تحرير الحويجة: هل هناك علاقة بين تاريخ بدء المعركة واقتراب موعد استفتاء كردستان؟

عبد الامير رويح

2017-09-23 05:30

بعد تحرير الموصل وتلعفر من قبضة تنظيم داعش الارهابي، بدأت القوات العراقية المشتركة معركة جديدة، حيث أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي بدء العمليات العسكرية لطرد التنظيم المتطرف من مدينة الحويجة، أحد آخر معقلين له في البلاد، والتي تقع على بعد 230 كيلومترا شمال شرق بغداد و45 كيلومترا من مدينة كركوك الغنية بالنفط. ويسكنها حوالى 70 ألف نسمة.

وصرح مصدر أمني، أن "قوات من الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والعشائري تشارك في الهجوم الذي انطلق فجر اليوم من عدة محاور"، موضحا أنه جرى البدء برفع الساتر الترابي الذي كان يشكل خط الدفاع الأول، ومن ثمّ انطلقت الآليات المدرعة والدبابات في أراضٍ مفتوحة دون مقاومة، تحت غطاء طيران الجيش العراقي وقصف مدفعي مركز.

ويرى بعض المراقبين معركة تحرير الحويجة ربما تكون تحدي جديد لحكومة العراقية، خصوصا وانها تأتي في وقت مهم وحساس جدا، حيث يأتي اعلان المعركة متزامنا مع ازمة بغداد الحادة مع الاقليم الكردي الذي يصر على اجراء استفتاء الانفصال عن العراق، ويشمل مدينة كركوك ومناطق اخرى استطاعت قوات البيشمركة الكردية السيطرة عليها بعد عام 2014. وهو ما تعترض عليه الحكومة المركزية ودول اخرى، الامر الذي قد يتسبب في حدوث صراع جديد في هذه المنطقة، وترتبط الحويجة كبرى مدن كركوك المتنازع عليها بعدد من المحافظات هي اربيل والسليمانية وصلاح الدين وديالى، بالإضافة الى كركوك. ويرى المراقبون العسكريون ايضا ان معركة الحويجة لن تكون سهلة لكونها ترتبط بسلسلة جبلية تمتد حتى الحدود الايرانية، وهذا سيسهل على الارهابيين الهروب عبر هذا الطريق الوعر.

تحرير الحويجة

وفي هذا الشأن أعلن العراق بدء هجوم لطرد مقاتلي تنظيم داعش من منطقة الحويجة التي تقع غربي مدينة كركوك الغنية بالنفط. يأتي الهجوم الذي أعلنه رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل أربعة أيام من إجراء استفتاء على استقلال الأكراد في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال العراق بما في ذلك كركوك. وقال العبادي إنه يعتبر الاستفتاء غير دستوري ودعا حكومة إقليم كردستان إلى إلغائه. وتتحول كركوك إلى نقطة ساخنة قبل استقلال استفتاء الأكراد إذ يعيش فيها أيضا عرب وتركمان يعارضون الانفصال عن العراق.

وسيطرت قوات البشمركة الكردية على كركوك عام 2014 على الموصل مما حال دون سيطرة المتشددين على الحقول النفطية في المدينة. ولم يتضح إن كانت خطة الأكراد لإجراء الاستفتاء في كركوك ستتأثر بهجوم عراقي تدعمه الولايات المتحدة على الحويجة مما من المرجح أن يؤدي إلى تدفق نازحين على المناطق المجاورة. وقالت الأمم المتحدة إن ما يصل إلى 85 ألفا قد ينزحون عن منطقة الحويجة.

وأصدرت الولايات المتحدة أشد بياناتها ضد الاستفتاء. وقال هيذر ناورت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ”تعارض الولايات المتحدة بشدة الاستفتاء على استقلال حكومة إقليم كردستان العراق المقرر في 25 سبتمبر“. وتعتبر الحويجة التي تقع إلى الشمال من بغداد وقطاع من الأراضي على الحدود مع سوريا غربي العاصمة العراقية هما آخر منطقتين تحت سيطرة تنظيم داعش في العراق. بحسب رويترز.

وكان التنظيم المتشدد قد بسط سيطرته على حوالي ثلث الأراضي العراقية عام 2014. وانهارت دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم المتشدد فعليا في يوليو تموز عندما انتزعت القوات العراقية مدينة الموصل معقل اتنظيم في العراق. وتسيطر داعش على أراض في سوريا أيضا على الحدود مع العراق لكن المناطق الخاضعة لسيطرتها تنكمش بسرعة في وجه هجوم تحالف يقوده الأكراد وتدعمه واشنطن من جهة وقوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد وتدعمها روسيا وإيران من جهة أخرى.

انتصارات مستمرة

الى جانب ذلك تمكنت القوات العراقية من تحرير عدد من المناطق والبلدات، وقتل العشرات من الارهابيين عقب ساعات فقط على اعلان الحكومة بدء معركة استعادة الحويجة والشرقاط شمال البلاد. وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد جودت ان قطعات الشرطة الاتحادية حررت تسعة قرى ومنطقة ضمن الساحل الايسر للشرقاط 45 كلم شمال تكريت مركز محافظة صلاح الدين، مضيفا ان المعركة أسفرت عن قتل 50 داعشيا وتدمير العديد من الاليات والاسلحة.

