سفهاء بغداد والرصاص العشوائي

اسعد عبد الله عبد علي

2019-01-13 05:13

ابو تقى مجرد مواطن بسيط يسكن في مدينة الصدر، كل رزقه من عمله كعامل بناء، وله جيش من الاطفال، اصيب بالشلل قبل اشهر بسبب اصابته برصاصة عشوائية استقرت في راسه، ابو تقى كان راجعا للبيت من السوق وكان ذلك اليوم خميس، حيث تكثر الاعراس ومعها تكثر الاطلاقات العشوائية في الهواء! لحظتها سقط على الارض وتبعثرت مشترياته (الطماطةوالبصل والخبز) والذي اشتراه لأطفاله، مع ذهول المارة وصراخ النساء، الان وضعه الصحي سيئ وحالة عائلته تدهورت كثيرا، فهم في محنة قد تطيح بالعائلة، بسبب شخص همجي وجاهل رمى اطلاقات في الهواء فقط لأنه يشعر بالفرح! من دون ان يفكر اين ستذهب هذه الرصاصات العشوائية.

قصص الاصابات بالإطلاقات العشوائية كثيرة جدا ومحزنة، يقابلها سفاهة كبيرة واستفحال لحالة شاذة يمارسها البعض بكل عناد، فكم طفل قتل وكم امرأة تحولت الى معاقة بأفعال سفهاء بغداد، الذي يرمون الاطلاقات النارية العبثية في الهواء، في زمن يغيب فيه القانون، وتعبث بالحياة الكائنات النتنة التي تمارس الشذوذ والسفه بشكل دائم، لأنها تفتقد الشعور بالمسؤولية ومنزوعة الايمان بالله! والا لكانت ترددت قبل الشروع بالقتل، فرمي الاطلاقات بالهواء هو شروع بقتل انسان وهو فعل اختياري يقدم عليه سفلة الامة، بسبب شعورهم بالفرح او الحزن، وهو محاولة تلويث الحياة واشاعة الرعب والخوف في كل مكان.

لماذا مات قانون العقوبات؟

يوجد قانون عراقي يسمى قانون العقوبات، وهو مشرع منذ ستينات القرن الماضي، قد فصل لحماية المواطن من تجاوز الاخرين على حياته، ولو نفذ بشكل صارم لتم حماية حقوق الناس، ولأختفت المظاهر السلبية الكبيرة المنتشرة حاليا، واجزم انه لو فعل قانون العقوبات لانتهت ظاهرة الرمي العشوائي للإطلاقات، ولتم حفظ حقوق الناس، لكن الطاغية صدام كان يريد ان يعيش للمجتمع العراقي دوامة المشاكل والاضطراب، كي لا ينافسه احد على الحكم، ويبقى المجتمع غارق في مشاكله، فصدام حاكم كان كل همه ان يسيطر على الحكم، لكن لماذا استمر منهجه في الحكم يورث من حاكم الى اخر؟

منذ عام 2003 وقانون العقوبات مغيب بقرار من جهات عليا، لا تريد لهذا الشعب ان تنتهي مشاكله وان ينشغل بصغائر الامور، فلو يفعل فيسجن فعاله ويصادر سلاحه ويفتضح بين المجتمع لما عاد اليه احد، فالبعض اذا امن العقاب اساء الادب.

الحل بيد الحكومة والاحزاب

الحل ممكن جدا وسهل ومتيسر للخلاص من هذه المشكلة، فلو تقرر الحكومة هذه الليلة منع الاطلاقات العشوائية، وقامت نشر جملة عقوبات بحق من يقوم بهذا الفعل الشنيع، مع وضع الية لتفعيل القانون خصوصا في المناطق الشعبية، عبر الرصد بواسطة الكاميرات، ونشر الشرطة المجتمعية، وتكليف المجالس البلدية بالأمر والا قطعت رواتبهم وتعرضوا للعقوبات، او يحاسب صاحب العرس بالحبس وغرامات كبيرة، اذا حصل رمي للإطلاقات في عرسه، ويحاسب صاحب العزاء اذا حصل رمي في التشييع، واليات اخرى يمكن ان تصل لها افكار الساسة، وكلها تمكن المجتمع ان يعيش امن من دون خوف على حياته.

اخيرا نقول: ننتظر صولة حكومة عبد المهدي لتحقيق شيء ما، بعد الفشل الذريع لكل من سبقه، ويمكن ان يكون مفتاح مهم لتفعيل قانون العقوبات، وحماية المجتمع من السفهاء.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي