لماذا تعجز السعودية عن صد استهداف الحوثيين لها؟
مصطفى ملا هذال
2019-06-24 06:36
"عاصفة الحزم" ومن ثم "عملية إعادة الأمل" هو عنوان التدخل العسكري الذي قادته السعودية لدعم شرعية نظام هادي في اليمن منذ عام 2015، في خطوة منها لإيقاف نشاط جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) الموالية لإيران على حد تعبيرها.
الغارات الجوية التي اشتركت بها بعض الدول العربية بدافع اعادة الاستقرار في البلاد لم تحقق اي غرض سوى استهداف المدنيين العزل وبعض المؤسسات الحيوية في البلاد.
فصول حرب اليمن مستمرة ونيرانها تلتهم الاراضي السعودية من جديد، فبعد نحو شهر من تعرض محطتين لضخ النفط لهجوم قرب الرياض بطائرات مسيرة نشهد اليوم تسارع في الاحداق وتغيير في المواقف لطرفي الصراع.
آخر المشاهد في مسلسل الحرب كان تنفيذ هجوم حوثي على مطار أبها الدولي بالسعودية الذي أسفر عن اصابة بعض الاشخاص مقابل احداث ردة فعل عربية لحدث غير متوقع.
لاستهداف المطار بصاروخ كروز تداعيات خطيرة على الطرفين فقد يعمد التحالف العربي الى تصعيد النبرة العدائية ومضاعفة الهجمات التي اعتاد على توجيها ضد الابرياء دون مراعاة للقوانين الانسانية.
السعودية تضع هذا الهجوم في خانة الفشل الذريع الذي منيت به جماعة الحوثي، وهي تقاتل جماعة لا تؤمن بالسلام تتخبط في استهداف المدنيين، وما هذه العلمية الا استمرار لمحاولات ديمومة الفوضى في المنطقة العربية برمتها.
الحوثيون يرون الفائدة من استهداف المطار المدني هو ارسال رسالة الى الجانب السعودي والتحالف الذي تقوده لضرب المدنيين منذ اربعة سنوات مفادها لقد حان الوقت لوقف الاعتداءات وانهاء العلميات التي لم تحقق النجاحات المرجوة، كذلك يمكن ان يعتبر ردة فعل على اقدام التحالف العربي على تعليق الرحلات في مطار صنعاء المدني الذي أصبح معطل بالكامل وهو ما تحرمه الاعراف الدولية وكذلك الانسانية.
وربما تعول أنصار الحوثي من الاستهداف على تحريك الضمير الاممي والعالمي وكذلك فك الحصار المفروض على بعض المدن اليمنية الى جانب المطار لفسح المجال امام المسافرين لاغراض مختلفة وإعادة شريان الحيوي في البلاد الى التدفق.
لا يمكن للسعودية وحلفائها ان تخرج ايران من دائرة الاتهامات فهي ترى ان الحوثيون مسيطر عليهم من قبل دولة الملالي وتحرك بهم الاحداث كيفما تريد واي وقت تراه مناسبا، في الوقت الذي ترى الرياض ان إيران اصبحت تعتمد على الحوثيين بصورة اكبر من حزب الله اللبناني كقوة تنفذ أجندتها في الخليج العربي والبحر الأحمر.
المملكة العربية تتوعد برد الصاع بصاعين ولا يمكن ان يمر استهداف مطار بها مرور الكرام بل سيكون رد الفعل ربما اقوى من الفعل نفسه، لاسيما وانها تدرج العمل ضمن جرائم الحرب.
الحوثيين يريدون من هذا الهجوم اكتساب عدة امور من بينها ولعل اهمها توجيه حرب نفسية قوية التأثير ضد السعودية والتحالف مما يؤدي الى خلق حالة من الخوف وعدم الاطمئنان الدائمين، وهذا نابع من عدم معرفة الذي يدور في خلجات الحوثي واي الاهداف السعودية بات قريبا من البوصلة اليمنية.
الحرب في اليمن دخلت طورا جديدا يتمثل بإدخال الطائرات المسيرة وهو ما غير من قوى التوازن في خط المواجهة المباشرة والردع الاستراتيجي ضد تحالف السعودية والإمارات، ما ادى الى اختلاف اساليب الحرب بشكل واضح وبدأت تأخذ مسارات عسكرية وميدانية مختلفة.
ضرب مطار ابها السعودي يفضح فشل الترسانة العسكرية الدفاعية في السعودية ويبين ضعفها، على السعودية ان تعرف ان زمام المبادرة ليس بيدها بعد الاستهداف، لاسيما وان الحوثيون عمقوا من هجماتهم في الداخل السعودي ولم تقف بوجههم الخطوط الدفاعية.
الحوثيون نجحوا في نقل دائرة المعركة الى الاراضي السعودية وأصبحوا بموقع الهجوم بعد ان دافعوا عن اراضيهم لما يقرب من اربع سنين، حيث تمكنوا من وضع السعودية ومن يسير خلفها بموقف لا تحسد عليه في ظل تغيير المعادلة السائدة وفرض الواقع الجديد الذي اجبرهم على الاعتراف بقوة الخصم وعدم الاستهانة به بأي صورة كانت.
ما حدث ينبأ بأن لا خيار أمام التحالف السعودي الإماراتي غير العودة للحل السياسي، بغية الوصول الى مخرج يقي الطرفين شر القتال كون التطورات المقبلة ربما ستكون أكثر كلفة وإحراجا على الاصعدة المختلفة.