وأعلنت قوات الحشد الشعبي فور بدء الحملة العسكرية، سيطرتها على العديد من القرى في الطريق إلى الحويجة. وذكر الموقع الرسمي لإعلام الحشد الشعبي أن "قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والرد السريع والحشد الشعبي استعادت قرى حصاروك، وشندر العليا، وكنعوص، وعين كاوة، الواقعة شمال الساحل الشرقي لنهر دجلة المار بالشرقاط"، ضمن العملية العسكرية.

وأضاف الموقع أن القوات تقدمت من ستة محاور بمشاركة ألوية الحشد وقطعات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب. وكان الجيش العراقي قد حقق انتصارات كبيرة على تنظيم داعش في الأشهر الماضية ونجح في طرده من مدينة الموصل وتلعفر ومحافظة نينوى.

ويدعم تقدم القوات العراقية التحالف الدولي، الذي شن حربا جوية على مسلحي التنظيم في 2014، بعد أشهر قليلة من سيطرة مسلحيه على مساحات كبيرة من الأراضي السورية والعراقية. وخسر التنظيم معظم المناطق التي كان يسيطر عليها في العراق، وهو يتراجع في سوريا أيضا أمام تقدم القوات الحكومية والقوات الروسية والقوات الموالية للحكومة. وتمكن الجيش العراقي، بعد شهور من القتال، من إبعاد تنظيم داعش من شمال البلاد، باستثناء منطقة الحويجة، التي يزحف نحوها للقضاء على التنظيم تماما.

هزيمة وانكسار

على صعيد متصل تحدثت مصادر محلية في العراق عن اختفاء العشرات من عوائل قادة تنظيم "داعش" في الحويجة، بالتزامن مع تقدم الجيش العراقي وتنامي الانقسامات داخل التنظيم. ونقل موقع "السومرية نيوز" عن مصدر محلي في كركوك أن هناك موجة خلافات حادة في صفوف قادة التنظيم بقضاء الحويجة، تزامنا مع اختفاء العشرات من عوائل التنظيم في ظروف غامضة. واعتبر المصدر أن "تحرير الموصل وبعدها تلعفر أسقط كل الركائز النفسية التي كان يعتمد عليها تنظيم داعش لرفع معنويات عناصره حيث تحطمت غطرسة دولة الخلافة التي لا تقهر". وتحدث المصدر عن "حمى تسليم مقاتلي داعش أنفسهم للقوى الأمنية بشكل طوعي"، مؤكدا أن الأخبار عن هذه الاستسلامات أصبحت تنتقل في مناطق سيطرة التنظيم دون محاذير.

وبيّن المصدر، أن "موجة من خلافات حادة ثارت بين قادة الصف الأول في تنظيم داعش لوجود قيادات رافضة لمبدأ التسليم وأخرى مؤيدة له". وأشار أيضا إلى أن "العشرات من عوائل قادة ومسلحي التنظيم اختفت في ظروف غامضة من الحويجة ومحيطها وسط أنباء بأنها خرجت صوب مناطق أخرى للهروب بحجة أنهم نازحون". يذكر أن تنظيم "داعش" سيطر على قضاء الحويجة بمحافظة كركوك في صيف 2014.

وحسب معلومات يبقى في الشرقاط عناصر التنظيم المحليون، إضافة إلى أطفال من عناصر تنظيم "أشبال الخلافة"، الذي شكله "داعش" من قاصري أطفال مسلحي "داعش" وأطفال أسرى، لاسيما أطفال إيزيديين مخطوفين. كما تحدث مصدر محلي في محافظة كركوك عن مقتل قيادي بارز في "داعش"، كان يشغل منصب ما يسمى "والي الحويجة" بقصف جوي عراقي. وأوضح أن القيادي الداعشي هو المدعو حسم ولي البياتي الملقب بـ "أبو هيثم".

كما أفاد القيادي في الحشد الشعبي العراقي جبار المعموري في وقت سابق، بأن تنظيم (داعش) الإرهابي أعدم أبرز قادته العرب في الحويجة بتهمة التخاذل واعتقل 3 آخرين من قيادات التنظيم بالمدينة. وقال "إن تنظيم (داعش) أعدم الإرهابي أبو موسى الشامي أبرز قادة التنظيم في ريف الحويجة جنوب كركوك بتهمة التخاذل رميا بالرصاص". وأضاف أن التنظيم اعتقل ثلاثة آخرين لذات التهمة، متوقعا نشوب صراع دام بين أقطاب داعش خلال فترة وجيزة بسبب الخلافات الكبيرة بين أتباعه وحالة الفوضى التي تدب في كل خلايا التنظيم.

وأعلنت خلية الإعلام الحربي ايضا، عن تدمير وحرق أماكن التفخيخ ومستودعات تنظيم "داعش" الإرهابي وقتل العشرات منهم في قضاء الحويجة بمحافظة كركوك. وقالت في بيان إن "صقور الجو الشجعان وطيران نفذوا ضربات جوية داخل مدينة الحويجة استهدفت أماكن تفخيخ ومخازن لأسلحة عصابات داعش الإرهابية". وأضافت الخلية إن "الضربات الجوية أسفرت عن تدمير وحرق أماكن التفخيخ والمستودعات وقتل العشرات من عناصر التنظيم الإرهابي".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي