لماذا تحمي تركيا داعش من الزوال؟
عبد الامير رويح
2015-12-31 02:02
قضية اتهام وتورط الحكومة التركية بدعم ومساعدة تنظيم داعش الارهابي الذي استطاع السيطرة على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق القريبة من تركيا، حيث وجهت الكثير من الدول والحكومات اتهامات مباشرة لأنقرة بصرف النظر عن المسلحين الذي يعبرون حدودها للالتحاق بصفوف داعش، كما اكدت بعض التقارير وجود تعاون خفي بين الجانبين وبدعم من مباشر من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تتحدث هذه التقارير وكما تنقل بعض المصادر، عن تعاون عسكري ونقل للأسلحة ودعم لوجستي ومساعدة تجارية بالإضافة إلى توفير المعدات الطبية.
وقد صرح قيادي في تنظيم "داعش" لجريدة واشنطن بوست، في وقت سابق قائلاً "معظم المقاتلين الذين انضموا إلينا في البداية قدموا عن طريق تركيا كذلك الأمر بالنسبة للأسلحة والمعدات وكل ما يلزم. واكد كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري وبالأدلة بأن تركيا زوّدت المجموعات الإرهابية بالسلاح، وأضاف كليجدار أوغلو بأنه يملك نسخة لمقابلة مصورة مع سائق شاحنة أوصل السلاح لتلك المجموعات. الحكومة التركية بدورها ادعت بأن الشاحنة كانت لإيصال المساعدات الإنسانية للتركمان، لكن التركمان قالوا بأنه لم تصل أي مساعدات إنسانية.
وحسب تقرير نُشِرَ في صحيفة "جمهورية" من قبل "فؤاد أفني"، الصٌحفي البارز على شبكة تويتر، حيث يكشف التقرير عن تحقيق فساد مرفق معه أشرطة صوتية، تؤكد بأن تركيا قدمت المساعدة المالية والعسكرية للمجموعات الإرهابية. كما تحتوي التسجيلات على مقاطع يقوم فيها أردوغان بالضغط على الجيش التركي للمشاركة في الحرب داخل سورية، حيث طلب أردوغان من حقان فيدان، رئيس الاستخبارات التركية (MIT)، أن يُقدم تبريراً لمهاجمة سورية.
كما ظهرت على الساحة، وثائق تُظهر بأن الأمير السعودي بندر بن سلطان، قام بتمويل عملية نقل الأسلحة إلى تنظيم "داعش"، عبر تركيا. حيث غادرت شحنة الأسلحة من ألمانيا وأنُزلتْ في مطار " Etimesgut" التركي، وتم تقسيم الشحنة إلى ثلاث حاويات، اثنتان منها أُرسلتا إلى تنظيم "داعش"، والثالثة إلى غزة.
وحسب تقريرٍ نشر في جريدة (Daily mail) البريطانية، حيث يتحدث عن مقاتلين أجانب ذهبوا عن طريق تركيا وانضموا إلى تنظيم "داعش" في سورية والعراق، لكن تركيا لم تمنعهم ولم تحاول إيقافهم. هذا التقرير يصف كيفية دخول المقاتلين الأجانب وبشكل خاص سكان المملكة المتحدة، الذين يذهبون إلى سورية والعراق عبوراً بالحدود التركية، حيث أنهم يسمون تلك الحدود بـ "بوابة الجهاد". أما الجيش التركي فيقوم بغض البصر ويسمح لهم بالدخول أو يقوم الجهاديون بدفع مبلغ قليل لا يتجاوز الـ 10 دولارات لحرس الحدود كي يسهلوا عبورهم.
كما حصلت شبكة أخبار سكاي نيوز البريطانية، على وثائق تكشف تورط الحكومة التركية، حيث أنها ختمتْ جوازات سفر خاصة بمقاتلين أجانب يريدون العبور إلى سورية للانضمام إلى تنظيم "داعش". أما شبكة الـ BBC، فإنها قابلت عدد من القرويين الذين يسكنون بالقرب من الحدود السورية، حيث قالوا بأن الحافلات التي تقل الجهاديين تسير ليلاً وبسرعة كبيرة باتجاه سورية والعراق لمحاربة المقاتلين الكرد وليس لمقاتلة الجيش السوري. ووفقاً لمسؤول مصري رفيع المستوى، حيث صرح بأن "المخابرات التركية تقدم المعلومات والصور الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية إلى تنظيم داعش". وهو ما انكره الرئيس التركي الذي أنتقد ما أسماه حملات التشويه ضد تركيا، كما شجب الهجوم المنظم لتشويه سمعة تركيا العالمية.
وأهمل الأمن التركي وبحسب بعض المصادر ملاحقة أفراد التنظيم المتطرف في البلاد، على قاعد أن داعش لم يلحق أضرارا بتركيا، ولم يخطر ببال المسؤولين أن المقاتلين الأتراك في داعش قد يعودوا ليشكلوا خطرا على بلدهم، رغم التحذيرات التي أطلقتها المعارضة التركية. إلا أن تركيا استيقظت على الحقيقة مع تفجير سروج الانتحاري في أغسطس الماضي، الذي أودى بحياة أكثر من 30 شابا كرديا جنوب شرقي البلاد. رغم ذلك اعتبر تيار في السلطة أن التفجير استهدف الأكراد انتقاما لكوباني ولم يستهدف تركيا، وأهمل الأمن التحقيق في الهجوم.
وتغير موقف تركيا من داعش فجأة، إذ انضمت للتحالف الدولي وفتحت له قواعدها العسكرية بحجة إطلاق داعشي النار على حرس الحدود وقتل جندي تركي، لكن أنقرة استغلت الأمر لتمرر هجماتها على حزب العمال الكردستاني، ولم ينل داعش من ضرباتها ضمن التحالف شيئا يذكر. وعاود تنظيم داعش الكرة من جديد مستهدفا قلب تركيا وعاصمتها بتفجير انتحاري مزدوج قتل أكثر من 100 شخص، فبدا أنه لابد من التحرك، لكنه جاء متأخرا. وأدرك الأمن التركي ثمن تأخره في مواجهة داعش عندما قتل رجلين منه في مداهمة خلية لداعش في ديار بكر، وكشف عن وجود 8 انتحاريين من داعش يتجولون في تركيا بحثا عن هدف جديد.
تخاذل تركي
في هذا الشأن حث وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر تركيا على بذل المزيد للمساعدة في القضاء على تنظيم داعش. وقال كارتر للصحفيين وهو في طريقه إلى قاعدة إنجيرليك الجوية بجنوب تركيا إن أنقرة بحاجة إلى تعزيز الرقابة على حدودها مع سوريا خاصة في مسافة 100 كيلومتر تقريبا يعتقد أن التنظيم المتشدد يستغلها في تجارة غير مشروعة وفي نقل المقاتلين الأجانب من سوريا وإليها.
وأضاف في أول زيارة له لإنجيرليك منذ توليه وزارة الدفاع "تركيا أمامها دور هائل ... نقدر ما تفعله ونريد منها المزيد." وأشار كارتر إلى أن هذا يشمل مشاركة القوات التركية "في الجو والبر على النحو الملائم." وأضاف أن رقابة تركيا على حدودها "هي أهم إسهام تفرضه جغرافيتها." واكتسبت إنجيرليك أهمية أكبر خلال الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة مستهدفة داعش حيث قال مسؤولون إن 59 طائرة أمريكية وتركية وقطرية وألمانية تنفذ مهام تزويد بالوقود ومهام استطلاع وقصف انطلاقا من قاعدة إنجيرليك في الوقت الحالي مقارنة مع نحو 15 طائرة فقط من كل دول التحالف في بداية سبتمبر أيلول.
ومن المتوقع أن يزيد هذا العدد خلال الأسابيع والشهور المقبلة لكن المسؤولين لم يكشفوا عن تفاصيل. وحوالي 45 من أصل 59 طائرة تستخدم قاعدة أنجيرليك أميركية وتشمل طائرات مقاتلة وأخرى من دون طيار. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن رحلة كارتر إلى المنطقة تهدف إلى تأمين إسهامات عسكرية أكبر من الحلفاء في الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش.
وتأتي زيارة كارتر إلى أنجيرليك وسط تزايد التوتر بين أنقرة وبغداد بشأن نشر قوات تركية في قاعدة على مقربة من مدينة الموصل في شمال العراق. وتقدمت بغداد بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بسحب القوات في حين تقول تركيا إن قواتها هي جزء من بعثة دولية لتدريب القوات العراقية وتزويدها بالمعدات لمحاربة تنظيم داعش. و بدأت القوات التركية مغادرة القاعدة في العراق والتوجه شمالا.
ويتوقع أن يتحدث كارتر إلى المسؤولين العسكريين الأمريكيين في أنجيرليك - التي ارتفع فيها عدد الطاقم الأمريكي من نحو 300 في يوليو تموز إلى 1300- ويعقد لقاء مع أفراد عائلات الجنود. وقال كارتر إنه بعث برسائل مكتوبة الى الحلفاء اقترح فيها إسهامات إضافية في الحملة العسكرية. ولم يفصح كارتر عن تفاصيل الطلبات التي تقدم بها لكنه أشار إلى أن الاسهامات من مختلف الدول قد تشمل إرسال مقاتلات أو القيام بطلعات مخابراتية وارسال طائرات شحن والمساعدة في ضبط الحدود ودعم جهود التدريب الأمريكية.
وأعلنت السعودية تشكيل حلف إسلامي من 34 دولة لمحاربة الإرهاب. وقال كارتر إن الدول الخليجية السنية يمكنها أن تشجع المجتمعات السنية التي تعيش في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش على مقاومة سطوته. وقال "هذا أمر يمكنهم فعله وهو صعب على الدول الأخرى أن تقوم به." وأضاف "يمكن لدول مختلفة أن تقوم بإسهامات متنوعة. وفي خلال هذه الرحلة والأسابيع والأشهر المقبلة سأطلب من كل منهم أن يقوم بأكثر الإسهامات قوة وصلابة ممكنة."
الى جانب ذلك قال بريت مكجورك مبعوث الولايات المتحدة الجديد لدى التحالف ضد تنظيم داعش إن أولوية التحالف هي إغلاق آخر شريط حدودي بين تركيا والأراضي التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد في سوريا. وقال مكجورك "نزيد ضغوطنا هناك." والهدف هو حرمان التنظيم من طريق للتهريب يمدها بالمقاتلين الأجانب وجنت من خلاله أرباحا تجارية غير قانونية.
وتأتي الجهود بينما يتفاقم تباين المواقف بين تركيا والتحالف بقيادة الولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى في ظل دخول موسكو في الصراع السوري. وقال مكجورك الذي أسند الرئيس الأمريكي باراك أوباما إليه المنصب في أكتوبر تشرين الأول إن 30 في المئة فقط من الضربات الجوية الروسية في سوريا استهدفت التنظيم المتشدد فيما أصابت باقي الضربات "جماعات مسلحة أخرى". وتابع "نرى حملتنا في سوريا فعالة للغاية ولدينا بيانات لتأكيد هذا. الحملة الجوية الروسية لها أهداف مختلفة بصراحة شديدة." بحسب رويترز.
وبدأت روسيا شن ضربات جوية في سوريا بنهاية سبتمبر أيلول دعما لحليفها الرئيس السوري بشار الأسد وبهدف معلن هو ضرب تنظيم داعش. ويتهم الغرب موسكو باستهداف الجماعات المعارضة المدعومة من الغرب والتي تقاتل الأسد. وكان تحليل لبيانات صادرة عن وزارة الدفاع الروسية في أكتوبر تشرين الأول أظهر أن 80 في المئة تقريبا من أهداف روسيا المعلنة في سوريا تقع في مناطق غير خاضعة لسيطرة داعش. وأسقطت تركيا طائرة روسية قالت إنها انتهكت مجالها الجوي وهو ما تنفيه موسكو.
روسيا وتورط تركيا
في السياق ذاته قالت وزارة الدفاع الروسية إن لديها أدلة على أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وأسرته يستفيدون من التهريب غير القانوني للنفط من الأراضي التي تسيطر عليها داعش في سوريا والعراق. وتخوض موسكو وأنقرة حربا كلامية منذ أسقطت قوة جوية تركية طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية التركية في أكثر الحوادث خطورة بين روسيا والدولة العضو في حلف شمال الاطلسي في نصف قرن. ورد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالقول إنه لا يحق لأحد "إهانة" تركيا باتهامها بشراء النفط من تنظيم داعش وأضاف أنه سيتنحى إذا ثبتت صحة تلك المزاعم. ولكنه أضاف في تصريحه أنه لا يريد أن يلحق مزيد من الضرر بالعلاقات مع روسيا.
وفي إفادة في موسكو عرض مسؤولون بوزارة الدفاع صورا التقطت بالأقمار الصناعية قالوا إنها تبين طابورا من شاحنات صهاريج محملة بنفط في منشآت تسيطر عليها داعش في سوريا والعراق ثم وهي تعبر الحدود إلى تركيا المجاورة. ولم يحدد المسؤولون ما هي الادلة المباشرة التي لديهم عن تورط اردوغان واسرته وهو زعم نفاه الرئيس التركي قطعيا.
وقال نائب وزير الدفاع أناتولي أنتونوف "تركيا هي المستهلك الرئيسي للنفط المسروق من أصحابه الشرعيين سوريا والعراق. ووفقا للمعلومات التي تلقيناها فإن القيادة السياسية العليا للبلاد - الرئيس اردوغان واسرته - متورطون في هذا العمل الاجرامي." وأضاف "ربما يكون كلامي جافا أكثر من اللازم لكن لا يمكن لشخص إلا أن يعهد بإدارة أعمال السرقة هذه لواحد من أوثق مساعديه."
وقال "في الغرب لم يسأل أحد أسئلة تتعلق بأن ابن الرئيس التركي يرأس واحدة من أكبر شركات الطاقة أو أن زوج ابنته عُين وزيرا للطاقة. ما أروعها أسرة أعمال!". وقال أنتونوف "المفارقة في القيادة التركية لا تعرف حدودا. انظر إلى ما يفعلونه. لقد ذهبوا إلى بلد آخر ويسرقونه بدون تأنيب ضمير." وقالت الوزارة أيضا إن نفس الشبكات الاجرامية التي تهرب النفط من مناطق تسيطر عليها داعش إلى تركيا تزودها أيضا بالأسلحة والمعدات وتقوم بتدريب التنظيم المتشدد. بحسب رويترز.
وقال مسؤولون إن حملة الضربات الجوية التي تنفذها القوات الجوية الروسية أحدثت ضررا كبيرا بقدرة داعش على إنتاج وتكرير وبيع النفط. ونفى إردوغان أن تركيا تشتري النفط من أي طرف وإنما من مصادر شرعية. وقال ان أنقرة تتخذ خطوات نشطة لمنع تهريب الوقود وتحدى أي شخص يتهم حكومته بالتعاون مع داعش أن تثبت مزاعمها.
مقتل ناجي الجرف
على صعيد متصل اعلنت حملة "الرقة تذبح بصمت" على حسابها على موقع تويتر ان المعارض السوري المناهض لتنظيم داعش ناجي الجرف اغتيل في مدينة غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا بمسدس كاتم للصوت. وكتبت حملة "الرقة تذبح بصمت" المناهضة للتنظيم باللغة الانكليزية على تويتر "مخرجنا ناجي الجرف، الوالد لطفلتين، اغتيل بمسدس كاتم للصوت في غازي عنتاب (على الحدود السورية) في تركيا ".
والجرف (38 عاما) ناشط سياسي معروف بمعارضته للنظام السوري ومناهضته لتنظيم داعش، يتحدر من مدينة السلمية في ريف حماة الشرقي (وسط). وقال صديق للجرف، رفض التصريح عن اسمه انه "كان من المفترض ان يصل الى باريس بعد حصوله وعائلته الصغيرة على تأشيرة لجوء الى فرنسا". من جهته نقل موقع "تي 24" الاخباري التركي ان "الجرف قتل بالرصاص في رأسه اثناء تجوله في الشارع" في غازي عنتاب، مشيرا الى انه "توفي في المستشفى بعد نقله اليها متأثرا بجروحه". وبحسب الموقع، فان "الشرطة اطلقت تحقيقا بحثا عن المعتدي، ودققت في الكاميرات الموجودة في المكان كما استمعت الى شهود عيان".
وعمل الجرف مع مجموعة "الرقة تذبح بصمت" التي تنشط سرا منذ نيسان/ابريل 2014 في الرقة (شمال)، معقل التنظيم المتطرف في سوريا، والتي توثق انتهاكات التنظيم الجهادي بعدما باتت المدينة محظورة على الصحافيين اثر عمليات خطف وذبح طالت عددا منهم. واخرج افلاما وثائقية عدة عن الازمة السورية، وفي منتصف الشهر الحالي نشر على موقع يوتيوب فيلما وثائقيا قال انه حول "تنظيم داعش وسلوكياته في مدينة حلب قبل طرده منها".
وطردت الفصائل الاسلامية والمقاتلة عناصر تنظيم داعش من الاحياء الشرقية لمدينة حلب (شمال) اثر اشتباكات اوائل العام 2014، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن. وتشهد مدينة حلب منذ صيف 2012 معارك مستمرة بين قوات النظام التي تسيطر على احيائها الغربية والفصائل المقاتلة في احيائها الشرقية. شغل الجرف ايضا منصب رئيس تحرير مجلة حنطة السورية التي ترصد، وفق موقعها الالكتروني، "المشاهدات اليومية في حياة المواطن السوري". بحسب فرانس برس.
وفي التاسع عشر من شهر كانون الاول/ديسمبر، كتب على حسابه على فايسبوك "لوقت قصير كنت أحلم بقبر صغير يغمرني على تلة لطيفة بقرية اسمها فريتان شرق مدينتي (السلمية) بالقرب من قبر جدي (...) اليوم حتى هذا الحلم أمسى بطرا وترفا". وهي ليست المرة الاولى التي يستهدف فيها ناشطون سياسيون سوريون معارضون في تركيا. ففي بداية تشرين الثاني/نوفمبر تبنى تنظيم داعش مقتل الناشط ابراهيم عبد القادر (20 عاما) من مجموعة "الرقة تذبح بصمت" مع صديق له، بعد يومين من العثور على جثتيهما مقطوعتي الراس في مدينة اورفا في جنوب تركيا.
سجن ضباط كبار
من جانب اخر امرت محكمة في إسطنبول بسجن 3 ضباط كبار بتهم تتعلق في قضية الكشف عن شاحنات أرسلتها المخابرات التركية إلى سوريا مطلع العام الماضي، وقالت وسائل إعلام إنها تحمل أسلحة. وكانت صحيفة جمهوريت التركية قد كشفت النقاب عن قيام جهاز المخابرات التركية بارسال شحنات من الاسلحة الى سوريا، وقد نشرت مقاطع فيديو تظهر صناديق من الاسلحة كانت متوجهة الى سوريا عند احدى النقاط الحدودية.
وقالت صحيفة حريت التركية إنه تم إيداع قائد الدرك الجنرال إبراهيم آيدين والجنرال حمزة شليب أوغلو في سجن خادمكوي العسكري، بينما أودع المقدم المتقاعد برهان الدين شيهانجير أوغلو في سجن سيلفيري. وتتهم المحكمة شليب أغلو بـ"تأسيس منظمة إرهابية والسعي للإطاحة بالحكومة التركية ومنعها من أداء مهامها"، بينما تتهم المحكمة آيدين شيهانجير أوغلو بـ"بافشاء معلومات سرية تتعلق بمصلحة الأمن القومي التركي، وبخدمة مصالح دولة أجنبية بنية التجسس على الشؤون السياسية والعسكرية".
والقضية جزء من تحقيق في ادعاء بتكوين منظمة إرهابية تدعى" سلام التوحيد"، والمتهم فيها الداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، عدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان متحالفا معه في السابق.
فتح اسطنبول
الى جانب ذلك ظهر مقاتل ممن بايعوا تنظيم داعش في مقطع فيديو وهو يحث مواطنيه من الأتراك على التمرد على الرئيس "الخائن" رجب طيب إردوغان والعمل على فتح اسطنبول فيما يسلط الضوء على الخطر الذي تواجهه تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي. وتشهد تركيا حالة من الاستنفار منذ أن بدأت "حربا منسقة على الارهاب" شملت شن غارات جوية على مقاتلي داعش في سوريا وفتح قواعدها الجوية أمام قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
ومثلت تلك الخطوات تحولا كبيرا في سياسة أنقرة بعد أن ظلت ترفض على مدى سنوات الاضطلاع بدور رئيسي في الحرب على مقاتلي داعش الواقفين على حدودها. وجاءت تلك الخطوات في أعقاب تفجير انتحاري اعتبر التنظيم مسؤولا عنه في بلدة سروج التركية الحدودية يوم 20 يوليو تموز وسقط فيه 34 قتيلا. وقف المقاتل في مقطع الفيديو وهو يحمل بندقية وبلغة تركية سليمة اتهم إردوغان "ببيع البلاد للصليبيين" وبالسماح للولايات المتحدة باستخدام القواعد التركية "لمجرد الاحتفاظ بمنصبه".
وأضاف "أيها الشعب التركي عليكم التمرد على هؤلاء الملحدين والصليبيين والكفرة الذين اتخذوكم عبيدا لهم." وجلس إلى جواره في صمت رجلان مسلحان ملتحيان على رأس كل منهما عمامة. كما وصف مسلحي حزب العمال الكردستاني في تركيا الذين شارك بعضهم في مقاتلة تنظيم داعش في سوريا بأنهم "ملحدون" وحذر من سقوط شرق تركيا في أيدي الأكراد ما لم ينهض المقاتلون الاسلاميون.
ولم يتم التحقق من صحة مقطع الفيديو الذي لم ترد فيه تهديدات محددة بشن هجمات. لكن مجموعة سايت التي تتابع أنشطة المتطرفين وصفت المقطع بأنه دعوة من مقاتل تركي في داعش للمسلمين في تركيا لتقديم الدعم. ونشر الفيديو بعنوان "رسالة إلى تركيا" وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتحدثت عنه وسائل الاعلام التركية الرئيسية. وتردد أن المقطع أنتجه المكتب الاعلامي لولاية الرقة في إشارة إلى العاصمة الفعلية للتنظيم المتشدد في شمال سوريا.
وقال الرجل في إشارة إلى زعيم التنظيم "معا وبأوامر أبو بكر البغدادي ... فلنفتح اسطنبول التي يعمل الخائن إردوغان ليل نهار لتسليمها للصليبيين." ويأتي مقطع الفيديو بعد ان إصدار التنظيم مجلة باللغة التركية نشر على غلافها موضوع بعنوان "فتح القسطنطينية" يحض على فتح إسلامي جديد لاسطنبول أكبر مدن تركيا. ويستخدم التنظيم الحدود التركية المليئة بالثغرات لجلب المقاتلين الاجانب والامدادات وبدا أنه لا يستهدف تركيا في المقابل. لكن خبراء أمنيين يقولون إن الجهاديين سيعيدون تقييم هذا التفاهم بعد أن بدأت الغارات الجوية من القواعد التركية تؤثر عليهم. بحسب رويترز.
وقال دبلوماسي غربي "تركيا أكثر انكشافا الآن خاصة أنه لا يمكنهم التراجع بسهولة عن التزامهم باستخدام (الولايات المتحدة) لقواعدهم." وقال مسؤول رفيع في الحكومة التركية إن قوات الأمن ضبطت نحو 30 سترة انتحارية في النصف الأول من العام الجاري أشارت الاستخبارات إلى أن مقاتلي داعش كانوا سيستخدمونها في هجمات على أهداف من بينها مراكز الشرطة. وفي أعقاب حملة من السلطات التركية على الانترنت تم فيها اغلاق أكثر من ستة مواقع إخبارية اسلامية حذرت جماعة واحدة على الاقل قالت إنها تبايع داعش من رد انتقامي.