء القوي الساطع يستطيع تحريك الأجسام الثقيلة وان النور الذي ظهر لموسى على جبل الطور كان من شأنه أن حرّك الجبل بل وجعله دكاً وخر موسى صعقا(23).
ومن مؤدى هذه الرواية أن الإمام الصادق تنبأ بأساس نظرية (أشعة الليزر).
إن الذي قاله الإمام الصادق (ع) عن الضوء وحركته يتفق تماماً مع ما أثبته البحث العلمي المعاصر، وغاية ما في الأمر أن العلم الحديث قاس سرعة الضوء ـ وهي ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة ـ ولكن هذا المقياس لا يجدي في قياس المسافات الفلكية الشاسعة في الدراسات الفضائية)(24).
مصدر علوم الإمام الصادق عند علماء الغرب:
أوردنا قبل قليل تساؤلاً طرحه علماء الغرب عن مصدر علوم الإمام الصادق(ع)، وأنه هل كان للإمام علم باطني (غيبي) أو لدني كما تقول الشيعة؟ وهل استنبط نظرياته بعلم الإمامة دون العلم البشري؟
وإذ يصعب عليهم الإقرار بهذا لأنه بعيد جداً عن أذهانهم ومناهجهم، فقد رأيناهم يردون علم الإمام الصادق إلى النبوغ والذكاء والعبقرية الفريدة تارة، وإلى ما تلقاه من العلوم المنقولة عن الأمم السابقة والتي كانت محل اهتمام وعناية مدرسة أبيه الإمام محمد الباقر(ع) تارة أخرى.
إنهم يقولون: (وفي رأينا أنه من العسير التوصل إلى مثل هذه الحقائق العلمية دون مختبرات علمية عصرية، ولكن هذا هو ما تناهى إليه علم الصادق قبل اثني عشر قرناً، ولا غرو، فالعباقرة أقدر من سواهم على استنباط ما تعجز عنه العقول، لأن عيونهم تخترق الظلمات وترى ما لا يراه غيرهم من المبصرين.
وثمة نظرية مؤداها أن المعارف والمعلومات كامنة في الشعور الباطني للناس جميعاً، ولكن هناك حجاباً يحول دون إدراك الشعور الظاهري لما هو كامن في الشعور الباطني غير المحدود، فإن استعصى على الإنسان العادي أن ينتفع بهذه الذخيرة المدخرة في باطنه، فإن العباقرة قادرون على النفاذ إلى الباطن واستنباط ما هو مدّخر فيه من معلومات ومعارف كامنة.
وقد ذهب الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون إلى القول بأن الإنسان يكتشف كل مجهول بفهمه الخاص إذ كانت لديه اندفاعة حياة، وإن حظ العباقرة من هذه الاندفاعة أكبر من حظوظ سواهم. ويرى أن الذرى وجدت منذ بدء الخليقة واجتمعت فيها جميع المعلومات المختلفة، فأحرى بخلايا الجسم الموجودة في الكائن الحي أن تنطوي على جميع المعلومات الخاصة بهذا العالم منذ بداية الخليقة وإلى يومنا هذا(25).
وإذا كان العلماء قد أطلقوا على الإحساس الداخلي اسم (الشعور الباطني أو الغيبي) فإن الفيلسوف برجسون قد سماه (اندفاعة الحياة) وكان يقول أن النوابغ يتميزون عن غيرهم بأن لهم حظاً من اندفاعة الحياة تزيد على حظوظ غيرهم وأنهم أقدر من سواهم على الاستفادة من ذاكرة خلايا أجسامهم.
ففي رأي الشيعة إذن أن الإمام الصادق كان يرى بعلم الإمامة، أما القائلون بالشعور الباطني غير المحدود فيقولون أنه انتفع بهذا الشعور، في حين أن برجسون يرى أن الصادق كان يتمتع باندفاعة قوية للحياة)(26).
ونحن لا نرى أي تعارض بين هذه الآراء الثلاثة عن مصدر معلومات الإمام الصادق(ع)، فإن العبقرية والنبوغ المؤديين إلى القدرة على الاستمداد من الشعور الداخلي أو التمتع باندفاعة قوية للحياة وبالتالي الاستفادة من ذاكرة خلايا أجسامهم، لا يمكن أن يكونا كافيين لنفي الاستفادة كذلك من علم الإمامة أو ما نسميه العلم اللدني خصوصاً بعد ثبوت هذا العلم لمن شاء الله سبحانه وتعالى من الأنبياء والأولياء.
وقد قال تعالى: (فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) الكهف: 65.
وكذلك فإن العلم اللدني لا ينفي الاستفادة من الشعور الباطني أو من ذاكرة خلايا الجسم.
ويبقى السبق للإمام الصادق (ع) في كافة هذه العلوم بحيث كان المنارة التي شعت منذ النصف الأول من القرن الثاني الهجري -القرن السابع الميلادي- لتذكي فتيل النهضة العلمية في القرنين التاسع عشر والعشرين، ولتلفت أنظار علماء الغرب إلى ذلك العبقري الفريد الذي تمتع بنبوغ متميز لم يسبقه سابق قبله بألف عام ولم يلحقه لاحق بعده خلال ألف عام، ذلك هو الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع).