السعودية ضد السعودية!
حسن السباعي
2016-03-26 11:12
السلم والإرهاب كلمتان يضعهما المال والإعلام حيث يشاءان..
الإرهابي والمسالم مفردتان يضعهما قاضي الغش والرشوة أيضا كيفما يشاء..
تارة يوضع السيف على عنق من يطالب بحقه وتارة يوضع وسام الشرف على عنق الظالم القاتل..
العالم الذي صعق يوماً بمأساة فرنسا لم يتفاجأ بالوسام الفرنسي على عنق الممول للإرهاب ولا بما حصل في بروكسل خلال الإسبوع الماضي من تفجيرات إرهابية تبناها تنظيم الدولة الإسلامية -الجناح الدولي للمملكة العربية السعودية- حيث إن الأوربيين على وشك أن يعتادوا بهذه الأحداث التي اعتادها العراقيون والسوريون من قبل.
والمثير للعجب في الأمر ولا عجب هوأن يصدر النظام السعودي بيانا يستنكر فيه ما جرى في بلجيكيا وذلك على ألسنة: الملك وولي العهد وولي ولي العهد وهيئة كبار العلماء وما إلى ذلك.
إلا ان هذا العجب يزول حينما نعرف أن التمثيل والتصنع أمران أساسيان في العلاقات الدولية والدبلوماسية لكنه لا ضرورة للعبهما مع العراق وسوريا حيث لا يرى النظام السعودي حاجة لهذا العرض المسرحي من إصدار بيانات شجب واستنكار عندما يقوم الجناح الدولي السعودي -داعش- بقطع الرؤوس عندما يكون ضحاياه مجرد روافض.
النظام السعودي لا يزال يبذل جهودا عظيمة في التمثيل إنه ضد هذا التنظيم أو احیاناً تمثيل كوميدي آخر بأنه الضحية لهذا التنظيم، إلا انه فشل فشلا ذريعا في أداء تلك الادوار وما عادت تلك المسرحيات تنطلي حتى على من يدافع عنه إذ لا يمكن لأحد إلا إن يقول إن السعودية ضد السعودية!.
من جانب آخر، لو ألقينا نظرة سريعة على الإعلام السعودي لرأينا نماذج كثيرة على نمط الاستنكار السعودي على العمليات التي تقوم بها السعودية نفسها!. فأداء دور القتل والمشي في الجنازة أمر تحترفه السعودية لكنه بات مكشوفا وضوح الشمس للجميع لكنها لاتزال تعمل على دس السم في العسل!
وكنموذج على ذلك: ما عرض في شهر رمضان الماضي في قناة "إم بي سي" السعودية في مسلسل كوميدي تحت عنوان "سيلفي" من بطولة ناصر القصبي.
إحدى حلقاته كانت حول "داعش" وجرائمها وكان القصبي فيها يمثل دور أب يبحث عن ابنه الذي التحق بهذا التنظيم كي يبعده عنهم لكنه في النهاية ذُبِحَ على يد الابن الداعشي.
هذه الحلقة التي أعجب بها الكثيرون كونها عمل فني موفق وتعالت أصوات بعض العراقيين ترغب الفنانين أن يحذو حذو القصبي لإظهار المأساة التي يتعرضون وشاع إن القصبي تلقى تهديدات بالقتل من قبل تنظيم الدولة الإسلامية لتمثيله لهذا الدور.
لكننا لو قرأنا ما بين السطور لتجلت الخدمة التي قدمتها هذه الحلقة لـ "داعش" إذ في إحدى اللقطات ظهر المقاتلون وهم يتدربون تدريبات عسكرية منظمة ويرددون بحماس هتافا عاليا جذابا: "دولة الإسلام.. دولة الإسلام". المخاطبون بهذا المقطع التلفزيوني والذين لديهم أرضية خصبة للالتحاق بـ"داعش" إن كانوا مترددين بالالتحاق بداعش فإنهم بهذه الدعاية الفنية سيتغلبون على ترددهم ويلتحقون بالتنظيم، خصوصا المراهقين والشباب الذين يسهل استغفالهم ومثالهم مفجر مسجد العنود في الدمام والذي لم يتجاوز العشرين من عمره!
هذا مثال وعليه فقس سائر الأدوار الإعلامية التي تقوم بها الأجهزة السعودية لخدمة تنظيم الدولة الاسلامية وتضليل الرأي العام، وإن كان لا يوجد من يضلل، لكن لا ننسى دور المال، فلقد جازى الفرنسيون قتلاهم بوضع وسام الشرف على عنق ولي العهد السعودي لا لنجاح إعلامي بل لما للمال من دور عظيم في شراء الذمم وتكميم الأفواه!.