فاطمة عليها السلام إشعاع مستمر لتوضيح طريق الهدى
خضير العواد
2016-03-28 11:36
نحتفل هذه الأيام بمناسبة ولادة سيدة النساء والشفيعة المشفعة والطاهرة المطهرة والتي فطم الخلق عن معرفتها إنها الصديقة الكبرى التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضها إنها باب الله التي من آتها نجى ومن تخلف عنها هلك وهوى في سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر.
إنها فاطمة الزهراء بنت سيد الأنبياء وزوجة سيد الأوصياء وأم سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهم صلوات الله أجمعيين، إن الشخصية العظيمة التي تمتلكها الصديقة الطاهرة سيدة النساء (ع) قد حيرت العقول وأفزعت الظلّام وأراحت المؤمنين فكيف لا تكون كذلك وهي التي دارت على معرفتها القرون الأولى، قال الإمام الصادق (ع) (هي الصديقة الكبرى والتي على معرفتها دارت القرون الأُولى).....(1)
وهي دائرة قطب الإمكان كما دل على ذلك قوله تعالى في حديث الكساء (فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) فان مكانتها وعظمتها لايمكن أن يعرفها أحد من المخلوقات إلا النبي (ص) وبعلها الوصي (ع)، فان الصغير لايمكن أن يحيط بالكبير وأنى لحبة الرمل أن تحيط بالمجرة وأين قطرة الماء من مياه المحيط، قال الامام الصادق (ع) (سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها)....... (2)
وهي التي أتت نطفتها من الجنة والتي يقول فيها رسول ألله (ص) (فاطمة حوراء إنسية).....(3) وتكوين نطفتها وولادتها قد أجمعت عليها الأمة لذا لانحتاج لدليل لإثبات هذا الأمر أما أفضليتها فتشير الأدلة على أفضليتها على جميع الخلق بما فيهم الأنبياء (ع) باستثناء والدها رسول ألله (ص) وبعلها علي بن أبي طالب (ع)، لهذا ونحن في هذه العجالة لايمكن لنا إلا أن نغترف غرفة صغيرة من شعاع نورها وبعض من فضائلها سلام الله عليها.
أقول إذا كان المسيحيون عبدوا نبي الله عيسى عليه السلام لأن أمه ولدته بدون أب ولكن الوسيط في الولادة هو روح القدس قال الله سبحانه وتعالى (إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا) (5)، فأنكرت ذلك مريم عليها السلام لأنها لم يكن في العادة أن تحمل المرأة من غير رجل فقالت (قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشرٌ ولم أك بغيا)(6) ولم يعلم جبرائيل عليه السلام أيضاً كيفية القدرة فقال لها (قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضيا) (6)، قال والقول للشيخ القمي فنفخ في جيبها فحملت بعيسى عليه السلام بالليل فوضعته بالغداة وكان حملها تسع ساعات من النهار جعل لها الشهور ساعات (7)، أقول إذا كان الوسيط لولادة عيسى عليه السلام روح القدس وفي بعض الروايات يصرح باسم جبرائيل عليه السلام كما هو أعلاه فأصبح عيسى ابن الرب وفي كثير من الأحيان هو الرب يعبد من دون الله، فماذا نقول إذا كانت نطفة فاطمة عليها السلام ثمرة من ثمار الجنة وكان الوسيط في نقلها ليس ملك بل هو سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله وسلم فماذا نقول في فاطمة عليها السلام وكيف نقدسها ونحترمها.
قال رسول الله (ص): (ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي فلما أن هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت الى الجنة شممت رائحة فاطمة (ع) (8)، قال رسول الله (ص) (ففاطمة بضعة مني وهي نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبي وهي الحوراء الإنسية) (9) قال رسول الله (ص) (إن فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية)(10) فأين فضل مريم عليها السلام من فضل فاطمة عليها السلام بل أين فضل نبي الله عيسى عليه السلام من فضل فاطمة عليها السلام، ومن الحديث أعلاه نستنتج أن فاطمة لم تتقلب في الساجدين ولكنها تقلبت واستقرت في سيد الساجدين وأفضلهم وأطهرهم حبيب الله العالمين أبي القاسم محمد (ص).
فقد تفردت فاطمة عليها السلام في كل شيء ولم تقترب امرأة من صفاتها وفضائلها وقال عبيد الهروي في الغريبين: سميت مريم عليها السلام بتولاً لأنها بتلت عن الرجال وسميت فاطمة عليها السلام بتولا لأنها بتلت عن النظير (11)
قال رسول الله (ص) (أفضل رجال العالمين في زماني هذا علي (ع) وأفضل نساء الأولين والآخرين فاطمة (ع) (12)، فلو كان هناك أقدس من مكانة من عنوان الأم لعنونه لفاطمة عليها السلام ولكون هذا المقام من أقدس المقامات عند الله سبحانه وتعالى حيث قال رسول الله (ص) (الجنة تحت أقدام الأمهات) (13)، ولهذا قال (ص) فاطمة أم أبيها فهذا المعنى له دلالات كبيرة وعظيمة أظهرها رسول الله (ص) لمقام الصديقة الكبرى صلوات الله عليها فكيف كان يحترمها ويقدسها ويقبل يديها ويقبل ما بين عينيها ويقوم لها أجلالاً حين تقبل عليه ويجلسها مكانه، فاطمة (ع) سيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء العالمين وسيدة نساء المؤمنين وسيدة نساء الأولين والآخرين وسيدة نساء أهل الجنة وسيدة نساء المسلمين وسيدة النساء يوم القيامة وسيدة النساء عموماً دون استثناء أو تخصيص وقد وردت في ذلك أخبار كثيرة متضافرة.
ولما كانت فاطمة سيدة نساء أهل الجنة صارت افضل نساء الأولين والآخرين ولما كانت هذه الأمة خير الأمم بمفاد قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (14) وكانت الزهراء الصديقة خير النساء هذه الأمة فهي طريق أولى خير نساء الأمم جميعاً، وهذه بعض من فضائلها صلوات الله عليها قال رسول الله (ص) (أعطاني الله فاطمة العذراء ترجع كل ليلة بكرا ولم يعطي ذلك أحد من النبيين والحسن والحسين (عليهما السلام) ولم يعط أحد مثلهما وأعطاني صهراً مثلي وأعطاني الحوض وقسمة الجنة والنار ولم يعط الملائكة وجعل شيعته في الجنة وأعطاني أخا مثلي وليس لأحد أخ مثلي).(15)
عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال سألت أبا عبد الله (ع) (عن فاطمة عليها السلام لم سميت الزهراء فقال: لأنها كانت إذا قامت في محرابها يزهر نورها لأهل السماء، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض)(16)، عن أبو هاشم العسكري: سألت صاحب العسكر (ع) (لم سميت فاطمة الزهراء ؟ فقال: كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين من أول النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر ألمنير وعند الغروب غروب الشمس كالكوكب الدري. (17)
ويروى أنها (عليها السلام) سميت الزهراء لأن الله عز وجل خلقها من نور عظمته (18)، ولمقامها المقدس وقربها من الله سبحانه وتعالى وأبيها رسول الله (ص) فقد وهبها رسول الله (ص) تسبيح سمية باسمها لا يعبد الله بمثله قال المحقق الحلي في المعتبر (التعقيب هو الدعاء عقيب الصلوات والأذكار في ذلك كثيرة أفضلها تسبيح الزهراء عليها السلم وإنما نسب إليها لأنها السبب في تشريعه، روى صالح بن عقبة عن أبي جعفر عليه السلام قال (ما عبد الله بشيء أفضل من تسبيح الزهراء عليها السلام ولو كان شيء افضل منه لنحله (وهبه أو أعطاه) رسول الله (ص) فاطمة عليها السلام)..(19) وكان يقول (تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم دبر كل صلاة أحب ألي من صلاة ألف ركعة في كل يوم) (20).
وفي الختام نتضرع الى الله أن يملأ قلوبنا بحبها وولائها وتنطق ألسنتنا بثنائها ولا تجعلها خصيمة لنا ولا مغضبة علينا بل راضيةً ورحيمةً علينا في يوم ننتظر شفاعتها ونرجو أن نلتجئ بفيوضاتها وأنت أعلم بعواقب الأمور، اللهم أجعلنا من المتمسكين بولايتها وولاية بعلها علي بن أبي طالب عليه السلام وأجعلنا ممن يرفع راية الولاية في كل مكان وينشر محبة محمد وآل محمد ما بين الأقوام إنه سميع مجيب وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين.