كونوا مع سيدة العطاء والعدل والحرية فاطمة الزهراء(ع)
علي ال غراش
2023-11-29 05:36
السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- نالت أعلى المراتب والفخر والشرف والطهر ..، وما العجب، وقد بشر الخالق -عزوجل- رسوله الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالذرية الكثيرة من فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنزول سورة باسم الكوثر، والكوثر هو اسم من أسماء وألقاب السيدة الزهراء (ع)، ومعنى الكوثر العطاء الكثير، ومعناه كما قلنا الذرية الكثيرة حسب "سياق الآية في مقابل الشانيء الذي هو ابتر لا ذرية له، بخلاف النبي (صلى الله عليه وآله) فانّ له الكوثر أي الذرية الكثيرة وهي فاطمة (عليها السلام) وما يحصل من ذريتها، ومقتضى المقابلة هو في كثرة الذرية، وإلا لإختلّت المقابلة، والاثبات والنفي لم يردا على شيء واحد، وهذا لا ينافي تأويل الكوثر بأنه نهر في القيامة يسقي به النبي (صلى الله عليه وآله) أمّته فالكلام في مورد نزول الآية، وقد ذهب الى ذلك الفريقين".
وهي بنت سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما أدراك من هو الرسول الأعظم محمد (ص) سيد الكائنات، وامها السيدة خديجة بنت خويلد (عليها السلام)، وما أدراك ما خديجة حبيبة النبي (ص) واول امرأة أسلمت وامنت بنبوة زوجها الرسول الأعظم والرسالة الإلهية، ودورها في الرسالة الإسلامية والتضحية ..، وبعلها أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) وما إدراك من علي الكرار، وليد الكعبة المشرفة، أول الناس اسلاما وإيمانا وأول فدائي، واخو رسول الله (ص) وزوج ابنته ووالد أحفاده وخليفته ..، تعجز الكلمات عن التعبير ..؟. وبنيها الحسن المجتبى والحسين شهيد كربلاء، وأحفادها الأئمة الطيبين الطاهرين (عليهم السلام) وما إدراك من هم؟. ومن هي فاطمة الزهراء عليها السلام؟.
قال الشاعر محمد اقبال بحقها:
والمجد يشرق من ثلاث مطالع
في مهد فاطمة فما أعلاها
هي بنت من؟ هي زوج مَنْ هي أمُّ مَنْ؟
من ذا يداني في الفخار اباها؟
هي ومضة من نور عين المصطفى
هادي الشعوب إذا تروم هداها
هو رحمة للعالمين، وكعبة
الآمال في الدنيا واخراها
ويكمل الشاعر إقبال:
ولزوج فاطمة بسورة هل اتى
تاج يفوق الشمس عند ضحاها
اسد بحصن الله يرمي المشكلات
بصيقل يمحو سطور دجاها
ايوانه كوخ وكنز ثرائه
سيف غدا بيمينه تياها
الكمال في شخصية الزهراء
بفضل ما تتمتع به شخصيتها الفذة والجذابة من تكامل في جميع الجوانب؛ - معرفة ووعي وإيمان وحكمة وبيان -، ورغم عمرها القصير جدا من الناحية الزمنية، فإنها استطاعت أن تحتل وتتربع على قلوب كل من تعرف على سيرتها المميزة المليئة بالدروس والعبر لبناء ونهضة الإنسان والمجتمع الحي الواعي النابض بالعطاء، وما العجب وهي سيدة نساء العالمين وبضعة الرسول الأمين محمد السيدة فاطمة الزهراء!.
التي تمثل أفضل قدوة وأنموذج للبشرية وبالخصوص للنساء في جميع المجالات كالاهتمام بأهم مؤسسة في بناء المجتمع الواعي «الأسرة»، وتربية أجيال المستقبل، وتخريج القادة، وتحمل المسؤولية والدفاع عن الحق وعدم السكوت عن الظلم والاعتداء مهما كان ومهما كان مصدره. ولأنها تحظى بمنزلة رفيعة جدا عند والدها أعظم شخصية عرفتها البشرية الرسول الأعظم محمد الذي بين مكانتها عند الخالق عز وجل بقوله (ص): «إن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها».، ولها دور رسالي ساطع ومؤثر في تاريخ الأمة عبر تحملها للمسؤولية وتوعية المجتمع بالثقافة الإلهية والمحمدية الأصيلة ونقل الروايات وتعليم النساء الفقه والثقافة العامة وتعريفهن بحقوقهن وواجباتهن..، كل ذلك أعطى السيدة الزهراء مكانة مرموقة في عصرها بأنها الأكثر تميزا وتأثيرا، وبالتالي عندما تعرضت للمظلومية نتيجة مواقفها البطولية فإنها تحولت إلى قبس لكل الأحرار والمعارضين في العالم، والى زلزال يهز عروش الظالمين والفاسدين، ونبراس ومدرسة لصناعة أجيال وقادة ينتصرون للحق إلى اليوم وإلى يوم يبعثون.
