المُبَاهَلَةُ نظرات ولائية
الشيخ الحسين أحمد كريمو
2020-08-12 06:20
معنى المباهلة
المباهلة لغة: تعني الملاعنة أي الدُّعاء بإنزال لعنة الله على الكاذب من الطرفَين المتلاعنين، ويُقصدُ بها ما وقع بين الرسول الأكرم (صلی الله عليه وآله) ونصارى نجران في يوم 24 أو 25 ذي الحجة سنة 9 هـ، ونزلت آية 61 من سورة آل عمران بهذا الشأن، وهي قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران: 61)
هذه حادثة فريدة من نوعها، وقعت لخاتم الأنبياء والمرسلين مع وفد من كبار وعلماء وأحبار النصارى الذي جاؤوا بدل أن يعلنوا إيمانهم والتحاقهم بهذا النبي الذي بشَّرهم به رسولهم عيسى بن مريم (ع) في الإنجيل، أرادوا أن يُكذِّبوا ويستكبروا رغم يقينهم بالحق الذي هو عليه وبالصدق الذي ينزل عليه من آيات القرآن الحكيم، كما اعترف كبيرهم بلسانه حيث قال: " والله لقد عرفتم أن محمداً نبي مرسل"، ولكن حليت الدنيا في أعينهم وأبت أنفسهم أن تسخوا بترف العيش وهنيء الحياة مع ما لهم من الذهب والفضة والجاه بين النصارى كما في بعض الروايات.
قصة المباهلة
جاء في بعض المصادر المختصرة: كتب النبي (صلَّى الله عليه و آله) كتابا إلى "أبي حارثة" أسقف نَجران دعا فيه أهالي نَجران إلى الإسلام، فتشاور أبو حارثة مع جماعة من قومه فآل الأمر إلى إرسال وفد مؤلف من ستين رجلاً من كبار أهل نجران وعلمائهم لمقابلة الرسول (صلَّى الله عليه و آله) والاحتجاج أو التفاوض معه، وما أن وصل الوفد إلى المدينة حتى جرى بين النبي وبينهم نقاش وحوار طويل لم يؤدِ إلى نتيجة، عندها أقترح عليهم النبي المباهلة - بأمر من الله - فقبلوا ذلك وحددوا لذلك يوما، وهو اليوم 24 أو 25 من شهر ذي الحجة سنة 9 هجرية.
وفي اليوم الموعود عندما شاهد وفد نجران أن النبي (صلَّى الله عليه وآله) قد اصطحب أعز الخلق إليه وهم؛ الإمام علي بن أبي طالب، وابنته فاطمة الزهراء، والحسن، والحسين (صلوات الله عليهم)، وقد جثا الرسول (صلَّى الله عليه وآله) على ركبتيه استعدادا للمباهلة، وقال لهم: (إذا دعيتُ فأمِّنوا على دعائي)، فانبهر الوفد وسقط في أيديهم بما رؤوه من معنويات الرسول وتقديمه لأهل بيته وبما حباهم الله تعالى من جمال وجلال وعظمه، فأبوا التباهل معه ورضخوا لدفع الجزية عن يد وهم صاغرون.
روى العلامة الطريحي، قالوا: حتى نرجع وننظر، فلما خلا بعضهم إلى بعض قالوا للعاقِب وكان ذا رأيهم: يا عبد المسيح ما ترى؟ قال: والله لقد عرفتم أن محمداً نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، والله ما باهَل قومٌ نبيًّا قط فعاش كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، فإن أبيتم إلا إلف دينكم فوادعوا الرجل، وانصرفوا إلى بلادكم، وذلك بعد أن غدا النبي آخذاً بيد علي و الحسن والحسين (عليهم السَّلام) بين يديه، وفاطمة (عليها السَّلام) خلفه، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم أبو حارثة، فقال الأسقف: إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً لأزاله بها، فلا تباهلوا، فلا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فقالوا: يا أبا القاسم إنا لا نُباهِلَك ولكن نصالحك، فصالحهم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) على أن يؤدُّوا إليه في كل عام ألفي حُلّة، ألف في صفر وألف في رجب، وعلى عارية ثلاثين درعاً وعارية ثلاثين فرساً وثلاثين رمحاً كأمانات عند رسول الله والمسلمين.
ويروي الإمام الراحل السيد الشيرازي (قدس سره الشريف) فيقول: " فلما أصبح الصباح من اليوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجّة من السنة التاسعة للهجرة النبوية المباركة خرج نصارى نجران إلى موعدهم، وخرج رسول الله (ص) آخذاً بيد علي (ع)، والحسن والحسين (ع) بين يديه، وفاطمة (ع) تتبعه، وهو (ص) يقول: هؤلاء أبناؤنا: الحسن والحسين، وهذه نساؤنا: فاطمة، وهذا أنفسنا: علي.
وقد سأل النصارى عنهم وقالوا: مَنْ هؤلاء؟
فقيل لهم: هذا ابن عمه ووصيّه وختنه علي بن أبي طالب (ع)، وهذه ابنته فاطمة (ع)، وهذان ابناه الحسن والحسين (ع).
وتقدّم رسول الله (ص) بهم فجثا لركبتيه وجعل علياً (ع) بين يديه، وفاطمة بين كتفيه، والحسن (ع) عن يمينه، والحسين (ع) عن يساره وقال (ص): (إذا دعوتُ فأمِّنوا)، ورفع كفّه إلى السماء وفرَّج بين أصابعه ودعاهم إلى المباهلة.
فلما رأى ذلك أُسقفهم عبد المسيح بن نونان قال: جثا والله محمد كما تجثوا الأنبياء للمباهلة، وإني أرى وجوهاً لو دعت الله سبحانه لاستجاب.
وقال شرحبيل: إن كان هذا الرجل نبياً مرسلاً فلاعنّاه لا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر إلا هلك.. فقال له صاحباه: فما الرأي؟
فقال: رأيي أن أحكمه، فإني أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً.
فتآمروا فيما بينهم، وقالوا: والله إنه لنبيّ، ولئن باهلنا ليستجيبنّ الله له فيهلكنا، ولا ينجينا شيء منه إلا أن نستقيله، فأقبلوا وقالوا لرسول الله (ص): نعطيك الرضا فاعفنا عن المباهلة وأقلنا". (لأول مرة في تاريخ العالم السيد محمد الشيرازي: ج2 ص123)
وكان ذلك تفسيرٌ عملي من رسول الله (ص) لآية المباهلة، وفي ذلك قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): (والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولأضطرم عليهم الوادي ناراً، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا) (مجمع البحرين: 2 / 284)
وفي صحيح مسلم: ولما نزلت هذه الآية: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ)، دعا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً (ع)، فقال: (اللهم هؤلاء أهلي) (صحيح مسلم: 4/1871، والترمذي: 5/225 ح: 2999، مسند أحمد بن حنبل: 1/ 185)
وفي تفسير الكشاف لجار الله الزمخشري: قال في تفسير قوله تعالى: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ)، فأتى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وقد غدا محتضناً الحسين، آخذاً بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعليٌّ خلفها، وهو يقول: (إذا أنا دعوت فأَمّنوا)، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصارى إلى يوم القيامة... " (تفسير الكشاف: 1/ 193)
وهناك العشرات من كتب التاريخ والسيرة والتفسير والحديث ذكرت أن آية المباهلة نزلت في أهل البيت الخمسة (عليهم السَّلام) فقط لا غير، ولسنا بحاجة إلى المزيد من الشواهد.
ولكن تجدر الإشارة هنا إلى بعض النقاط ذات الأهمية لا سيما الفضيلة الكبرى لأمير المؤمنين وسيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب (ع) في هذه الآية الكريمة التي حاول بعض الجهال وأهل النصب من أتباع وعشاق أبي الجهل إلى صرفها بأي طريقة ولو كذباً مفضوحاً.
المباهلة بأهل البيت الأطهار (ع)
من المتواتر أن الرسول الأكرم (ص) لم يُباهل إلا بأهل بيته الأطهار (ع)، ومسألة تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة عفوية مرتجلة منه (ص)، وهو الذي (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، وإنما هو اختيار إلهي هادف وعميق الدلالة، وقد أجاب الرسول (صلَّى الله عليه وآله) حينما سئل عن هذا الاختيار بقوله: (لو علم الله تعالى أن في الأرض عباداً أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أُباهل بهم، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء فغلبتُ بهم النصارى) (المباهلة لعبد الله السبيتي: 66)
وقال لهم رسول الله (ص): (أما والذي بعثني بالحق لو باهلتكم بمَنْ معي من أهل بيتي ما ترك الله على ظهر الأرض نصرانياً إلا أهلكه، ولأضرم الله عليكم الوادي ناراً تأجج، ثم ساقها إلى مَنْ وراءكم في أسرع من طرفة العين فحرّقتهم تأجّجاً).
فهبط عليه (ص) جبرئيل وقال له: إن الله يقرؤك السلام ويقول لك: وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني، لو باهلتَ بهؤلاء الذين معك من أهل بيتك أهلَ السماء وأهل الأرض لتساقطت عليهم السماء كسفاً متهافتة، ولتقطّعت الأرضون زبراً سايحة، فلم تستقر عليها بعد ذلك.
عندها رفع رسول الله (ص) يديه إلى السماء وعيناه ترمقان إلى علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وقال: على مَنْ ظلمكم حقكم، وبخسني الأجر الذي افترضه الله عليهم فيكم بهلة الله (لعنته) تتابع إلى يوم القيامة). (لأول مرة في تاريخ العالم السيد محمد الشيرازي: ج2 ص124)
والعجيب أن أثاقفة النصارى رؤوا ما لم يره بعض مَنْ يُدعى أنه من علماء هذه الأمة إلى اليوم، "لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله"، ويأتيك بعض النواصب ليقول: "لو باهل محمد بالصحابة لفاز وفلح"، وكأنه أعلم بهم من الله ورسوله – نعوذ بالله من الخذلان – ومن المعلوم أن الاقتران الدائم بين الرسول (صلَّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السَّلام)، هو كاقتران الثقلين (القرآن الحكيم والعترة الطاهرة)، في حديث الثقلين المتواتر، في "تنطوي على مضمون رسالي كبير يحمل دلالات فكرية، روحية، سياسية مهمة، إذ المسألة ليست مسألة قرابة، بل هو إشعار رباني بنوع وحقيقة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة، هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت (عليهم السَّلام) بما حباهم الله تعالى من إمكانات تؤهلهم لذلك".
الإمام علي نفس النبي (ص)
فلو تأملنا في معنى ومضمون الكلمة القرآنية (أنفسنا) لعرفنا معنى الآية الكريمة، واستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في سلسلة الأدلة المعتمدة لإثبات الإمامة الإلهية، إذ أن هذه الكلمة القرآنية تعتبر الإمام علياً (عليه السَّلام) الشخصية الكاملة المشابهة في الكفاءات والصفات لشخصية الرسول الأكرم (صلَّى الله عليه وآله) باستثناء النبوة التي تمنح النبي خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه ومنزلته.
فالإمام علي (عليه السَّلام) هو نفس رسول الله (ص) ولكن بشخص علي (ع)، ولذا كان رسول الله (ص) كثيراً ما يقول له: (علي منِّي وأنا منه)، و(علي منِّي كنفسي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي)، و(علي منِّي مثل رأسي من بدني)، و(أنت منِّي كروحي من جسدي)، و(أنت منِّي كالضوء من الضوء). (مناقب آل أبي طالب، ابن شهراشوب، ج2، ص58)
وانطلاقاً من هذه المشابهة النفسية والجسدية والفكرية والروحية والرسالية نعلم أنه هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول (صلَّى الله عليه و آله) في حياته، (لا يبلغ عني إلا أنت يا علي)، وبعد مماته لما يملكه من هذه الصفات الكاملة في كل النواحي البدنية والروحية والرسالية.
أعظم فضيلة علوية
ولذا نجد أن عالم آل محمد (ص) الإمام الثامن من أئمة المسلمين الإمام علي بن موسى الرضا (ع) يُجيب عن هذه المسألة بما يُخرس أعلم وأدهى سلاطين بني العباس في عصره، بحيث قال المأمون يوماً للرضا (ع): أخبرني بأكبر فضيلة لأمير المؤمنين (ع) يدل عليها القرآن.
فقال له الرضا (ع): (فضيلته في المباهلة (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ)، فدعا رسول الله (ص) الحسن (ع) والحسين (ع)، فكانا ابنيه، ودعا فاطمة (ع)، فكانت في هذا الموضع نساءه، ودعا أمير المؤمنين (ع)، فكان نفسه بحكم الله عزّ وجل، وقد ثبت أنّه ليس أحد من خلق الله سبحانه أجل من رسول الله (ص) وأفضل، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله (ص) بحكم الله عزّ وجل).
فقال له المأمون: أليس قد ذكر الله الأبناء بلفظ الجمع، وإنما دعا رسول الله (ص) ابنيه خاصّة، وذكر النساء بلفظ الجمع وإنّما دعا رسول الله (ص) ابنته وحدها، فلم لا جاز أن يذكر الدعاء لمَنْ هو نفسه، ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره، فلا يكون لأمير المؤمنين (ع) ما ذكرت من الفضل؟
فقال له الرضا (ع): ليس بصحيح ما ذكرت يا أمير المؤمنين؛ وذلك أن الداعي إنّما يكون داعياً لغيره كما يكون الآمر آمراً لغيره، ولا يصحُّ أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة كما لا يكون آمراً لها في الحقيقة، وإذا لم يدعُ رسول الله (ص) رجلاً في المباهلة إلا أمير المؤمنين (ع) فقد ثبت أنّه نفسه التي عناها الله تعالى في كتابه، وجعل حكمه ذلك في تنزيله.
فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال".
فالمستفاد من الآية الكريمة هي أن النبي والولي روحاً ونوراً في جسدين، وهذا ما تؤكده ربما المآت من الروايات التي تتحدث عن هذه الحقيقة التي انطلقت من عالم الأنوار والأشباح، قبل عالم الأظلة والأرواح بآلاف السنين، فالنور واحد من نور الله انقسم شطرين، واحد بمحمد (ص) وله النبوة والرسالة والتنزيل، والآخر بعليٍّ (ع) وله الولاية والإمامة والتأويل.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (عليٌّ في السماء السابعة كالشمس بالنهار في الأرض، وفي السماء الدنيا كالقمر بالليل في الأرض، أعطى الله علياً من الفضل جزءاً لو قُسم على أهل الأرض لوسعهم، وأعطاه من الفهم جزءاً لو قُسم على أهل الأرض لوسعهم، شبهت لينه بلين لوط، وخلقه بخلق يحيى، وزهده بزهد أيوب، وسخاءه بسخاء إبراهيم، وبهجته ببهجة سليمان بن داود، وقوته بقوة داود، له اسم مكتوب على كل حجاب في الجنة، بشَّرني به ربي وكانت له البشارة عندي، عليٌّ محمود عند الحق، مزكَّى عند الملائكة، وخاصَّتي وخالصتي، وظاهرتي ومصباحي، وجنتي ورفيقي آنسني به ربي عز وجل، فسألت ربي أن لا يقبضه قبلي، وسألت أن يقبضه شهيداً، أُدخلت الجنة فرأيت حور عليٍّ أكثر من ورق الشجر، وقصور عليٍّ كعدد البشر.
عليٌّ مني وأنا من علي، مَنْ تولَّى علياً فقد تولاني، حب عليٌّ نعمة، واتباعه فضيلة، دان به الملائكة، وحفَّت به الجن الصالحون، لم يمشِ على الأرض ماشٍ بعدي إلا كان هو أكرم منه عزاً وفخراً ومنهاجاً، لم يك قط عجولاً، ولا مسترسلاً لفساد، ولا متعنداً، حملته الأرض فأكرمته، لم يخرج من بطن أنثى بعدي أحد كان أكرم خروجاً منه، ولم ينزل منزلاً إلا كان ميموناً، أنزل الله عليه الحكمة، وردَّاه بالفهم، تجالسه الملائكة ولا يراها، ولو أوحيَ إلى أحد بعدي لأوحي إليه، فزيَّن الله به المحافل، وأكرم به العساكر، وأخصب به البلاد، وأعزَّ به الأجناد، مثله كمثل بيت الله الحرام، يُزار ولا يزور، ومثله كمثل القمر إذا طلع أضاء الظلمة، ومثله كمثل الشمس إذا طلعت أنارت الدنيا، وصفه الله في كتابه، ومدحه بآياته، ووصف فيه آثاره، وأجرى منازله، فهو الكريم حياً والشهيد ميتاً). (الأمالي الشيخ الصدوق، ص57 - 58)
ها هو بعض وصف أمير المؤمنين الإمام علي (ع) كما جاء على لسان صنوه الصادق الأمين الرسول محمد بن عبد الله (ص)، وهو نفسه، وروحه، ورأسه من جسده أبعد كل ذلك يلتفت ملتفت إلى أقوال النواصب الذين ما فقهوا كلمة من كتاب الله تعالى؟