وليد الكعبة.. ميزان الحق والباطل
فهيمة رضا
2018-03-31 06:50
رأته من بعيد، آثار الخوف والفرح مع مزيج من حب عميق بدأت تظهر على ملامحها، لم تستطع المقاومة أكثر أمام ذلك الشموخ، انفتح جدارها لتستقبل ذلك المولود العظيم الذي هم فيه مختلفون..
احتضنت وليدها بكل فخر لتسجل هذه الواقعة العظيمة في طيات التاريخ، وتروي قصة حب عظيمة تردَّد صداها مدى الدهر، فإذا أراد الله شيئا يقول له كن فيكون، ما هذا الحب الذي فُرِض على السماوات والأرضين والخلق بأكمله؟.
من هذا الذي حبه ميزان لدخول الجنة أو النار، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ الناسَ لو اجتمعوا على حُبّ عليٍّ (عليه السلام) لَما خَلقَ الله النّار*1
ولادته بحد ذاتها معجزة، ماذا عن شخصه الكريم فهو الآية الأسمى بحيث أصبح حبه ميزان الحق والباطل، وبغضه سبب هلاك الأمة، فقد بين الله فضله منذ ولادته وبين النبي فضائله في كل مكان وزمان كي لا تبقى حجة لأجد في "يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً".
السعيد من أحبَّ علياً
روى العلامة الخطيب الخوارزمي قال: بإسناده عن محمّد بن المنكدر، عن جابر، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله لمّا خَلَقَ السماوات والأرض دَعاهُنّ فأجَبنه، فعرض علَيهِنّ نبوّتي وولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقبلتاهما، ثمّ خلق الخلق، وفوّض إلينا أمر الدين، فالسّعيد مَن سعد بنا، والشقيّ مَن شقي بنا، نحن المحلُّون لحلاله والمحرَّمون لحرامه*2
حديث فاطمة الزهراء (عليها السلام)، روى العلامة الخطيب الخوارزمي، قال:
في معجم الطبراني بإسناده إلى فاطمة الزهراء(عليها السلام) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله عَزّ وجَلّ باهى بكم وغفر لكم عامّة ولعليّ خاصّة، وإنّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليكم غير هايب لقومي، ولا محاب لقرابتي، هذا جبرئيل (عليه السلام) يخبرني عن ربّ العالمين:
إنّ السّعيد مَن أحَبّ عليّاً(عليه السلام) في حياته وبعد موته، وأنّ الشّقيّ كلّ الشّقيّ مَن أبغَضَ عليّاً (عليه السلام) في حياته وبعد موته*3
حب علي عبادة
روى العلامة المولى محمّد عبد الله بن عبد العليّ القرشيّ الهاشميّ الحنفي الهندي: روى عن طريق الديلمي عن عائشة قالت:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حُبُّ عليّ عبادة(4).
وروى العلامة أبو جعفر الطبري بإسناده من طريق العامة عن أحمد بن الحسين الأنباري قال: قدم أبو نعيم الفضل بن دكين بغداد فنزل الرميلة وهي محلة بها، فاجتمع إليه أصحاب الحديث ونَصَبوا له كرسيّاً صعد عليه وأخذ يعظ الناس ويذكّرهم ويروي لهم الأحاديث، وكانت أيّاماً صعبة في التقيّة، فقام رجل من آخر المجلس وقال له: يا أبا جعفر أتتشيّع؟ قال: فكره الشيخ مقالته وأعرض عنه، وتمثّل بهذين البيتين:
وما زال بي حبيّك حتى كأنّني *** بردّ جواب السائلي عنك أعجم
لأسلم من قول الوشاة وتسلمي***سلمت وهَلْ حيٌّ من الناس يَسلَمُ
قال: فلم يفطن الرجل بمراده وعاد إلى السؤال وقال: يا أبا نعيم أتَتشيّع؟
فقال: يا هذا كيف بُليتُ بك وأيُّ ريح هَبّت بك إليّ؟ نعم، سمعت الحسن بن صالح بن حيّ يقول: سمعت جعفر بن محمّد يقول: حُبُّ عليّ عبادة وخيرُ العبادة ما كُتِمَت (5).
حب علي عنوان صحيفة المؤمن
روى العلامة ابن المغازلي الشافعي في «المناقب»قال: بإسناده عن الزهري قال: سمعتُ أنَس بن مالك يقول:
والله الذي لا إله إلاّ هو لسمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عنوان صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب(6).
النار حرمت على محبي علي
وروى شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره) بإسناده عن أبي الحسن الثالث، عن آبائه (عليهم السلام)، عن جابر قال: سمعت ابن مسعود يقول:
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): حُرِّمت النار على مَنْ آمنَ بي وأحبَّ عليّاً وتولاّه، ولعن الله مَن مارى عليّاً وناوأه، عليٌّ منّي كجلدة ما بين العين والحاجب (7).
حب علي براءة من النفاق
وإليكم هذه الرواية عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، روى الحافظ محمد بن عيسى الترمذي في «صحيحه» (8)، قال: حدّثنا قتيبة بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال:
«إنّا كنّا نعرف المنافقين ببغضهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)(9).
بقد رفعه البعض إلى الألوهية ونافقه البعض وعادوه وخسروا جميعاً، وليد الكعبة كان ولا يزال ميزان الحق والباطل، فمنهم من آمن ومنهم من كفر... والله يفعل ما يريد.