أمريكا في العراق.. فزاعة سد الموصل والامساك بمقود النفوذ
عبد الامير رويح
2016-02-06 08:36
مع استمرار حال الاضطراب وعدم الاستقرار التي يعيشها العراق، سعت الولايات المتحدة الامريكية التي فقدت الكثير بعد انسحاب قواتها العسكرية من العراق، الى اعتماد خطط جديدة من أجل حماية المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد اليوم الكثير من المشكلات والازمات الخطيرة اسهمت بتغير موازين القوى السابقة، خصوصا مع اتساع دائرة العنف والارهاب الذي كان سببا في ايجاد تحالفات جديدة، اجبرت الولايات المتحدة الامريكية على وضع استراتيجية مختلفة لإعادة التوازن تتمثل باحتواء بعض تداعيات الحرب في العراق الذي يعد اهم قاعدة للولايات المتحدة، هذا بالاضافة الى استمرارها بخططها السابقة والعمل تحت ما يعرف باستراتيجية الدفاع الوقائي ومحاربة التطرف والارهاب الذي سيستمر من اجل خدمة مصالح امريكا كما يقول بعض المراقبين، وهو ما اعترفت به الولايات المتحدة التي تقود اليوم تحالف دولي كبير لمحاربة داعش، فقد اعلنت امريكا وكما تنقل بعض المصادر، ان محاربتها للارهاب ستسغرق عدة سنوات وهذا مؤشرعلى ان الاستراتيجية الامريكية لمحاربة الارهاب تعتمد على اسلوب او آلية الاستنزاف الطويل المدى، وهذا من اهم ثغرات الاستراتيجية لأنها ليس لديها هدف بالقضاء على داعش، الذي يسيطر اليوم على مساحات واسعة من الاراضي في سوريا والعراق.
وفيما يخص بعض تطورات الحرب في العراق فقد قال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، في مقابلة مع شبكة "سي.أن.بي.سي"، أنه يتعين على التحالف الذي تقوده بلاده استعادة مدينتي الموصل والرقة من تنظيم داعش مشيرا إلى أنه سيتم إرسال المزيد من القوات البرية لدعم القوات المنتشرة هناك. قال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إن على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استعادة مدينتي الموصل والرقة، وإنه سيستعين "بقوات برية" في إطار إستراتيجيته لتحقيق ذلك.
وأضاف كارتر، "يجب أن نقضي عليهم في هذين المكانين، وأود أن نحرز تقدما بهذا الصدد في أقرب وقت ممكن." ومضى يقول إن التحالف يستخدم الغارات والقنابل للسيطرة على الطرق بين المدينتين وقطع الاتصالات بينهما. وأضاف "بالطبع سيفصل هذا المسرح العراقي عن المسرح السوري." وقال الوزير الأمريكي إنه سيتم إرسال المزيد من القوات البرية لدعم القوات الموجودة هناك، لكن جزءا من الإستراتيجية أيضا يقوم على تعبئة القوات المحلية "وليس محاولة أن نحل محلها.
قوة متخصصة
على صعيد متصل قال أشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي إن قوة أمريكية جديدة للعمليات الخاصة وصلت إلى العراق وتستعد للعمل مع قواته المسلحة لملاحقة أهداف لتنظيم داعش. وأعلن كارتر عن نشر القوة الجديدة في العراق في خطاب أمام الجنود في قاعدة فورت كامبل بولاية كنتاكي ركز فيه على الجهود الأمريكية لتسريع الحملة العسكرية ضد التنظيم في العراق وسوريا. وقال كارتر "قوة الاستهداف المتخصصة للتدخل السريع التي كنت قد أعلنت عنها في ديسمبر موجودة هناك الآن وتستعد للعمل مع العراقيين لبدء ملاحقة مقاتلي داعش وقادته."
وعلى الرغم من أنه كان من المتوقع أن يبلغ عدد أفراد القوة نحو 200 فقط فإن نشرهم يمثل أحدث خطوة لتشديد الضغط العسكري الأمريكي على تنظيم داعش. كما أنه يعرض القوات الأمريكية للمزيد من المخاطر وهو أمر لم يقدم عليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلا قليلا. وهذه القوة منفصلة عن مجموعة أخرى من نحو خمسين من أفراد العمليات الخاصة أرسلت إلى سوريا في العام الماضي للتنسيق على الأرض مع مقاتلين من جماعات سورية معارضة تدعمها واشنطن.
وقال كارتر إن مجموعات صغيرة من القوات أقامت بالفعل اتصالات مع جماعات مسلحة معارضة وحددت أهدافا جديدة للغارات الجوية و"ضربات من جميع الأنواع". وأضاف "ساعد هؤلاء في تركيز جهود القوات المحلية على نقاط ضعف أساسية لداعش تشمل خطوط اتصالاتهم." وحذر أوباما في خطاب حالة الاتحاد من المبالغة في تقييم المعركة ضد تنظيم داعش لكنه قال إن حكومته تركز على القضاء على التنظيم المتطرف. بحسب فرانس برس.
وسلط كارتر في كلمته الضوء على التقدم الذي حققته القوات العراقية بما في ذلك استعادة السيطرة على مدينة الرمادي والتقدم الذي حققته الجماعات المعارضة المدعومة من أمريكا في سوريا. وأضاف "الرئيس أوباما ملتزم بعمل كل ما يتطلبه الأمر ... لنلحق بداعش هزيمة دائمة."
تدريب القوات العراقية
الى جانب ذلك صرح مسؤولون عسكريون ان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عدل تدريباته للقوات العراقية لكي تصبح قادرة على اختراق دفاعات تنظيم داعش في الهجمات الواسعة النطاق على معاقل التنظيم. وقام التنظيم بزرع المناطق التي يسيطر عليها بالقنابل والالغام وغيرها من العوائق لمنع القوات العراقية من التقدم.
واظهرت العمليات العسكرية في الرمادي التي استعادها الجيش العراقي من ايدي التنظيم في كانون الاول/ديسمبر، اضافة الى مدن وبلدات اخرى، الحاجة الى تدريب الجنود على مختلف القدرات لاختراق دفاعات تنظيم داعش. وقال الجنرال شون ماكفارلاند قائد العمليات الدولية ضد التنظيم المتطرف ان التدريب "يستند الى دروس تعلمناها من خلال مراقبة مختلف التهديات في الرمادي وتكريت وسنجار وبيجي". واضاف ان التدريبات "لا تهدف الى التغلب على العبوات الناسفة المعدة يدويا، بل تهدف الى التغلب على العوائق".
وشارك في التدريبات جنود من اللواء الثاني والسبعين اطلقوا نيران الهاون واستخدموا الدخان للتغطية، ومهندسون مزودون باجهزة تطهير الالغام، وجرافات لفتح ثغرات في الدفاعات، وقوات مشاة في عربات مدرعة لتوفير التغطية، وبعد ذلك التقدم نحو الهدف. وقال البريغادير جيمس ليرمونت نائب قائد القوات البرية في التحالف ان "المهارات التي تم تعليمها هنا الان هي نتيجة للامور التي تعلمناها في الرمادي". واضاف "راينا ما فعله الجهاديون في الرمادي، وحقول الالغام الهائلة التي زرعوها في كل مكان (...) الرمادي مدينة مليئة بالعبوات الناسفة المصنعة يدويا". وتابع "كان علينا فعلا ان نفكر ونقول حسنا، ما الذي يجب علينا ان نفعله من اجل ان نتغلب على ذلك؟". بحسب فرانس برس.
وتعمل قوات التحالف على تدريب القوات العراقية منذ 2014، الا ان التدريبات العسكرية المشتركة في بسماية حيث تقود القوات الاسبانية عمليات التدريب هي تدريبات متقدمة. وقال ليرمونت "في السابق (...) كنا نركز على اطلاق النيران، والمهارات الاساسية. ولكننا الان تقدمنا متجاوزين المهارات الاساسية الى ما نصفه بانه تدريب جماعي".
صواريخ وقنابل
من جانب اخر أعلنت واشنطن موافقتها على صفقة لبيع العراق صواريخ وقنابل لتجهيز طائراتها الحربية بقيمة حوالي 2 مليار دولار. وذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي أن 400 متعاقد وموظف في الحكومة الأمريكية سيعملون في العراق حتى 2020 على الأقل، لصيانة هذه الترسانة وتدريب الطيارين والطواقم العراقية. وافقت الولايات المتحدة على صفقة بقيمة ملياري دولار تقريبا لبيع العراق قنابل وصواريخ لتجهيز سرب طائرتها المقاتلة إف-16 التي تستخدمها القوات العراقية في قتال تنظيم "داعش".
وتشتمل صفقة البيع التي تمت المصادقة عليها على 24 صاروخ سايدوايندر و150 صاروخ مافريك لكل طائرة. وسيتم تسليم نحو 16 ألف قنبلة وغيرها من المعدات. وسيتم تجهيز كل مقاتلة بمدفع "إم61 فولكان" عيار 20 ملم. وتلبغ قيمة هذه الصفقة 1,95 مليار دولار تؤكد حصول العراقيين على قنابل ذكية وصواريخ حديثة. وذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي أن 400 متعاقد وموظف في الحكومة الأمريكية سيعملون في العراق حتى العام 2020 على الأقل لصيانة هذه الترسانة وتدريب الطيارين والطواقم العراقية. بحسب فرانس برس.
وأضافت أن "صفقة البيع المقترحة هذه تمكن العراق من صيانة وتشغيل طائراتها بشكل كامل، ومواصلة تدريب الطيارين لحماية العراق بشكل فعال من التهديدات الحالية والمستقبلية". ويعمل مستشارون عسكريون أمريكيون وقوات خاصة ومتعاقدون إلى جانب الوحدات العراقية ووحدات التحالف في المعركة ضد تنظيم داعش.
سد الموصل
على صعيد متصل افاد مسؤولون اميركيون في العراق انهم يقومون بمعاينة سد الموصل، اكبر سدود العراق في شمال البلاد، لتحديد حالته وسط مخاوف من انهياره والتسبب بكارثة في مدينة الموصل. وسيطر تنظيم داعش بعد هجوم شرس في حزيران/يونيو 2014 على مساحات كبيرة من محافظة نينيوى ومركزها مدينة الموصل في شمال العراق ووصل الى سد الموصل الواقع على بعد نحو 40 كيلومترا شمال شرق الموصل. وظل سد الموصل تحت سيطرة التنظيم المتطرف لحوالي اسبوع قبل استعادته. ولكن اعمال الصيانة ظلت متوقفة ما زاد الخشية من انهيار السد الضعيف اصلا. وتبحث حكومة بغداد عن شركة لتنفيذ اعمال الصيانة.
وقال الجنرال شون ماكفرلاند قائد العمليات الدولية ضد التنظيم المتطرف خلال لقاء مع صحافيين في بغداد، "نعمل الان على تحديد احتمالات انهيار السد". واضاف "وضعنا اجهزة قياس على السد في كانون الاول/ديسمبر، لنحاول التعرف الى اي مدى تحرك السد أو تآكل مع الوقت". وتابع "مازلنا نتابع تقييم البيانات" ولكن في حال انهيار السد، "فان ذلك سيحدث بسرعة، وهو امر سيء، لذلك نحن نحاول تقييم الوضع".
ويشارك الاميركيون الحكومة العراقية المعلومات التي جمعوها ويعملون على وضع خطة لافراغ السد. وقال ماكفرلاند "لو كان هذا السد في الولايات المتحدة لقمنا بافراغ البحيرة التي وراءه، واوقفنا استغلاله". واستعادت القوات الكردية السد الاستراتيجي بمساندة الطيران الاميركي من التنظيم الجهادي في آب/اغسطس 2014. وسد الموصل وعمقه 20 مترا هو اكبر سدود العراق ويؤمن الطاقة والمياه لاكثر من مليون شخص في شمال البلاد. بحسب فرانس برس.
وذكر الكولونيل ستيف وران المتحدث باسم قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ان كوادر هندسية عسكرية قامت بتثبيت اجهزة الاستشعار. وقال ان "الجهاديين سيطروا لحوالى اسبوع على السد وقاموا خلاله بامرين، الاول، سرقة كل المعدات (...) والثاني، طردوا جميع العاملين". واضاف "لدى استعادة السيطرة، لم يكن هناك اي من المعدات و لم يعد اي من العمال. لذلك، ازدادت معدلات التآكل بسبب عدم وجود صيانة دورية، لعمليات الحشو الدورية". ويعاني سد الموصل الذي شيد في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين من مشكلة بنيوية دفعت المهندسين في الجيش الاميركي الى وصفه بانه "اخطر سد في العالم" في تقرير نشر في 2007. وحذر مسؤولون اميركيون كبار من خطر حدوث كارثة كبرى في حال انهيار السد الذي قد يسبب موجة ارتفاعها 20 مترا قد تغمر الموصل.