استشهاد الإمام العسكري (ع) مسموما في سامراء
المرجع الراحل الامام السيد محمد الشيرازي
2023-09-23 05:25
توفي الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) مسموماً شهيداً في سامراء فجر يوم الجمعة، الثامن من ربيع الأول عام 260 من الهجرة النبوية الشريفة.
وقد دسّ إليه السُمّ المعتمدُ العباسي وهو ابن المتوكل.
ودُفن الإمام (عليه السلام) ـ بعد تشييع عظيم ـ في داره بسامراء إلى جنب قبر أبيه الإمام الهادي (عليه السلام) حيث مزاره الشريف الآن.
قال الشيخ المفيد (رحمه الله) في الإرشاد: مرض أبو محمد (عليه السلام) في أول شهر ربيع الأول، وتوفي في الثامن منه(1).
وكان مرضه (عليه السلام) بسبب السمّ الذي سقاه المعتمد، كما رواه الشيخ الصدوق ابن بابويه (رحمه الله).
وكان الإمام (عليه السلام) شاباً حينما توفي مسموماً، فعمره المبارك تسع وعشرون سنة، وقيل ثمان وعشرون فقط. وكانت فترة إمامة الإمام (عليه السلام) ست سنوات حيث عاشها بعد أبيه الهادي (عليه السلام).
وهذا يدل على مدى خوف العباسيين من الإمام (عليه السلام) ومن ولادة المهدي المنتظر (عليه السلام)، حيث قضوا على الإمام العسكري (عليه السلام) في شبابه، بعد ما ملؤوا بيته بالعيون على أهله وعياله لمراقبة حمل أو مولود.
قال الشيخ الصدوق (رحمه الله) في (إكمال الدين): وجدت في بعض كتب التواريخ أنه لما توفي أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) كان في ليلة وفاته قد كتب بيده كتباً كثيرة إلى المدينة ولم يحضره في ذلك الوقت إلاّ صقيل الجارية وعقيد الخادم ومن علم الله غيرهما. قال عقيد: فدعا (عليه السلام) بماء قد أغلي بالمصطكي، فجئنا به إليه. فقال (عليه السلام): (أبدأ بالصلاة)، وبسطنا في حجره المنديل وأخذ من صقيل الماء فغسل به وجهه وذراعيه مرة مرة، ومسح على رأسه وقدميه مسحاً، وصلى صلاة الصبح على فراشه، وأخذ القدح ليشرب، فأقبل القدح يضرب ثناياه ويده ترتعد. فأخذت صقيل القدح من يده، ومضى من ساعته (عليه السلام) وصار إلى كرامة الله جل جلاله(2).
وقال أحمد بن عبيد الله بن خاقان ـ وكان من أشدّ النواصب عداوة لأهل البيت (عليه السلام) وكان من ولاة بني العباس:
لما اعتلّ الحسن (عليه السلام) بعث ـ الحاكم العباسي ـ إلى أبي أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته إلى دار الخلافة، ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم الأمير كلهم من ثقاته وخاصته فيهم نحرير، وأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرف حاله، وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعهده صباحاً ومساءً، فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أخبر أنه قد ضعف، فركب حتى بكر إليه وأمر المتطببين بلزوم داره، وبعث إلى قاضي القضاة وأمره أن يختار عشرة ممن يوثق به في دينه وورعه وأمانته فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتى توفي.
فلما ذاع خبر وفاته صارت سر من رأى ضجة واحدة: مات ابن الرضا، ثم أخذوا في تجهيزه وعطلت الأسواق وركب بنو هاشم والقواد والكتّاب والقضاة والمعدلون وسائر الناس إلى جنازته فكانت سر من رأى يومئذ شبيهاً بالقيامة.
فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى وهو مبعوث المتوكل منه، فكشف عن وجهه (عليه السلام) فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتّاب والقضاة والمعدلين وقال: هذا الحسن بن علي بن محمد الرضا مات حتف أنفه على فراشه! وحضره من خدم الأمير فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان ثم غطّى وجهه.
وهكذا أرادوا أن يبرؤوا أنفسهم من قتل الإمام (عليه السلام).
ثم حضرت الجنازة المطهرة للصلاة، وقام جعفر لكي يصلي على أخيه، وإذا بصبي عليه سيماء الأنبياء خرج وقال: (تنحّ يا عم، فأنا أحق بالصلاة على أبي منك)، فتأخر جعفر وتقدم الصبي (عليه السلام) فصلى عليه، ثم دفن الإمام (عليه السلام) في داره إلى جنب والده (عليه السلام).
اعتقالات في بيت الإمام (عليه السلام)
بعد ما استشهد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وصلّى عليه ولده المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ودفنه، علمت الحكومة بولادة الإمام المنتظر (عليه السلام) وأن لـه من العمر ست سنوات، فأرسلت جيشاً لاعتقاله وقتله.
روي عن أبي الحسن بن وجنا، عن أبيه، عن جده: أنه كان في دار الحسن ابن علي (عليه السلام) فكبستنا الخيل واشتغلوا بالنهب والغارة، وكانت همتي في مولاي القائم (عليه السلام) قال: فإذا أنا به (عليه السلام) قد أقبل وخرج عليهم من الباب وأنا أنظر إليه وهو (عليه السلام) ابن ست سنين فلم يره أحد حتى غاب(3).
ولما لم يعثروا على الإمام (عليه السلام) اعتقلوا والدته السيدة نرجس (عليها السلام) ـ واسمها الآخر صقيل ـ وأودعوها السجن، كما اعتقلوا جعفراً أخ الإمام (عليه السلام) لعدم إخبارهم بولادة المهدي (عليه السلام) من قبل، فأنكر علمه بذلك.
واعتقلوا أيضاً جمعاً من الشيعة والموالين.
روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) في (إكمال الدين):
قال أبو الأديان: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأحمل كتبه إلى الأمصار، فدخلت إليه في علته التي توفي فيها (صلوات الله عليه)، فكتب معي كتباً وقال: (تمضي بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوماً فتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل)!.
قال أبو الأديان: فقلت: يا سيدي، فإذا كان ذلك فمن؟.
قال: (من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي).
فقلت: زدني.
فقال: (من يصلّي عليّ فهو القائم بعدي).
فقلت: زدني.
فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي.
ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان، وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها، ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال لي (عليه السلام)، فإذا أنا بالواعية في داره، وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة حولـه يعزونه ويهنئونه. فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد حالت الإمامة، فتقدمت فعزيت وهنيت فلم يسألني عن شيء.
ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي، قد كُفن أخوك فقم للصلاة عليه، فدخل جعفر بن علي والشيعة من حولـه يقدمهم: السمان، والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة. فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي (عليه السلام) على نعشه مكفناً، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلما همَّ بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ رداء جعفر بن علي وقال: (تأخر يا عمّ، فأنا أحق بالصلاة على أبي). فتأخر جعفر وقد اربد وجهه، فتقدم الصبي فصلى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه.
ثم قال الصبي: (يا بصري، هات جوابات الكتب التي معك)، فدفعتها إليه وقلت في نفسي: هذه اثنتان، بقي الهميان.
فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي (عليه السلام) فعرفوا موته. فقالوا: فمن؟. فأشار الناس إلى جعفر بن علي، فسلموا عليه وعزوه وهنئوه. وقالوا: معنا كتب ومال، فتقول ممن الكتب وكم المال؟.
فقام ينفض أثوابه ويقول: يريدون منا أن نعلم الغيب!.
قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان وهميان فيه ألف دينار عشرة دنانير منها مطلية، فدفعوا الكتب والمال وقالوا الذي وجّه بك لأجل ذلك هو الإمام.
ووجه المعتمد العباسي خدمه فقبضوا على صقيل الجارية ـ وهي أم الإمام المهدي (عليه السلام) ـ وطالبوها بالصبي، فأنكرته وادعت حملاً بها لتغطي على حال الصبي، فسُلّمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي ليسجنها إلى أن يولد الطفل فيقتله..
فسجنت السيدة صقيل وجعلن نساء المعتمد وخدمه ونساء الموفق وخدمه ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كل وقت، إلى أن دهمهم أمر الصفار، وموت عبيد الله بن يحيى بن خاقان بغتة، وخروجهم عن سر من رأى، وأمر صاحب الزنج بالبصرة وغير ذلك، فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم ورجعت إلى بيت الإمام (عليه السلام) (4).
المشهد الشريف في سامراء
دفن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في بيته بسامراء التي تشرفت به، وبجوار والده الإمام الهادي (عليه السلام).
وفي نفس الضريح المقدس قبر حكيمة بنت الإمام الجواد عمة الإمام العسكري (عليه السلام)، وقبر السيدة نرجس والدة المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف).
روى الجعفري، قال: قال لي أبو محمد الحسن بن علي (عليه السلام): (قبري بسر من رأى أمان لأهل الجانبين)(5).
وقال أبو يحيى المغربي(6):
يا راكب الشهباء تعمل علبة
سلم على قبر بسامراء
قبر الإمام العسكري وابنه
وسمي أحمد خاتم الخلفاء
وقد سعى علماؤنا الأبرار لتأسيس الحوزة العلمية في سامراء وتقويتها ودعمها، ليكثر الموالون بجوار الإمامين العسكريين (عليهما السلام) وتقل مظلومية المشهد الشريف.
حيث كان يستولي على المشهد المبارك في برهة من الأزمان جمع من الطغاة والظلمة وربما بعض النواصب، فيهملون رعاية المشهد ويتعمدون في الإضرار به، ففي عام 1106 هـ احترق المشهد الشريف بسامراء، وربما أحرقوها متعمدين.
فمن اللازم السعي الجاد لتقوية الحوزات العلمية في سامراء كما فعل الميرزا المجدد الشيرازي (قدس سره) حيث نقل الحوزة العلمية من النجف إلى سامراء(7). وقد اهتدى ببركة الميرزا كثير من الناس إلى مذهب أهل البيت (عليه السلام).
كما يلزم بناء الكثير من المؤسسات الدينية هناك من الحسينيات ودور النشر والمراكز الثقافية التي تنشر تعاليم أهل البيت (عليه السلام)، قال (عليه السلام): (إن الناس إذا علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)(8).
فإن عموم الناس يرغبون ويشتاقون في إتباع أهل البيت (عليه السلام) إذا عرفوا الحق، وإن كان بعض النواصب وعلماء السوء يمنعونهم من ذلك.
قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في (البحار): قد وقعت داهية عظمى وفتنة كبرى في سنة ست ومائة بعد الألف من الهجرة في الروضة المنورة بسر من رأى، وذلك أنه لغلبة الأروام وأجلاف العرب ـ من غير أتباع أهل البيت (عليه السلام) ـ على سر من رأى وقلة اعتنائهم بإكرام الروضة المقدسة وجلاء السادات والأشراف لظلم الأروام عليهم منها، وضعوا ليلة من الليالي سراجاً داخل الروضة المطهرة في غير المحل المناسب لـه، فوقعت من الفتيلة نار على بعض الفروش أو الأخشاب ولم يكن أحد في حوالي الروضة فيطفيها. فاحترقت الفروش والصناديق المقدسة والأخشاب والأبواب، وصار ذلك فتنة لضعفاء العقول من الشيعة والنصاب من المخالفين جهلاً منهم بأن أمثال ذلك لا يضر بحال هؤلاء الأجلة الكرام، ولا يقدح في رفعة شأنهم عند الملك العلام، وإنما ذلك غضب على الناس ولا يلزم ظهور المعجز في كل وقت، وإنما هو تابع للمصالح الكلية والأسرار في ذلك خفية وفيه شدة تكليف وافتتان وامتحان للمكلفين.
وقد وقع مثل ذلك في الروضة المقدسة النبوية بالمدينة أيضا صلوات الله على مشرفها وآله. قال الشيخ الفاضل الكامل السديد يحيى بن سعيد (قدس الله روحه) في كتاب (جامع الشرائع في باب اللعان): إنه إذا وقع بالمدينة يستحب أن يكون بمسجدها عند منبره (صلى الله عليه وآله) ـ ثم قال ـ وفي هذه السنة وهي سنة أربع وخمسين وستمائة في شهر رمضان احترق المنبر وسقوف المسجد ثم عمل بدل المنبر.
وقال صاحب كتاب (عيون التواريخ) ـ من أفاضل المخالفين في وقائع السنة الرابع والخمسين والستمائة: وفي ليلة الجمعة أول ليلة من شهر رمضان احترق مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المدينة، وكان ابتداء حريقه من زاوية الغربية من الشمال، وكان أحد القومة قد دخل إلى خزانة ومعه نار فعلقت في بعض الآلات ثم اتصلت بالسقف بسرعة، ثم دبت في السقوف آخذة مقبلة فأعجلت الناس عن قطعها. فما كان إلاّ ساعة حتى احترق سقوف المسجد أجمع، ووقع بعض أساطينه وذاب رصاصها، وكل ذلك قبل أن ينام الناس، واحترق سقف الحجرة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، ووقع ما وقع منه بالحجرة وبقي على حاله، وأصبح الناس يوم الجمعة فعزلوا موضع الصلاة، انتهى.
والقرامطة هدموا الكعبة ونقلوا الحجر الأسود ونصبوها في مسجد الكوفة.
وفي كل ذلك لم تظهر معجزة في تلك الحال، ولم يمنعوا من ذلك على الاستعجال، بل ترتب على كل منها آثار غضب الله تعالى في البلاد والعباد بعدها بزمان، كما أن في هذا الاحتراق ظهرت آثار سخط الله على المخالفين في تلك البلاد، فاستولى الأعراب على الروم وأخذوا منهم أكثر البلاد، وقتلوا منهم جماً غفيراً وجمعاً كثيراً، وتزداد في كل يوم نائرة الفتنة والنهب والغارة في تلك الناحية اشتعالاً. وقد استولى الأفرنج على سلطانهم مراراً وقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وكل هذه الأمور من آثار مساهلتهم في أمور الدين، وقلة اعتنائهم بشأن أئمة الدين (سلام الله عليهم أجمعين).
وقال العلامة المجلسي (رحمه الله): ثم إن هذا الخبر الموحش ـ يعني خبر احتراق المشهد في سامراء ـ لما وصل إلى السلطان حسين الصفوي الموسوي، أمر بترميم تلك الروضة البهية وتشييدها، وأمر بعمل أربعة صناديق وضريح مشبك في غاية الإتقان وأرسلها إلى المشهد المشرف بسامراء(9).
ومما جرى على المرقد الشريف أن النواصب سرقوا مشهد العسكريين (عليهما السلام) في أواخر سنة 1355 هـ حيث سطا جماعة منهم ليلاً على المشهد المقدس فاقتلعوا عدة ألواح من الذهب المذهبة به القبة الشريفة.
وفي شهر صفر سنة 1356 هـ سطا جماعة من النواصب ليلاً على المشهد، فكسروا القفل الموضوع على باب المشهد وأخذوا شمعدانين من الفضة الخالصة وزنهما ثمانون كيلو غنيمة باردة(10).
إلى غيرها وغيرها (11).
فضل زيارة الإمام العسكري (عليه السلام)
عن زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما لمن زار أحداً منكم؟. قال: (كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله))(12).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (من زار إماماً مفترض الطاعة بعد وفاته وصلّى عنده أربع ركعات، كتبت لـه حجة وعمرة)(13).
وروى الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: (إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإن من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبةً في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة)(14).
وعن الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، قال: قلت للإمام علي بن محمد (عليه السلام): علّمني يا سيدي دعاءً أتقرب إلى الله عزوجل به؟. فقال لي: (هذا دعاء كثيراً ما أدعو به، وقد سألت الله عزوجل أن لا يخيب من دعا به في مشهدي، وهو: "يا عُدّتي عند العُدَد، ويا رجائي والمعتمَد، ويا كهفي والسَنَد، ويا واحدُ يا أحد، ويا قُل هو الله أحَد، أسألك بحق من خلقتَه من خلقك ولم تجعل في خلقك مثلَهم أحداً صلّ على جماعتهم وافعل بي كذا وكذا")(15).
وعن أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام، قال: حدثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن بويطة وكان لا يدخل المشهد، ويزور من وراء الشباك. فقال لي: جئت يوم عاشوراء نصف النهار ظهراً والشمس تغلي والطريق خال من واحد، وأنا فزع من الذعار ومن أهل البلد، أتخفى إلى أن بلغت الحائط الذي أمضي منه إلى الشباك، فمددت عيني فإذا أنا برجل جالس على الباب ظهره إليَّ كأنه ينظر في دفتر. فقال لي: (إلى أين يا أبا الطيب؟). بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن محمد بن الرضا، فقلت: هذا حسين قد جاء يزور أخاه.
فقلت: يا سيدي، أمضي أزور من الشباك وأجيئك فأقضي حقك.
فقال: (ولِمَ لا تدخل يا أبا الطيب، تكون مولى لنا ورقاً وتوالينا حقاً ونمنعك تدخل الدار، ادخل يا أبا الطيب).
فقلت: أمضي أسلم عليه ولا أقبل منه، فجئت إلى الباب وليس عليه أحد فيشعر بي، وبادرت إلى عند البصري خادم الموضع ففتح لي الباب فدخلت، فكنا نقول لـه: أ ليس كنت لا تدخل! فقال: أما أنا فقد أذنوا لي، بقيتم أنتم(16).