داعش في المجتمعات الافتراضية وأتون الحرب الدعائية

مروة الاسدي

2015-12-14 09:03

استخدم تنظيم داعش الارهابي الانترنت بشكل عامة ومواقع التواصل الاجتماعي بنحو خاص بأساليب غير مسبوقة لتجنيد أعضاء جدد في صفوفها، وقد نجاح من خلال الدعاية عبر الشبكة العنكبوتية وتطبيقاتها الوصول الى اهدافه الدعائية، مما أتاح له توسيع نطاقه من نزاعٍ يقتصر على فئة معينة في سوريا والعراق إلى عنصر جذب عالمي للمتطرفين.

لكن اذا كان التنظيم ينتهج اساليب الدمار والتخريب والارض المحروقة في معاركه، اذا من يتيح له الاتصال بالانترنت، فيتيح له بذلك ترويج أشرطة الدعاية والحفاظ على المواقع الداعمة له وتقاسم صور الموت على فيس بوك؟، يزداد السؤال إلحاحا علما أن أغلب تجهيزات الاتصالات بالمناطق التي يسيطر عليها الارهابيون في العراق وسوريا دمرت، فكيف يتمكن التنظيم المتطرف من الاتصال بالشبكة العنكبوتية؟!.

فيما بدت الجهود الرامية إلى التأثير على دعاية داعش مترددة وغير فعالة، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها بعض الدول، لكن المتخصصون في الامن الالكتروني انه من أجل مواجهة دعاية الدولة الإسلامية، يتعين على الحكومات التركيز على محتوى الرسائل المضادة بدلاً من التركيز على نشرها. فما المانع إن نشر المواطنون محتوى يرون فيه مادة فعالة. وفي حال أرادت الحكومات أن تسهل نشر الرسائل المضادة، فإنه يتعين عليها أن تتعاون مع المواطنين من خلال تمكينهم من العثور على محتوى مماثل.

أما فيما يتعلق بشركات التواصل الاجتماعي، فإنه يتعين عليها العمل على دعم شروط خدماتها من أجل منع داعش وكذلك من يدعمها من نشر الدعاية بسهولة.

تحتاج الحكومات إلى تطوير سياسات من شأنها أن تغير الظروف التي تجعل الدعاية فعالة في المقام الأول، فدعاية داعش وفعاليتها تأتي من الواقع المنتشر في سوريا والعراق ودول أخرى علت فيها راية هذا التنظيم وليس العكس.

بينما يبدو نجاح داعش في استغلال مواقع التواصل الاجتماعي واضحاً بالفعل بحيث تمكن من تجنيد عشرات الآلاف من الشباب (علماً أن هذا الرقم بسيط جداً بالمقارنة مع أعداد المسلمين عبر العالم)، إلا أنه لا يمكن فصله عن الواقع السياسي والعسكري على أرض الواقع.

في حين كثّفت شركات التواصل الاجتماعي الجهود لمكافحة دعاية داعش، لا تزال المجالات المتوفرة عبر الشبكة التي يمكن لداعش ومناصريها الاستفادة منها كثيرة، إن قدرة مستخدمي تويتر المناصرين لداعش على غرارMujahid4Life ،Shami Witness ، وموسى سيرانتونيو على نشر سمهم كان مثيراً للدهشة. 76 يُعد موقع تويتر أدة دعائية قوية بشكلٍ خاص، ولكن لا يصعب اليوم العثور على مختلف أنواع مواد التطرف عبر عددِ من منصات التواصل الاجتماعي.

وقد نسب بعض الخبراء إلى وكالات الاستخبارات سماحها للإرهاب باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أتاح للحكومات فرصة مراقبة الإرهابيين المحتملين بشكلٍ أفضل وجمع معلومات عنهم. رغم ذلك، سهلت شركات وسائل التواصل الاجتماعي على نحو عقدٍ من الزمن النمو السريع لمجتمعات افتراضية من الإرهابيين والمتعاطفين.

وفي محاولة لإجبار شركات مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فيس بوك وتويتر، على التعاون مع قوات الأمن بخصوص قضايا الإرهاب، قدم عضوان في مجلس الشيوخ مشروع قانون يرغم هذه الشركات على "الإبلاع بأي سلوك إرهابي محتمل".

بدورها تعمل شركات مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وجوجل وتويتر على تصعيد مساعيها للتصدي لما يبثه المتشددون الاسلاميون من دعاية ومحاولات لتجنيد مقاتلين جدد لكن شركات الانترنت تفعل ذلك بهدوء لتجنب خلق انطباع أنها تساعد السلطات بالقيام بدور شرطة الانترنت.

كما توعدت جماعة "انونيموس" للقرصنة الإلكترونية بتنفيذ "أكبر عملية على الإطلاق" تستهدف متشددي تنظيم "داعش"، وجاء "إعلان الحرب" من جانب الجماعة في أعقاب الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، ماذا يعني "إعلان الحرب"؟، يرى المتخصصون ان هذا يعني أننا ربما سنشهد هجمات على مواقع إلكترونية لتنظيم داعش وأي مواقع ذات صلة بها ومواقع التجنيد وحسابات التواصل الاجتماعي، وإذا مضت جماعة انونيموس في مواصلة طريق الاختراق الإلكتروني هذه المرة، فقد يعني ذلك تعطل الاتصالات أيضا"، وسوف تبلغ الجماعة أيضا شركات مواقع التواصل الاجتماعي عن حسابات متعاطفة مع تنظيم (الدولة الإسلامية)، وسوف يحضون الناس على تقديم المساعدة"، لكن السؤال الاهم إلى أي مدى قد يلحق ذلك ضررا بالتنظيم؟.

وعليه قد تؤثر وتيرة الحملة العسكرية المستمرة ضد داعش على وجودها المادي، إلا أنه سيصعب هزيمتها كحالة فكرية. رغم ذلك، لا بدّ أن تستند حملة منسقة من الرسائل المضادة في المقام الأول على الحقائق المادية والتاريخية التي أدت إلى ظهور داعش. يُلاحظ أن الإعلام يعمل بعض الشيء، إن لم يكن قد حقق تقدماً فعلياً. ونأمل أن يشمل هذا العمل

على جرعة كبيرة مُساعِدة من التواضع من قبل السياسيين في الشرق وكذلك الغرب، الذين يتعين عليهم أن يعترفوا أنه كان بالإمكان تجنب تقدّم داعش بشكلٍ تام. في الحقيقة، داعش ليس إلا كابوساً اخترنا بأنفسنا أن نعيشه، شارك في صياغته جزئياً نشاطُ وتقاعسُ عشرات العواصم في المنطقة وخارجها؛ كابوسٌ، نحاول جميعنا أن نستيقظ منه.

تركيا تزود داعش بالأنترنت

في سياق متصل كشف تحقيق لمجلة "شبيغل" الألمانية أن تنظيم الدولة الإسلامية يتزود بالإنترنت على الأرجح عبر أقمار صناعية. ووراء هذه التكنولوجيات تقف شركات أوروبية إحداها على وجه التحديد فرنسية.

أوضح نشطاء سوريون لـ"شبيغل" أن تنظيم داعش لا يحتاج إلى الكابلات بل يحصل على الاتصالات العالية السرعة عبر أقمار صناعية. فلا أسهل من استعمال المفاتيح الصغيرة والمودم وأنظمة الهوائيات لتلقي وبث المعلومات، فكل هذه الأجهزة متواجدة في محافظة هاتاي التركية قرب الحدود السورية.

يستعمل المعارضون والنشطاء السوريون هذه الأجهزة لتنظيم المقاومة ضد نظام بشار الأسد، لكنهم ليسوا الزبائن الوحيدين للعملاء الأتراك، إذ تشتري عناصر تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية هذه المعدات الباهظة الثمن منهم على حد سواء. فيبلغ سعر المفتاح نحو 500 دولار، إضافة إلى نفس المبلغ من أجل الحصول على اتصال ضعيف لمدة ستة أشهر. بحسب فرانس برس.

في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف، على غرار دير الزور والرقة، "الصحون اللاقطة في كل مكان" خاصة "على سطوح +المراكز الإعلامية+ وبيوت عناصر الميليشيا الإرهابية". دون هذه الهوائيات، يعزل تنظيم الدولة الإسلامية عن العالم.

رغم ذلك لا يحصل الجهاديون على اتصال بالإنترنت دون موافقة قياديين في تنظيم الدولة الإسلامية". فيمكن للقياديين المحليين أن يقرروا "قطع الاتصال على منطقة بأكملها" أو تزويد مقاهي الإنترنت وحتى بعض الأحياء. وتحدثت المجلة الألمانية إلى عميلين اثنين من المتعهدين الأتراك أتاحا لزبائنهم الاستفادة من الاتصال بالشبكة العنكبوتية فأكد كل منهما أن لديه 2500 زبون في سوريا.

ومن خلال شهادات التجار الأتراك وصل التحقيق بمجلة "شبيغل" إلى الشركات التي تصنع هذ الأجهزة والتي تملك تلك الأقمار. فذكرت "شبيغل" ثلاث شركات وهي مجموعة أوتلسات Eutelsat الفرنسية وأفانتي كوميونكايشنس Avanti Communications البريطانية وأس إي أس SES ومقرها لوكسمبورغ.

لكن هل تدرك هذه الشركات حقا كيف ومن يستعمل هذه الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية؟ فحتى وإن كانت لا تقيم أية تجارة مباشرة مع سوريا والعراق، لا تتردد "شبيغل" في القول " أن مشغلي الأقمار الاصطناعية وموزعين يعرفون عموما مواقع الأجهزة التي يوفرونها، إذ يتوجب على الزبائن حين يثبتون المفاتيح ويشكلون المداخل للإنترنت أن يسجلوا إحداثياتهم ضمن النظام العالمي لتحديد المواقع. فإذا استعملوا معلومات خاطئة لا يشتغل الاتصال". اطلعت المجلة الألمانية أيضا على وثائق عن الاتصالات عبر الأقمار الصناعية التي تم رصدها في 2014 و2015 فتقول إن العشرات منها على الأقل تأتي من مدن خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

هل تتعاون شركات الاتصال مع أجهزة المخابرات؟

اتصلت "شبيغل" بشركتي أس إي أس و أوتلسات (التي تعود ملكية جزء منها لأحد البنوك العمومية) اللتين أكدتا أنه لا يوجد أي مزود بخدماتها في سوريا وأنها لا تملك أي اتصال مع زبائن هناك، من جهتها قالت أفانتي لصحيفة "لوموند" الفرنسية إنها لا تحتفظ بهويات ومعلومات تموقع المستعملين في آخر السلسلة التجارية وأكدت أنها لا تتعامل سوى مع مزودين رسميين في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط.

وأكدت أوتلسات لـ "شبيغل" أنها لم تكن حتى لتقبل بتشغيل محطة في سوريا. لكن أكدت الشركة الفرنسية من جهة أخرى للمجلة الألمانية أنه لا يمكن قطع الاتصالات غير القانونية لأن محطات تلقي استشعار الأقمار الصناعية صغيرة ونقالة، في حين تؤكد "شبيغل" أن نقرة واحدة كافية لقطع الاتصال.

فلماذا إذا لا تزال هذه الخطوط تعمل؟ بغض النظر عن العامل الاقتصادي، ترجح "شبيغل" فرضية تعاون مشغلي هذه الخدمات مع أجهزة الاستخبارات الأوروبية بهدف مراقبة اتصالات التنظيم الإرهابي.

مشروع قانون لإجبار فيس بوك وتويتر على "الإبلاغ بأي سلوك إرهابي"

على الصعيد نفسه تقدم اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي باقتراح قانون يهدف إلى إجبار الشركات التقنية وخصوصا وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر على إبلاغ قوات الأمن عندما ترصد نشاطات إرهابية محتملة على منصاتها، وقال بيان إن القانون الذي اقترحته الديموقراطية دايان فينستين والجمهوري ريتشارد بور ينص على أنه "إذا علمت شركات بنشاطات إرهابية مثل التخطيط لهجمات والتجنيد أو توزيع مواد إرهابية فعليها أن تنقل هذه المعلومات إلى قوات الأمن"، وقالت السناتورة فينستين على حسابها على تويتر إن "القانون لا يجرم حرية التعبير ويجبر على الإبلاغ بأي سلوك إرهابي محتمل". بحسب فرانس برس.

لكن جمعية صناعة البرامج والمعلومات (سوفتوير أند إنفورميشن أنداستري أسوسييشن) التي تمثل الشركات الأمريكية في قطاع البرمجيات والمحتوى الرقمي انتقدت مشروع الإبلاغ الإلزامي "الذي سيكون ضرره أكبر من فائدته"، بحسبها، وقال نائب رئيس الجمعية مارك ماكارثي إن "الرغبة في فعل شىء ما وخصوصا بعد الهجمات الأخيرة يجب ألا يدفع الكونغرس إلى وضع مزيد من الأبرياء تحت مراقبة الحكومة بدون أي دليل على أن ذلك سيجعلنا أكثر امانا".

شركات وسائل التواصل الاجتماعي تصعد المعركة ضد دعاية المتشددين

فيما أعلن فيسبوك أنه أغلق حسابا يعتقد أنه يخص تشفين مالك التي شاركت مع زوجها في الهجوم الدامي في سان برناردينو الذي سقط فيه 14 قتيلا ويحقق فيه مكتب التحقيقات الاتحادي بوصفه "عملا إرهابيا"، وقبل ذلك بيوم واحد التقى رئيس الوزراء الفرنسي ومسؤولون من المفوضية الاوروبية في اجتماعين منفصلين مع مسؤولين من فيسبوك وجوجل وتويتر وشركات أخرى للمطالبة بسرعة التحرك فيما تصفه المفوضية "بالتحريض على الارهاب وخطاب الكراهية عبر الانترنت". بحسب رويترز.

ووصفت شركات الانترنت سياساتها بأنها صريحة ومباشرة فهي تحظر أصنافا بعينها من المحتوى بما يتفق مع شروط الخدمة التي تقدمها وتحتاج صدور أمر قضائي لإزالة أي شيء أو لمنع نشر شيء ما، ويمكن لأي مستخدم أن يبلغ عن أي محتوى بحاجة للمراجعة أو لاحتمال إزالته، لكن الحقيقة أكثر صعوبة وتعقيدا بكثير. إذ يقول موظفون سابقون إن فيسبوك وجوجل وتويتر كلها تخشى إذا أعلنت على الملأ المستوى الذي تتعاون به مع وكالات انفاذ القانون في العالم الغربي أن تواجه بمطالب لا نهاية لها من مختلف دول العالم بالتعاون معها بالقدر نفسه، كما يقلقها أن ينظر إليها المستهلكون باعتبارها من أدوات الحكومات. والأسوأ من ذلك أنها تخاطر إذا كشفت بالضبط عن كيفية عمل وسائل الفحص فيها بأن تزداد معارف المتشددين الماهرين في استخدام وسائل التكنولوجيا عن كيفية التغلب على نظمها.

وقال خبير أمني عمل في شركتي فيسبوك وتويتر وطلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع "إذا علموا بالخلطة السحرية التي تدخل في بث المحتوى إلى النشرات الاخبارية فسيستفيد مرسلو البريد الالكتروني غير المرغوب فيه أو أيا من كانوا من ذلك"، ومن أبرز جوانب قضية الدعاية غير المفهومة عدد الوسائل التي تتعامل بها شركات وسائل التواصل الاجتماعي مع المسؤولين الحكوميين، وتقول فيسبوك وجوجل وتويتر إنها لا تعالج الشكاوى الحكومية بشكل مختلف عن الاسلوب الذي تتعامل به مع شكاوى المواطنين ما لم تحصل الحكومة على أمر قضائي، والشركات الثلاث من بين عدد متزايد من الشركات ينشر تقارير شفافية منتظمة تلخص عدد الطلبات الرسمية من المسؤولين فيما يتعلق بالمحتوى الموجود في مواقعها، لكن مسؤولين سابقين ونشطاء ومسؤولين حكوميين يقولون إن ثمة سبل للالتفاف على ذلك.

ومن أبرز هذه السبل أن يشكو مسؤولون أو حلفاء لهم من تهديد أو خطاب كراهية أو احتفاء بالعنف يخالف شروط الخدمة التي وضعتها الشركة وليس مخالفا للقانون. ومثل هذا المحتوى يمكن إزالته في غضون ساعات أو حتى دقائق دون الاجراءات والمستندات المطلوبة في حالة الأمر القضائي.

كما حقق بعض النشطاء المنظمين على الانترنت نجاحا في حمل مواقع التواصل الاجتماعي على إزالة بعض المحتوى، وقال ناشط يتحدث بالفرنسية ويستخدم اسما مستعارا على تويتر إنه ساعد في التخلص من الاف مقاطع الفيديو على يوتيوب وذلك بنشر عناوين الانترنت للحالات الواضحة التي تنتهك فيها سياسة الموقع وكذلك بالاستعانة بمتطوعين آخرين للابلاغ عن هذه الحالات، وقال في رسالة عبر تويتر لرويترز إنه كلما زاد عدد البلاغات زادت فرص النظر في الشكاوى بسرعة واعتبارها حالة عاجلة.

وقال شخص على دراية بعمليات يوتيوب إن مسؤولي الشركة يميلون للتعجيل بمراجعة مقاطع الفيديو التي تولد عددا كبيرا من الشكاوى مقارنة بعدد المشاهدات، ومن الممكن أن يؤدي الاعتماد على الأعداد إلى مشاكل من نوع آخر.

وقال المهاجر الاوكراني نيك بيلوجوسكي الذي كان يعمل في قسم الأمن بفيسبوك إن شركته علقت أو قيدت حسابات كثير من الأوكرانيين المؤيدين للغرب بعد ما بدا أنها حملة منسقة اتهمهم فيها العديد من المستخدمين الذين يتحدثون بالروسية باستخدام خطاب فيه كراهيةن وساعد بيلوجوسكي أصحاب بعض هذه الحسابات على الفوز بعد الطعن على قرارات فيسبوك. وأضاف أن الشكاوى انحسرت.

وقال نشطاء إن حملة مماثلة منسوبة لمسؤولين فيتناميين منعت لفترة مؤقتة على الأقل المحتوى الخاص بمنتقدي الحكومة، وامتنع فيسبوك عن مناقشة هذه الحالات، ويقول مسؤولون تنفيذيون سابقون إن ما يريده مسؤولو إنفاذ القانون والساسة وبعض النشطاء في واقع الأمر هو أن تتوقف شركات الانترنت عن السماح بتبادل المحتوى الممنوع في المقام الأول. لكن هذا يمثل تحديا تكنولوجيا هائلا إلى جانب تحولات ضخمة في السياسات.

ويمكن منع بعض المواد الإباحية التي يظهر فيها أطفال لأن شركات التكنولوجيا لديها قاعدة بيانات يتم من خلالها التعرف على الصور المعروفة مسبقا. وهناك نظام شبيه لحماية حقوق التأليف الموسيقي، وقالت نيكول وونج التي كانت تعمل نائبا لكبير المسؤولين التكنولوجيين في البيت الابيض إن شركات التكنولوجيا ترفض إقامة قاعدة بيانات لمقاطع الفيديو التي يبثها الجهاديون خشية أن تطالب حكومات قمعية بترتيبات مماثلة لفحص أي محتوى لا يروق لها، وقالت وونج التي كانت من المديرين التنفيذيين السابقين في تويتر وجوجل "شركات التكنولوجيا على حق في حذرها لأنها تعمل على المستوى العالمي وإذا أقامت قاعدة بيانات لغرض ما لا تستطيع القول إنه لا يمكن استخدامها لغرض آخر"، وأضاف "إذا أقمتها فسيأتون. وستستخدم في الصين لقمع المنشقين".

وقد حدثت بعض التغييرات الرسمية في سياسة العمل. فقد قال متحدث باسم تويتر إن الشركة عدلت سياسة سوء الاستخدام لحظر التهديدات غير المباشرة بالعنف بالاضافة إلى التهديدات المباشرة كما حسنت بشكل كبير سرعة التعامل مع الطلبات الخاصة بسوء الاستخدام.

وأضاف المتحدث "بصفة عامة نحن نستجيب للطلبات بسرعة أكبر ومن المطمئن القول إن طلبات الحكومة ضمن ذلك"، وقال فيسبوك إنه حظر هذا العام أي محتوى يشيد بالارهابيين، ووسعت يوتيوب التابعة لجوجل برنامجا غير معروف باسم "المبلغون الموثوق بهم" يسمح لجماعات تتراوح من وحدة شرطة مكافحة الارهاب البريطانية إلى مركز سايمون فيسنتال لحقوق الانسان بالابلاغ عن أعداد كبيرة من مقاطع الفيديو والتصرف في هذه البلاغات على الفور، وامتنعت متحدثة باسم جوجل عن تحديد عدد المبلغين الموثوق بهم لكنها قالت إن الأغلبية أفراد اختيروا بناء على دقتهم في التعرف على المحتوى الذي يخالف سياسات يوتيوب. وأضافت أنه لا توجد وكالات حكومية أمريكية في هذا البرنامج رغم ضم بعض الكيانات الامريكية التي لا تهدف للربح في العام الأخير.

أنصار تنظيم الدولة الإسلامية على الانترنت بينهم 300 أمريكي

من جهة أخرى قالت دراسة أعدها خبراء أكاديميون إن أنصار تنظيم داعش على الإنترنت بينهم حاليا نحو 300 أمريكي، وقال البرنامج الخاص بالتطرف التابع لجامعة جورج واشنطن في الدراسة إن عدد الأمريكيين الآخرين الذين "يستهلكون" دعاية الدولة الإسلامية دون تفاعل يصل الى "عدة آلاف" وإن كان ليس بالضرورة أن يكونوا أنصارا نشطين للجماعة، وأضافت الدراسة أن موقع تويتر هو "الوجهة المفضلة" الأكثر استخداما من جانب المؤيدين النشطين الرئيسيين من الأمريكيين للدولة الإسلامية.

وقالت إن النشطاء المدافعين عن تنظيم داعش والمتعاطفين معه يستخدمون وسائل أخرى للتواصل الاجتماعي من فيسبوك وجوجل بلاس وتامبلر الى تطبيقات الرسائل التي تتمتع بقدر اكبر من السرية مثل كيك وتليجرام، وأشارت الدراسة الى أن على الرغم من أن الحسابات الأمريكية على مواقع التواصل الاجتماعي يتم تعليقها فإن هذا الإجراء أصبح بين النشطاء بمثابة "وسام شرف ووسيلة يستطيع من يتطلع (للانضمام للتنظيم) تعزيز شرعيته أو شرعيتها"، وقال لورينزو فيدينو وهو واحد من واضعي الدراسة الرئيسيين إن على الرغم من أن النواة الأولى لتنظيم الدولة الإسلامية ظهرت في البداية بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 فإن رسالة الدولة الإسلامية "لم يكن لها وجود" قبل أن يرسخ التنظيم وضعه في سوريا ويصبح طرفا في الحرب الأهلية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وقال فيدينو إن إحصاءات مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) تشير الى أن السلطات الامريكية تجري حاليا 900 تحقيق متصل بالإرهاب في الولايات الخمسين. وذكرت دراسته أن السلطات الأمريكية وجهت الاتهام الى 71 شخصا بارتكاب جرائم متصلة بتنظيم الدولة الإسلامية منذ مارس آذار 2014 وإنه تم إلقاء القبض على 51 منهم في 2015.

مجموعة أنونيموس تعلن حربا على الدولة الإسلامية بعد هجمات باريس

قال عضو في مجموعة أنونيموس إن المجموعة -وهي تجمع لمتسللين على الإنترنت- إنها تستعد لبدء موجة هجمات إلكترونية على تنظيم الدولة الإسلامية بعد هجمات باريس، ظهر رجل يرتدي قناعا أبيض مميزا في مقطع فيديو بث على موقع يوتيوب وقال إن الدولة الإسلامية التي تبنت المسؤولية عن هجمات باريس "حشرات" وإن أونونيموس ستقضي عليهم، وقال الرجل متحدثا باللغة الفرنسية "هذه الهجمات يجب ألا تبقى بلا عقاب"، وأضاف دون أن يقدم تفاصيل عن الهجمات المزمعة "سنطلق ضدكم أكبر عملية على الإطلاق. توقعوا الكثير من الهجمات الإلكترونية. الحرب أعلنت. استعدوا.لا نسامح ولا ننسى"، وحظي الفيديو على موقع يوتيوب بأكثر من 1.1 مليون مشاهدة.

أنونيموس شبكة دولية لنشطاء متخصصين في التسلل عبر الإنترنت وزعمت المسؤولية عن عدد كبير من الهجمات الإلكترونية ضد مواقع إلكترونية لحكومات وشركات ومواقع دينية خلال السنوات الماضية.

تلغرام يحجب القنوات الدعائية لتنظيم داعش

في بيان أصدرت إدارة التطبيق تلغرام، ومقرها برلين، قالت إنها أغلقت 78 قناة تابعة للتنظيم، ووعدت بتسهيل الأمر أمام المستخدمين، للتحذير من "المحتوى العام المرفوض"، الذي يتم تشاركه عبر التطبيق، وقال البيان: "انزعجنا بعد علمنا أن تنظيم الدولة استخدم تطبيقنا لترويج مواده الدعائية"، وتأسس تطبيق تلغرام عام 2013، من جانب الأخوين الروسيين بافل ونيكولاي دوروف، وجاءت خطوة منع مواد داعش الدعائية بعد أيام من هجمات باريس، التي وقعت في الثالث عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وبعد سقوط طائرة ركاب روسية فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقبيل إغلاق قنوات تنظيم الدولة على تطبيق تلغرام، نشر التنظيم عددا جديدا من مجلة دابق باللغة الإنجليزية، أشاد فيه بهجمات باريس، كما نشر صورة لقنبلة زعم التنظيم أنها استخدمت في إسقاط الطائرة الروسية في سيناء، ونقل التنظيم آلته الدعائية من تويتر إلى تلغرام، في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، عقب إطلاق تلغرام لخدمة "القنوات"، وأصبحت قناة "ناشر" أول منصة تبث المواد الدعائية للتنظيم، قبل دقائق من نشرها على تويتر.

وجمعت القناة أكثر من 16 ألف مشترك، قبل إغلاقها مع مجموعة كبيرة من قنوات "داعش"، وكانت تلك القنوات تبث بعدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والروسية والتركية وغيرها.

وعلى الرغم من ذلك لا يزال هناك العديد من القنوات التابعة لمجموعات جهادية أخرى تبث عبر تلغرام، كما أن الحملة التي شنها التطبيق لم توقف دعاية تنظيم الدولة، حيث عاد لنشر دعايته عبر شبكة حسابات على تويتر، وتحجب إدارة تويتر الحسابات التي يديرها "داعش" أو يشتبه في انتمائها له، بينما يلعب التنظيم لعبة القط والفأر مع إدارة تويتر.

لكن إدارة تطبيق تلغرام قالت إنها لا تنوي حظر خدمة الرسائل الشخصية التي قد يستخدمها إرهابيون، وإنها سوف تحظر فقط المواد غير القانونية "المتاحة للجمهور"، وحتى قبل إطلاق التنظيم لقناته الدعائية الأخيرة عبر تلغرام، كان هناك دليل على استخدام أعضائه لخدمة الرسائل الشخصية عليه، وفي سبتمبر/ أيلول الماضي أعلن التنظيم عن رقم هاتف عراقي، يمكن للأشخاص استخدامه للاتصال بالتنظيم عبر تلغرام، بهدف دفع فدية مقابل تحرير رهينيتين محتجزتين لدى التنظيم.

واستخدم جهاديون آخرون، يحذون حذو تنظيم الدولة بمن فيهم فتى بريطاني أدين مؤخرا، خدمة الرسائل المشفرة الآمنة التي يتيحها التطبيق في التخطيط لهجمات، وينجذب المتطرفون إلى الخدمة التي يفخر بها تلغرام، وهي "المحادثة السرية"، حيث توفر تشفير قوي للرسائل بين المستخدمين، لتجنب اعتراضهما من جانب قراصنة أو جهات حكومية، ويثق تطبيق تلغرام تماما في إجراءاته الأمنية، وقد أعلن مرتين من قبل عن جائزة بمئات الآلاف من الدولارات، لأول شخص يستطيع فك شفراته.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا