مع تنامي دور الدين في السياسة: ماليزيا تصبح ملاذا للمتشددين
وكالات
2017-11-06 04:10
عندما خرج الداعية الإسلامي الهندي ذاكر نايك، الذي كانت آراؤه المتشددة سببا في إجراء تحقيق جنائي في بلاده، من أحد المساجد الكبرى في ماليزيا الشهر الماضي التفت أعداد غفيرة من محبيه حوله سعيا لالتقاط الصور معه. بحسب رويترز.
كانت تلك مرة من المرات النادرة التي ظهر فيها نايك بصحبة حارس خاص في مسجد بوترا بالعاصمة الإدارية الماليزية الذي اعتاد رئيس الوزراء والوزراء أداء الصلاة فيه، وكان نايك، الذي منعته السلطات في بريطانيا من دخول أراضيها، قد حصل على الإقامة الدائمة في ماليزيا واحتضنه مسؤولون كبار في الحكومة.
ويرى منتقدون في وجود نايك في ماليزيا علامة أخرى على دعم التشدد الإسلامي على مستوى عال في البلاد التي توجد فيها أقليات كبيرة من المسيحيين والهندوس والبوذيين والتي تصور نفسها منذ فترة طويلة على أنها من الدول الإسلامية المعتدلة.
وفي السنوات الأخيرة تنامى الدعم لدور أكبر للإسلام في السياسة في ظل حكم رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق وخاصة بعد خسارته التصويت الشعبي في الانتخابات العامة عام 2013 في أسوأ أداء للائتلاف الحاكم في الانتخابات على الإطلاق.
ومنذ ذلك الحين يحاول حزبه الحاكم استرضاء قاعدة عرقية من المسلمين الملايو يتزايد اتجاهها للمواقف المحافظة وأصبح الدين ساحة للتنافس قبل الانتخابات التي يتعين على رئيس الوزراء الدعوة إلى إجرائها بحلول منتصف العام 2018.
وقد أثار نايك الطبيب البالغ من العمر 52 عاما الجدل بأفكاره الأصولية حيث ذكرت تقارير إعلامية أنه أوصى بتطبيق عقوبة الإعدام على المثليين والمرتدين عن الإسلام، وفي مقطع فيديو على يوتيوب يظهر نايك وهو يقول إنه إذا كان أسامة بن لادن ”يرهب أمريكا الإرهابية، الإرهابية الكبرى، فأنا معه“.
وفي الأسبوع الماضي أعدت وكالة مكافحة الإرهاب الهندية اتهامات لتوجيهها إلى نايك وقالت إنه ”يروج للعداء والكراهية بين الجماعات الدينية المختلفة في الهند من خلال خطبه العلنية ومحاضراته“.
وأوقفت بنجلادش قناة بيس (السلام) تي.في التي تبث خطب نايك بعد أن ذكرت تقارير إعلامية أن منفذي تفجير في مقهى بداكا أسفر عن سقوط 22 قتيلا العام الماضي كانوا من المعجبين به. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن ذلك الهجوم.
وقال رشيد علي المحلل بكلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن الحكومة الماليزية تؤوي نايك لأنه ”لا يزال شخصية لها شعبيتها بدرجة معقولة بين الملايو الذين يتغاضون عن الجوانب الأكثر مدعاة للخلاف فيه“، وأضاف ”إذا طردته الحكومة من البلاد فهذا سيجعلها تخسر المصداقية الدينية في عيون الناس“.
صور فيسبوك
عندما ظهر في مسجد بوترا الشهر الماضي سألته صحفية من رويترز عن التحقيق في الهند فاكتفى بالقول ”معذرة ليس من اللائق لي أن أتحدث مع السيدات على الملأ“، ولم يرد نايك على طلبات لاحقة من رويترز للتعليق.
وقال أحمد زاهد حامدي نائب رئيس الوزراء الماليزي للبرلمان يوم الثلاثاء إن نايك، الذي حصل على الإقامة الدائمة قبل خمس سنوات، لا يحظى ”بمعاملة تفضيلية“، وأضاف ”خلال الفترة التي أقامها في هذا البلد لم يخرق أي قوانين أو لوائح. ومن ثم فلا يوجد ما يدعو من الناحية القانونية لاعتقاله أو القبض عليه“. وتابع أن الحكومة لم تتلق أي طلب رسمي من الهند ”فيما يتعلق بمزاعم الإرهاب التي تدور حوله“.
وقد نشر زاهد ورئيس الوزراء على فيسبوك صورا للقاءاتهما مع نايك العام الماضي في ماليزيا، ورفعت مجموعة من النشطاء الماليزيين دعوى أمام المحكمة العليا لترحيله وقالت إنه يمثل خطرا على السلم العام في المجتمع متعدد الأعراق حيث يمثل غير المسلمين 40 في المئة من سكان ماليزيا، وقالت تلك المجموعة إنها لا تعلم شيئا عن ذهاب نايك إلى مسجد العاصمة الإدارية بوتراجايا أو مكان إقامته في ماليزيا.
وقال مسؤولون في مسجد بوترا إن نايك يحضر صلاة الجمعة في المسجد منذ حوالي الشهر. كما شوهد في مساجد ومستشفيات ومطاعم أخرى بالعاصمة الإدارية في الشهور الأخيرة وذلك وفقا لما قاله شهود تواصلت رويترز معهم، وسبق أن نفى نايك الاتهامات الهندية. ففي مقابلة مع قناة تلفزيونية كويتية في مايو أيار قال إن حكومة القوميين الهندوس بزعامة ناريندرا مودي تستهدفه بسبب شعبيته.
وفي الأسبوع الماضي حث الحزب الإسلامي الماليزي، الذي سبق أن دافع عن نايك في الماضي، الحكومة على تجاهل أي طلب محتمل من الهند لتسليمه إليها وقال إن الاتهامات تستهدف ”قطع الطريق على ما له من نفوذ وجهود نشر الوعي الديني بين المجتمع الدولي“.
السلاطين التسعة
غذت الجماعات الإسلامية الجدل بمحاولة فرض مثلها في البلد متعدد الثقافات. وألغت السلطات الماليزية مهرجانا للبيرة الشهر الماضي استنادا لأسباب أمنية ومنذ سنوات يواجه نجوم الغناء العالميون الذين يرغبون في الظهور في حفلات في ماليزيا قيودا على ملابسهم ورقصاتهم.
والإسلام هو الديانة الرسمية في ماليزيا. غير أن القوانين علمانية ولكن توجد بالبلاد محاكم شرعية للنظر في الدعاوى المدنية التي تخص المسلمين.
وفي الشهر الماضي دعا سلاطين ماليزيا التسعة، الذين يتداولون منصب ملك البلاد فيما بينهم ويعتبرون حماة الإسلام رسميا في ماليزيا، إلى الوحدة والتوافق الديني بعد ما وصفوه ”بأفعال مبالغ فيها“ باسم الإسلام. وندد أحد السلاطين بشدة بمغسلة للمسلمين فقط.
وقال أحمد فاروق موسى مؤسس جبهة النهضة الإسلامية التي تدعو للوسطية لرويترز ”نحن نشهد هذا الانجذاب إلى الأصولية وإلى فكرة محافظة عن الإسلام لأن الحكومة الحالية لم تعد تريد أن تظهر بمظهر العلمانية“.
وفي سبتمبر أيلول اعتقل الكاتب التركي مصطفى أكيول لإلقاء خطاب دون الحصول على إذن من السلطات في العاصمة الماليزية قال فيه إنه يجب ألا تلعب الحكومات دور الشرطي فيما يتعلق بالدين والأخلاق.
وقال زاهد الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية إنه تم حظر كتاب أكيول (الإسلام بلا تطرف: دعوة إسلامية للحرية) وذلك لأنه ”يخالف أعراف المجتمع في ماليزيا“، وقال فاروق الذي نظم الخطبة التي ألقاها الكاتب التركي إنه يواجه الآن اتهامات بمساعدة أكيول.