تغييب شخصية الزهراء
ولكن أين شخصية السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من حياة أغلب المسلمين، هل هي حاضرة في حياتهم ولها حضور في الكتب والمناهج الدراسية وفي وسائل الإعلام بما يتناسب مع عظمة شخصيتها ومكانتها كأعلم النساء وأحب وأعز شخصية نسائية على الإطلاق للنبي الكريم فهي البضعة الغالي؟. وأين الروايات التي نقلتها عن والدها رسول الله، وأين علومها وأقوالها وخطبها وادعيتها ودورها في تعليم المجتمع النسائي الإسلامي الأول وخاصة الفقه، وكيف عاشت في كنف والدها، وما هي علاقتها بخالقها، وبوالدها وبزوجها وبأبنائها وبمجتمعه وبالمطالبة بالحقوق؟.
رحمة وحنان الزهراء
حياة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) مليئة بالأسرار والتضحية والعطاء وتحمل المسؤولية، بل انها شريكة في الرسالة إذ إنها شاهدت وعاصرت الألم منذ طفولتها في حياة والدها وذاقت الظلم الذي تعرض له والدها الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه واله وسلم) من الأعداء في بداية البعثة، وقد وصف الرسول (ص) تلك المرحلة بقوله (ص): « ما أوذي نبي مثل ما أوذيت». تعبيرا عن حجم الأذى الذي تعرض له. فوقفت ابنته الصغيرة فاطمة الزهراء (ع) بجانبه تدافع عنه وترفع عنه الهموم والظلم، وتمسح عنه آثار الأذى والدموع والآلام بأناملها الطاهرة، وتحتضنه بقلبها الكبير رغم حجمها الصغير الذي يشع محبة ورحمة إلى درجة أن الرسول وصف تلك المكانة لابنته بقوله: «فاطمة أم أبيها».
نعم كانت أما لأبيها وهي صغيرة في السن مجروحة الفؤاد إذ عانت اليتم بوفاة أمها العظيمة والسيدة الجليلة أم المؤمنين خديجة سلام الله عليها.
فقد جاء في كتب الروايات: ان رسول الله (ص) مر بنفر من قريش وقد نحروا جزورا .. ولما انتهى إلى دار الندوة..، فقالوا أيكم يفسد عليه مصلاه؟ قال عبدالله بن الزبعري السهمي: أنا افعل. فاخذ الفرث والدم فانتهى به إلى النبي وهو ساجد، فملأ به ثيابه (أي ثياب النبي). فجاءت ابنته فاطمة فأماطت (إزاحة أمعاء الجزور والأحشاء والدماء) عنه بيدها. كل ذلك وأكثر قامت به السيدة البتول (ع) نصرة للحق والحقيقة ودعما للعدل والحرية.
فكونوا يا أحباب الله وعشاق الحرية مع السيدة فاطمة الزهراء (ع) سيدة الحق والعدل والعطاء والحرية والإيمان في كل زمان؛ فهي القدوة والأسوة الحسنة والسيدة المنصورة.
مصيبة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
ورغم كل ذلك وما يفطر القلوب، قلب والدها رسول الله (ص) وزوجها أمير المؤمنين الإمام علي وبنيها الحسن والحسين والأئمة المعصومين (ع) من ذريتها، وتكسر وتحطم قلب كل حر وشريف يعرف عنها لغاية اليوم..، ان ما وقع عليها من اعتداء بعد وفاة وشهادة والدها الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه واله وسلم) مباشرة، وحرق باب بيتها ولطمها وضربها وإسقاط جنينها وحرمانها من حقوقها. جريمة عظيمة ما زالت أثارها قائمة وممتدة لغاية اليوم وإلى آخر يوم لعظم الرزية والمصيبة، فهي بداية الرزايا والمصائب على أهل البيت (عليهم السلام).
السلام على فاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها.