معركة الموصل.. خلاصة كل الحروب مع داعش
عبد الامير رويح
2016-07-31 08:52
معركة تحرير مدينة الموصل أكبر معقل لتنظيم داعش في العراق، ستكون وبحسب بعض المراقبين من اكبر واهم المعارك التي ستحدد مصير هذا التنظيم الارهابي، الذي مني بخسائر فادحة بعد سيطرة القوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي والعشائري على عدد من القرى والمناطق المهمة، حيث اكدت بعض التقارير تزداد التحضيرات لتحرير هذه المدينة، التي تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأن ينتزعها سيطرة التنظيم بحلول نهاية 2016، وبعد ان استعاد الجيش العراقي السيطرة على مدينة الفلوجة ثم قاعدة القيارة الجوية التي تبعد 60 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل اكد بعض الخبراء، ان معركة تحرير الموصل دخلت منعطفا جديدا خصوصا بعد ان سعت بعض القوى والحكومات المستفيدة من وجود هذا التنظيم، الى وضع عقبات جديدة من اجل عرقلة وتأخير معركة التحرير، بحجج وشعارات طائفية حيث سعت بعض الاطراف السياسية في العراق، الى اعلان عن اعتراضها على مشاركة فصائل الحشد في معركة الموصل الامر الذي قد يسهم بخلق ازمة جديدة.
من جانب اخر يرى البعض ان هناك تحديات اخرى قد تعيق حملة التحرير، تتمثل بأزمة النازحين ومحدودية النفقات التي لا تتناسب وحجم أعدادهم. وتعد مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد، حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي مليوني نسمة قبل سيطرة داعش عليها. وقد قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن ما يصل إلى مليون شخص قد يضطرون للنزوح عن ديارهم بالعراق في الأسابيع والأشهر القادمة، وهو ما سيمثل مشكلة إنسانية هائلة للبلاد، التي تعاني اساسا من ازمة اقتصادية خانقة بسبب تراجع اسعار النفط في الاسواق العالمية.
قوات أمريكية
في ما يخص بعض التطورات فقد قال متحدث عسكري أمريكي إن مجموعة صغيرة من القوات الأمريكية ساعدت القوات العراقية في إقامة جسر على نهر دجلة موضحا أنه سيسهم في دعم حملة العراق لاستعادة الموصل من تنظيم داعش. وهذه أول مرة تصاحب فيها قوات أمريكية الجيش العراقي قرب الخطوط الأمامية للمعارك منذ قال وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر في أبريل نيسان إنه سيسمح للقوات الأمريكية بالقيام بذلك. وفي السابق اقتصر عمل المستشارين على فرق أكبر حجما لكن بعيدا عن ميادين القتال.
وقال الكولونيل جريس جارفر المتحدث العسكري الأمريكي بالعراق إن العملية شملت أقل من عشرة جنود أمريكيين. وأضاف المتحدث أن فريق المهندسين الأمريكيين أرسل في 20 يوليو تموز لمساعدة كتيبة من الجنود العراقيين في إقامة جسر عائم فوق نهر دجلة قرب قاعدة القيارة العسكرية التي استعادتها القوات العراقية مؤخرا من تنظيم داعش. وقال جارفر إن الولايات المتحدة نفذت مهمات مشابهة أقل مستوى مع العمليات الخاصة العراقية وقوات البشمركة الكردية لكن كانت تلك أول مهمة من هذا النوع مع الجيش العراقي.
وقال جارفر "استخدام الجسر الذي يربط بين جانبي نهر دجلة الشرقي والغربي سيسهم بشكل كبير في تحسين القدرة على المناورة وتقصير خطوط الاتصال بالنسبة لقوات الأمن العراقية مع استعدادها للهجوم النهائي لتحرير الموصل. والجسر هو الثاني الذي تقيمه الحكومة العراقية في إطار معركتها ضد الدولة الإسلامية بعد جسر آخر أقامته في الرمادي العام الماضي. وعززت الولايات المتحدة دورها العسكري في العراق وسوريا خلال العام الماضي للبناء على المكاسب التي تحققت ضد التنظيم. بحسب رويترز.
وكان وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر قال في وقت سابق إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يقاتل تنظيم داعش سيبحث فرص مهاجمة التنظيم المتشدد في سوريا من الجنوب وهو ما يمثل توسيعا للجهود العسكرية الأمريكية في هذا الجزء من البلاد. وقال كارتر للقوات الأمريكية في فورت براج بولاية نورث كارولاينا "سنبحث بقوة فرص الضغط على داعش من الجنوب تعزيزا لجهودنا القائمة والقوية." وأضاف "هذا بالطبع ستكون له فوائد إضافية تتمثل في مساعدة أمن شركائنا الأردنيين وفصل مسرح العمليات في سوريا عن مسرح العمليات في العراق بشكل أكبر".
تشديد الخناق
من جانب اخر قال وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي إن القوات الحكومية التي تتقدم صوب مدينة الموصل الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش قد استعادت قرية من قبضة التنظيم لتلتحم بوحدات من الجيش تتقدم من اتجاه آخر. وساعد هذا التقدم الذي يأتي بعد استعادة قاعدة جوية مهمة في وقت سابق على تشديد الخناق على الموصل تمهيدا لهجوم مرتقب من القوات الحكومية لاستعادة ثاني أكبر مدن العراق التي تبعد 60 كيلومترا شمالا.
وقال العبيدي عبر تويتر "انطلاقا من صلاح الدين.. قطعات الفرقة المدرعة 9 وجهاز مكافحة الإرهاب حرروا قرية إجحلة شمال قاعدة القيارة." وأضاف أن القوات وصلت إلى ضفة النهر حيث التحمت بوحدات عمليات تحرير نينوى في مخمور وهي قوات انطلقت في مارس آذار الماضي من مخمور التي تبعد 25 كيلومترا شرقي نهر دجلة. وقال متحدث عسكري إن المناطق التي تمت استعادتها في الفترة الأخيرة لا تزال بحاجة لتأمين في ظل تحصن عناصر داعش في عدد من المدن وراء الخط الأمامي للقوات الحكومية.
وبدعم جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استعادت القوات الحكومية الماضي قاعدة القيارة الجوية التي أصبحت نقطة إمداد للهجوم الأساسي على الموصل. وأعلن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إرسال 560 جنديا إضافيا إلى العراق سيعمل معظمهم من قاعدة القيارة لدعم التقدم العراقي صوب الموصل وهي أكبر مدينة تسيطر عليها داعش وتعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي باستعادتها قبل نهاية العام. بحسب رويترز.
وتشير تفجيرات انتحارية مثل التفجير الذي وقع في بغداد في الثالث من يوليو تموز وقتل نحو 300 شخص إلى أن تنظيم داعش قد يظل يمثل تهديدا على المدى الطويل . وأعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجير سيارة ملغومة في ضواحي بغداد الشمالية خلف تسعة قتلى حسبما قالت مصادر طبية وأمنية. وحثت حكومة العبادي على تأجيل المظاهرات التي دعا إليها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في وقت لاحق للضغط على الزعماء السياسيين لتنفيذ إصلاحات تم التعهد بها منذ فترة طويلة. وحذر بيان من العبادي من أن الاحتجاجات يمكن أن تؤدي إلى إثارة فوضى في البلاد وتؤدي في نهاية الأمر إلى خدمة أهداف العدو والإرهاب.
أكبر عملية إغاثة إنسانية
الى جانب ذلك يقول مسؤولون من العراق والأمم المتحدة والولايات المتحدة إن من المتوقع أن تكون معركة الموصل صعبة لكن ما بعدها قد يكون أصعب. وحتى الآن لا توجد خطط أو أفراد أو أموال لاستعادة الخدمات الأساسية وتوفير الأمن للسكان وما قد يصل إلى 2.4 مليون مشرد. وتجهز الأمم المتحدة لما تصفها بأنها ستكون أكبر عملية إغاثة إنسانية هذا العام حتى الآن مع ابتعاد السكان المذعورين عن طريق تقدم الجيش العراقي وعن المدينة نفسها. وسيحتاج هؤلاء للمأوى والغذاء والمياه والصرف الصحي لمدة تتراوح من 3 إلى 12 شهرا بناء على مستوى الدمار المتوقع بالمدينة.
وقال دبلوماسي كبير يقيم في بغداد طلب عدم ذكر اسمه "يوجد منطق في التحرك بأسرع ما يمكن لكن ثمة مخاطر في أنه إذا لم تكن الاستجابة الإنسانية بالمستوى الذي أعدت له...فقد نشهد كارثة إنسانية ومشكلات محتملة بشأن إدارة الموصل سياسيا بعد تحريرها." وقال مصدر في مجلس الأمن الإقليمي الكردي "إذا لم يتم دعم الهجوم على الموصل بتسويات سياسية حقيقية بين السنة والشيعة فإننا نعتقد أنها ستكون مجرد مسألة وقت قبل أن ينفجر (الوضع) مرة أخرى." وتقول مصادر عديدة إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يخطط لتنصيب حاكم عسكري على الموصل بعد طرد التنظيم. لكن مسؤولا عسكريا أمريكيا طلب عدم ذكر اسمه شكك في قدرة الجيش العراقي على استعادة المدينة دون "مساعدة طويلة وكبيرة" من قوات الأمن الكردية والفصائل الشيعية. وأوضح أن الخليط الطائفي قد يعقد محاولات المصالحة بعد الصراع.
وقال مصدر بقوات الأمن الكردية "إن تنظيم داعش سيخسر بصرف النظر عمن سيتقدم. ليس المهم هزيمة عسكرية ولكن المهم قدرة الحكومة العراقية على الإحاطة بقضايا الإدارة بعد (خروج) التنظيم ومنها الاستياء السني داخل الموصل وحولها. عليهم التعامل مع ذلك قبل الهجوم." والموصل التي سيطر عليها التنظيم من الجيش العراقي في يونيو حزيران 2014 هي ثاني أكبر مدن العراق ويعيش فيها خليط قابل للاشتعال من السنة والأكراد والتركمان وغيرهم.
ورغم عدم إعلان المسؤولين العراقيين والأمريكيين عن جدول زمني للتحرك نحو الموصل قال دبلوماسي كبير يقيم في بغداد إن العبادي يرغب في تقديم بدء حملة الموصل إلى أكتوبر تشرين الأول بعد السيطرة على الفلوجة من التنظيم في الشهر الماضي. وفي وقت سابق استعادت القوات العراقية وبدعم جوي أمريكي قاعدة القيارة الجوية التي تقع جنوبي الموصل وستكون مركزا للدعم اللوجستي للهجوم الرئيسي على المدينة.
وقال بريت ماكجورك المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي باراك أوباما في القتال ضد داعش "نتطلع إلى الموصل التي ستكون أكبر تحد حتى الآن." وقال ماكجورك إنه اجتمع في الآونة الأخيرة مع مسؤولين عراقيين في أربيل لبحث "استعداد القوات" للمعركة. وأضاف أن القوات ستشمل مقاتلين من البشمركة الكردية والجيش العراقي و15 ألف مقاتل محلي من ولاية نينوى. وعندما سئل وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري عما إذا كان يعتقد أن متشددي التنظيم سيقاتلون بقوة في الموصل أجاب قائلا أنه يتوقع أن يفعلوا مثلما فعلوا في الفلوجة.
وأبلغ الجعفري الصحفيين "في الفلوجة هم هددوا وتوعدوا بأن يقاتلوا حتى الرمق الأخير... الأمور انتهت بشكل مختلف .. بعضهم قتلوا وبعضهم هزموا مبكرا وبعضهم تنكروا في هيئة نساء من أجل الفرار." وقال المسؤول العسكري الأمريكي إنه توجد خلافات داخل الجيش الأمريكي بشأن الجدول الزمني. وقال المسؤول "هذا يبدو منطقيا كما يقول (القائد الأمريكي اللفتنانت جنرال شين) ماكفارلاند للاستفادة من الانتكاسات الأخيرة التي مني بها التنظيم بالتحرك نحو الموصل والرقة في هذا الخريف." والرقة معقل التنظيم في سوريا. بحسب رويترز.
وقال "المشكلة هي "ثم ماذا؟" وهي معقدة لأنه في حالة تطويق المدينة فلن يكون أمام التنظيم أي سبيل للانسحاب مثلما حدث في الفلوجة وقد يسفر ذلك عن قتال أطول وأشرس وأكثر تدميرا إذا قرر الكثير منهم الاستشهاد هناك." وقالت ليز جراند نائبة ممثل الأمم المتحدة في العراق في مقابلة عبر الهاتف "نتفهم أنه قد توجد خطط عاجلة بشأن الموصل ولا نعرف ما هي هذه الخطط لكن علينا أن نستعد لها."
وتقول الأمم المتحدة إنها تحتاج إلى 280 مليون دولار بشكل فوري للبدء في توفير إمدادات -ومنها على سبيل المثال عشرات الآلاف من الخيام والمئات من المراكز الصحية المتنقلة- استعدادا للتدفق المتوقع للنازحين. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية إن من المتوقع أن يجمع اجتماع للدول المانحة للعراق في واشنطن بحضور 24 دولة أكثر من ملياري دولار. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه في أسوأ السيناريوهات فإن من المحتمل تشرد أكثر من مليون شخص من الموصل و830 ألف شخص آخرين يقطنون على امتداد ممر جنوبي المدينة وهو ما يزيد من عبء الاعتناء بنحو 3.5 مليون عراقي تعرضوا للتشريد نتيجة هجوم التنظيم في 2014 والهجمات العراقية المضادة التي تدعمها الولايات المتحدة.